IMLebanon

الكرد يستعجلون النظام الاتحادي

تغيرت الدنيا من حول القضية الكردية التي قوبلت على مدى عقود بالإنكار الاقليمي والدولي. ولم يعد المثل القائل ليس للكرد صديق سوى الجبال يعبر تماماً عن حال الشعب الكردي في كل أماكن وجوده. فالأصدقاء في هذه الأيام كثر وأقوياء. والأنظمة القامعة قوية أيضاً. اقليم كردستان العراق الذي تولت أميركا حمايته أيام صدام حسين، ثم رعايته وضمان النظام الفيديرالي له في الدستور، يتمتع أيضاً بصداقة الروس والأوروبيين وله علاقات سياسية وتجارية مع تركيا التي تضطهد أكرادها، كما مع ايران والعالم العربي. والقوى الأساسية في كرد سوريا، وفي طليعتها حزب الاتحاد الديمقراطي، تتمتع بصداقة أميركا وروسيا وحمايتهما وتخوض معاركها ضد داعش الى جانب الجيش السوري في المناطق نفسها وتتلقى الدعم والأسلحة من دمشقكما قال الرئيس بشار الأسد.

اقليم كردستان الذي رفع شعار الفيديرالية هي الحل وأقام في ظلها دولة كاملة الأوصاف يرى حالياً ان الفيديرالية لم تكن تجربة ناجحة ويتوجه الى اجراء استفتاء على الاستقلال الكامل. والكرد السوريون ينتقلون من الادارة الذاتية لمناطقهم الى اعلان النظام الاتحادي الديمقراطي لروج آفا، شمال سوريا عبر الربط بين مناطق عين العرب وعفرين والجزيرة. وهم مستعجلون ويتحركون حالياً في اطار التحالف مع أقليات المنطقة وتيارات علمانية تحت علم وقوات سوريا الديمقراطية.

لكن الاعتراض واسع على الخطوة الكردية. أميركا قالت انها لن تعترف بها. النظام والائتلاف الوطني المعارض والأتراك والايرانيون يلتقون على رفض اعلان الفيديرالية. بعضهم على أساس أن شكل النظام السوري الجديد يختاره السوريون معاً لا أي طرف واحد. وبعضهم الآخر من منطلق العداء التاريخي لأي تغيير في أوضاع الأكراد.

والكل، بصرف النظر عن اختلاف النظرات الى التسوية السياسية، يعلن التمسك بوحدة الأرض والشعب. لكن سوريا بعد خمس سنوات من الحرب ليست موحدة، لا أرضاً ولا شعباً ولا مؤسسات. واذا كان توحيد الأرض ممكناً بالقوة، فإن توحيد الشعب والمؤسسات مهمة مستحيلة بالقوة، وممكنة فقط بالحل السياسي الديمقراطي. واذا كان اعلان التقسيم ممكناً بالقوة، فان الفيديرالية تحتاج الى اتفاق ورضى متبادل.

والواقع ان موسكو اطلقت كرة الفيديرالية في الهواء. وواشنطن حذرت من التقسيم تاركة خيار الفيديرالية مفتوحاً في اعداد الدستور السوري الجديد. والنظام يفضل بالطبع المركزية الشديدة. والائتلاف الوطني المعارض يطرح اللامركزية الادارية من دون ان يغلق الباب على اي خيار في المؤتمر التأسيسي المفترض. لكن الوقائع متحركة. والحرب على داعش والنصرة وبقية التنظيمات الارهابية طويلة. ولا أحد يعرف أي صورة لسوريا تتبلور في النهاية.