IMLebanon

الكويت ولبنان

ما بين الكويت ولبنان، أكثر من وجه شبه وباب محبة، وكلاهما دفع من رصيده الديمقراطي والأمني نظير العواصف الهوجاء التي تغطي المنطقة، وما صاحب تلك العواصف وما ترتب عليها من تداعيات اقتصادية واستقرارية، بلغت في لبنان حد تهديد الأمن الاجتماعي المغطى جماعياً، والمكشوف إفرادياً، وهو البلد السياحي، بامتياز، أو هكذا كنا نعتقد ويعتقد ضيوفنا العرب الذين رغم تشوش الأمن وكرب النفايات، ما زالوا يعتبرون لبنان قبلة الأنظار ومحط الرحال.

وتشاء الصدف، أنه بعد سقوط المواطنين الكويتيين الثلاثة في غضون أسبوع واحد، من قبل نازحين لصوص، كاد أن يلقى أربعة لبنانيين نفس المصير على أيدي جماعة فوضوية في ساحل العاج، استهدفت رواد المطاعم، وكأنها تحاول الثأر من جوع. والمطمئن في الحالين، أن الكويتي لم يكن مقصوداً فيما تعرض له كمواطن كويتي، وكذلك الحال بالنسبة للبنانيين في ساحل العاج، إنه القدر الغاشم…

بالنسبة لذوي الضحايا، ألم الفراق مرتبط بموت الأحبة، بغضّ النظر عن المسببات أو الدوافع، لكن على المستوى العام، لو لم تكن السرقة هي الدافع، أو كان ثمة خلفية ارهابية لما حصل، لكانت ردود الفعل أكثر صعوبة وارتدادات على واقع العلاقات الأهلية بين الشعبين الشقيقين، على اعتبار ان العلاقات الرسمية، فوق هذه الأحداث الظرفية بالتأكيد.

وقد لعبت سرعة القبض على الجناة، من قبل جهاز المعلومات في الامن الداخلي، وجهاز امن الدولة، ما عجّل في تهدئة النفوس الوجلة، وطمأن الى أنه ما زالت في لبنان قوى أمنية ساهرة وقادرة، بفيض الخبرة، وبمعزل عن حجم الامكانات، المرصودة لتوفير أمن أربعة ملايين لبناني ونصف المليون، فيما المطلوب منها توزيع الجهد على مليون ونصف مليون اضافي، من النازحين السوريين، وهنا موطن الخلل، الذي تتجاهله الدول، المرعوبة من احتمالات نزوح النازحين باتجاهها.

يضاف الى كل هذا، الحاجات النفسية المنحرفة لدى بعض الناس، نتيجة الظروف الناجمة عن الحرب السورية المدمرة للنفس وللضمائر وحتى للأخلاق، التي تبيح القتل وتستسهله لأبسط الأسباب وأوضع الغنائم. ناهيكم عن القواعد الدينية التي تلاعب بها تجار الأديان ومستثمرو المذاهب لحساب قوى وتيارات تجزل العطاء وتعبث بالأفكار، ما حوّل هذا البلد الرائد في محيطه بالحرية والديمقراطية والثقافة، بؤرة للفوضى المدمرة.

لبنان الذي وصفه أحد الكتّاب الكويتيين خالد عبد العزيز السعد يوماً، ب البلد الجميل والذي كان بدراً يضيء الزمان والمكان هذا البلد الرائع بات يعيش في سباق محموم مع التوترات والحروب والجنون، فالدولة غائبة أو مغيبة، وعاجزة عن قمع أعمال الخطف والسلب والابتزاز، على أيدي عشائر وعصابات صغيرة تتحرك في وضح النهار، وفي حماية الظروف الحاكمة للوضع العام، والضاغطة من اجل الحفاظ على غيبوبة الدولة وشلل الحكومة.

في لبنان طوف من الأحزاب والتيارات والنازحين واللاجئين والأشقياء والمطلوبين، ومع ذلك، لم يسبق أن قتل مواطن عربي، سائحاً كان أو مقيماً أو عابر سبيل، لأجل سرقته وبوسائل القتل الشائعة في زماننا الحاضر، ثقافة القتل المصحوبة بالوحشية المفرطة، تُعد جديدة على مناخ الاجرام في لبنان، هذه الثقافة اثبتت ان الضباع أفضل من بعض البشر على المستوى الاخلاقي العام.

الراهن ان الحقيقة تؤلم من تعود على الأوهام، ومتى غابت سلطة الشرعية، سادت شريعة الغاب.

الكويت صنو لبنان وشبيهه في الكثير من المجالات، وقد استوعبت حكومتها وشعبها ما حصل على أرض لبنان، التي حولتها الفوضى العربية والطموحات الاقليمية الى غابة، وتفهمت فردية الجريمة. ونوه سفيرها عبد العال القناعي بجهد القوى الامنية التي اعتقلت اللصوص الجناة قبل ان تجف دماء الضحايا، لكن ليس في كل مرة تسلم الجرة…