Site icon IMLebanon

لبنان يطالب بلجنة خليجية – لبنانية للبحث بالمبادرة

 

قبل ساعات من انعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب في الكويت اليوم، يُفترض ان يكون لبنان قد ارسل امس ردّه على المقترحات الكويتية ـ العربية، لبناء جسور الثقة بينه وبين الدول الخليجية. وكشفت مصادر مطلعة، انّ هذا الردّ جاء متناسقاً مع بنود الورقة التي تسلّمها، مقترحاً تشكيل لجنة لبنانية ـ خليجية للنظر في سبل تطبيق بعض البنود، لمساعدة لبنان في إعادة وصل ما انقطع مع الدول الخليجية. فهل ستتجاوب؟

بعد أسبوع بالتمام والكمال أنجز لبنان ردّه على ورقة المقترحات العربية – الخليجية المدعومة دولياً، التي حملها يوم السبت الماضي وزير الخارجية الكويتية الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، بما تضمنته من رسائل متعددة الاتجاهات. وهي خطوة عدّت تفهماً لبنانياً لأهمية المبادرة في شكلها ومضمونها وتوقيتها، والتي لا يمكن أي مسؤول في اي موقع كان ان يتجاهلها او يهملها، على الرغم من حجم الاهتمامات الداخلية ومسلسل الاستحقاقات التي يواجهها لبنان على اكثر من مستوى، والفشل المتمادي في مواجهة وطي أي منها، وهو ما ادّى الى تناسلها من قطاع الى آخر، حتى بلغت مختلف وجوه حياة اللبنانيين.

 

وفي ظلّ هذه المعطيات المبدئية، توقفت مراجع سياسية وديبلوماسية أمام طريقة تعاطي اللبنانيين مع الورقة، من خلال تجاوز عدد من المراحل التقليدية الروتينية التي كان يمكن ان تعوق التوصل الى ردّ سريع يتجاوب وحجم المهلة الفاصلة بين تسلّم الورقة وموعد اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب، الذي اختير محطة لمناقشة هذا الملف، في محاولة وُصفت بأنّها جدّية للإسراع في طيه ورسم خريطة الطريق لما سُمّي استعادة الثقة بين لبنان ومجموعة الدول الخليجية، تجاوباً مع ما عبّرت عنه أكثر من شخصية عربية ودولية سبق لها ان ساهمت في ترميم العلاقات التي اهتزت منذ أشهر عدة، وزادت من حجم الأزمة التي يعاني منها لبنان، مخافة ان تنتقل تداعياتها الى ساحات أخرى، عدا عن هشاشة الوضع القائم في لبنان، مع وجود قرار دولي بضرورة الإسراع في إنقاذه.

 

وعليه، فقد كشفت هذه المصادر، انّ الرد اللبناني جاء متناسقاً مع شكل الورقة الكويتية في شكلها ومضمونها. ومن اطّلع على مضمونه وجد أنّه حافظ على الشكل عينه، فجمع الملاحظات اللبنانية في ورقتي فولسكاب، مفنّداً البنود الإثنتي عشرة التي جمعتها الرسالة بطريقة حافظ الرد فيها على أولويات البنود كما وردت بنداً بنداً، مع مقدّمة قصيرة ردّدت التأكيد على فهم اللبنانيين جدّياً لما حملته الورقة الكويتية. واكّد الردّ نية لبنان بالتجاوب مع كل ما يؤدي الى «بناء جسور الثقة مع لبنان وفقاً للمعطيات الناتجة من الأزمة الأخيرة، والتي تتطلب اتخاذ إجراءات وخطوات ثابتة لإزالة أي خلاف» بينهما.

 

وفي التفاصيل التي تضمنها الردّ اللبناني قياساً على ما سبق من توصيف له، فإنّه جدّد التزام لبنان بالبند الأول الذي اشارت اليه الورقة لجهة احترام وتطبيق «استحقاقات مؤتمر الطائف» على الرغم من انّ لبنان لم ينفّذ بعد كافة مندرجاته ولأسباب داخلية محضة، لكن ذلك لم يتوقف الى اليوم.

 

وعند تناول البندين الثاني والثالث، شدّدت الورقة اللبنانية على مضمونهما لجهة «التزام لبنان بكافة قرارات الشرعية الدولية وقرارات جامعة الدول العربية»، كما بالنسبة الى «التأكيد على مدنية الدولة اللبنانية وفق ما جاء في الدستور اللبناني، وهو امر لم يتجاهله لبنان يوماً، وانّ العودة الى البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة منذ تلك الحقبة خير شاهد على ذلك.

 

وفي شأن البند الرابع الخاص بأنّ «سياسة النأي بالنفس يجب أن تكون قولاً وفعلاً»، اكّدت الورقة انّ «لبنان الرسمي» لم يتبنَّ حتى اليوم وفي اكثر من مناسبة ما يؤدي الى الخروج او الشذوذ عن هذه القاعدة. وإن حصل ذلك فلسبب يتخطّى قدراته العملية.

 

وعند بلوغ البند الخامس الخاص بالقرارات الدولية، فنّدت الورقة اللبنانية موقف لبنان من كل قرار على حدة. وبعدما اكّدت التزام لبنان بالقرار 1701 فإنّ أي عائق يحول دون تنفيذه لا يمكن مساءلة لبنان في شأنه. فالقوات الدولية تعترف يومياً بحجم ما بذله لبنان لتأكيد التزاماته، وهي تشكو معنا من حجم الارتكابات الاسرائيلية ولا حاجة للتفصيل في هذا البند. اما في ما يتصل بالقرارين 1680 والـ 1559 فلا يمكن تجاهل أنّهما قراران لا يعنيان لبنان منفرداً، فإنّ تنفيذهما مرتبط بأدوار والتزامات فُرضت على دول اخرى مجاورة وبعيدة عنا ولم تنفذهما. ولذلك، وتأميناً للخروج من المأزق، فقد اشارت الورقة الى المناقشات التي ما زالت قائمة في عدد من العواصم لترجمتها. ولذلك ارتأى لبنان ان تُشكّل لجنة خليجية ـ لبنانية للبحث فيها على ان تضمّ كأولوية من تنتدب دول مجلس التعاون الخليجي ليمثلها، وإن رغبت دول اخرى عربية فلبنان يرحّب بها. فقد أثبتت الوقائع التي لا يمكن التنكّر لها انّ «لبنان الرسمي» عجز عن تطويع القوى الاقليمية والدولية التي يمكن ان تساعده لهذه الغاية.

 

وعند الردّ المتعلق بـ «وقف تدخّل «حزب الله» في شؤون الخليج»، أشارت الورقة اللبنانية إلى انّ ما بلغه النزاع الاقليمي والدولي تجاوز قدرات لبنان على ضبط الوضع، وانّ مختلف الدول العربية تدرك ذلك، وأنّ اي تعاون دولي واقليمي لتنفيذ هذا البند سيكون مطلوباً ومفيداً. اما في شأن ما اشار اليه البند السابع، فقد اثبت لبنان أخيراً انّه ضامن أن لا يكون مقراً لأي عمل عدائي ضد دول مجلس التعاون. وبالإضافة الى الإجراءات التي اتخذتها المديرية العامة للأمن العام، فقد عبّرت الحكومة في مواقفها عن الرفض المطلق لما يمسّ هذه العلاقات، وانّ الدعوة الاخيرة الى الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية لم تُجمّد كما قيل، وأنّ النية معقودة لاختيار الوقت المناسب للبحث فيها.

 

وعند بلوغ البند الثامن، لفتت الورقة الى الإجراءات المتخذة لضمان إجراء الانتخابات النيابية، وانّ التحضيرات الادارية واللوجستية قائمة لإتمام الاستحقاق النيابي في موعده. وهي قائمة بكل جدّية وأنّ التعاون الدولي يساهم في مواجهة بعض العقبات والمصاعب. وانّ الاستحقاق الرئاسي له موعده وليس هناك اي نيّة للمسّ بالمِهَل الخاصة به.

 

ولمّا بلغت الورقة البنود الثامن والتاسع والعاشر الخاصة بالتدقيق في سلامة الصادرات اللبنانية وخلوها من اي ممنوعات، وخصوصاً المخدرات، فإنّ الاكتشافات اليومية لهذه العمليات وضعت لبنان في مصاف الدول المتقدّمة في مواجهة شبكات إقليمية ودولية عجزت عن الحدّ من حركتها دول كبرى، والتجارب تتحدث عن نفسها. فلبنان يسعى إلى تجهيز المعابر والمنافذ الدولية المختلفة بأجهزة «السكانر» لمزيد من التدقيق في مواجهة الظاهرة بمبادرات خاصة ورسمية ودولية .

 

وفي شأن البند الحادي عشر لفت الردّ اللبناني إلى انّ التعاون الأمني مع دول مجلس التعاون عمل يومي، ولبنان جاهز لتعزيزه بما يملكه من قدرات أثبتت فعاليتها في كثير من العمليات غير المعلن عنها.

 

وتضمن الردّ اللبناني على البند الثاني عشر سرداً للجهود المبذولة للتعاون مع الجهات الدولية المانحة والمقرضة والبنك الدولي، لإيجاد حلول لمسألة عدم تمكين المواطنين اللبنانيين من تسلّم ودائعهم في المصارف اللبنانية من خلال الجهود المبذولة ايضاً لإستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والبت بخطة التعافي الاقتصادي والنقدي، وهي عملية طويلة الأمد لا بدّ من ان تتعاون مختلف الدول الصديقة والشقيقة، ولا سيما الخليجية منها لتجاوز الصعوبات التي يواجهها لبنان.

 

وبناءً على كل ما تقدّم، تنتهي المصادر لتسأل: هل سيكون في قدرة بوحبيب إقناع نظرائه العرب اليوم بمضمون المذكرة وجدّيتها وصدقية لبنان. انّها المرة الاولى التي لن يطول فيها الجواب عن مثل هذا السؤال؟