Site icon IMLebanon

أوساط ديبلوماسية : الحكومة تُحضّر الردّ وستلجأ الى الفصل بين سلاح حزب الله في الداخل والخارج

قرار الحريري والورقة الخليجية مُتلازمان ويُلوّحان بالحرب الأهلية.. والقوى السنيّة لن تُخلي الساحة !! –

 

أمران مهمّان وخطران خلطا الوضع السياسي الراهن ولبنان على أبواب الإنتخابات النيابية المقبلة، أوّلهما الزلزال الذي أحدثه قرار رئيس «تيّار المستقبل» تعليق عمله في الحياة السياسية هو وتيّاره وعدم خوض الإنتخابات النيابية المقبلة باسم «المستقبل»، ما صدم الطائفة السنيّة وجعلها تغلي، كما الحلفاء وحتى الخصوم في آنٍ معاً، وجرى التعبير عن ردود الفعل بتغريدات وتعليقات عبر وسائل التواصل الإجتماعي. والثاني، ما سُمي بالمبادرة العربية أو بالمذكّرة الكويتية، والتي هي في حقيقة الأمر ورقة عربية- خليجية تضمّنت «إجراءات ومقترحات» لكيلا يقال «شروطاً ومطالب»، نقلها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمّد الصباح الى المسؤولين اللبنانيين، كون بلاده هي الأقرب للبنان، وذلك بهدف بناء الثقة مجدّداً بين لبنان ودول الخليج، وأعطاهم مهلة خمسة أيّام للردّ عليها تنتهي يوم السبت المقبل، على أن يحمل وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب الإجابة المكتوبة عنها معه، تزامناً مع مشاركته في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي تستضيفه وترأسه الكويت هذا السبت في 29 كانون الثاني الجاري.

 

أوساط ديبلوماسية مطّلعة رأت أنّ هذين الحدثين متلازمان ومتوافقان، ويبدو أنّه كان جاريا التنسيق بينهما، ولن ينكر أي من الطرفين المعنيين بهما الأمر، كون كلّ منهما سيصبّ في مصلحة الآخر. علماً بأنّهما أرسا وضعاً حسّاساً جدّاً، إذ من شأنهما التأثير في الوضع الداخلي اللبناني خلال المرحلة المقبلة، وعلى علاقته المتأزّمة أساساً مع دول الخليج. ففي الداخل على مسار الإنتخابات النيابية المقبلة، ستفتقد الساحة السياسية مكوّناً سنيّاً بارزاً، ما سيؤدّي الى اتخاذ رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي قرار خوض الإنتخابات حفاظاً على التمثيل السنّي. كما سيدفع هذا القرار الذي شمل نوّاب «كتلة المستقبل»، رئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة الى اتخاذ قرار قيادة المرحلة ربما، لعدم إخلاء الساحة السنيّة ولملء الفراغ الذي سيُحدثه غياب «تيّار المستقبل» عن الإنتخابات المقبلة، كما عن الساحة السياسية، الى حين عودة سعد الحريري في حال تبدّل الظروف. ويبقى نشاط هذه القوى السنيّة رهن التطوّرات، ويهدف الى إعطاء الفرصة للوجوه الشابّة لتحمّل المسؤولية، ولفرز قيادات جديدة في الطائفة السنيّة، خصوصاً إذا كان هناك رعاية لهذه الوجوه من قبل أهل الخبرة.

 

وفي ما يتعلّق بالورقة الخليجية، فإنّ الردّ اللبناني عليها من قبل الحكومة هو في طور التحضير، على ما أضافت الاوساط، وقد أعلن الوزير بو حبيب أنّه لن يكون لا سلبياً ولا إيجابياً، ما يعني أنّه سيتضمّن ما سبق للحكومات المتعاقبة أن اعتمدته في بياناتها الوزارية، في ما يتعلّق باعتماد سياسة النأي بالنفس، وعدم تدخّل لبنان في الشؤون الداخلية للشؤون العربية. وهذا يعني التأكيد على عدم تدخّل حزب الله في الدول العربية الأخرى، والإبقاء على موضوع سلاحه لحلّه داخلياً، ولا سيما أنّه لا يزال هناك أراضٍ محتلّة من قبل قوّات العدو الإسرائيلية وهي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر. وقالت الاوساط انه سيكون للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله ردّ مباشر على هذه المذكّرة التي تتناوله بشكل مباشر.

 

وتمنّت الاوساط نفسها عدم حصول المزيد من التأزّم مع دول الخليج بعد الإجابة اللبنانية على الورقة العربية، وخصوصاً أنّ الحكومة الحالية غير قادرة على أن تعد الدول العربية ، لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، على ما يودّ البعض في الداخل بتطبيق القرارين الدوليين 1559 و1701 لجهة نزع «السلاح غير الشرعي» في لبنان.

 

فالحكومات المتعاقبة منذ صدور القرار 1559 (الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 2 أيلول 2004) الذي دعا الى حلّ جميع الميليشيات ونزع سلاحها، والقرار 1701 (الصادر عن المجلس نفسه في 11 آب 2006)، والذي أكّد على «أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على جميع الأراضي اللبنانية… وتمارس كامل سيادتها حتى لا تكون هناك أي أسلحة دون موافقة حكومة لبنان ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان»… لم تتمكّن منذ ذلك الوقت وحتى اليوم من مناقشة الاستراتيجية الدفاعية بشكل جذري، فكيف ستتمكّن من نزع هذا السلاح؟!. حتى انّ مؤتمر الحوار الوطني الذي أراد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعوة جميع الأطراف السياسية إليه، والذي شكّلت الاستراتيجية الدفاعية أحد بنوده، لم يلقَ التجاوب المطلوب لعقده، من أجل التوافق على بناء الدولة.

 

وعن إمكان حصول تشنّجات داخلية أو مواجهات أمنية بعد هذين الحدثين، تساءلت الاوساط عينها: إذا كان الوكيل الخليجي الأوحد هو سعد الحريري، وقد طُلب منه أن يتنحّى عن الحياة السياسية، وفَعَل وهو يعلن أنّه ضدّ الحرب الأهلية، فهل هذا يعني أنّه يقول بالمواربة إنّ دول الخليج تريد حرباً أهلية في لبنان؟ وهل نعتبر أنّ الخلاف بين الحريري ودول الخليج هو داخل البيت الواحد؟ إذا كان كذلك لماذا لا يعلنان للجميع أنّ الخلاف بينهما، فلا يتدخّل أحد فيه، الى أن يتمّ حسمه سلباً أو إيجاباً. وأضافت الاوساط أنّه للأسف الشديد، إنّ تاريخ لبنان يُبيّن أنّ كلّ التغييرات الداخلية وإعادة تركيب السلطة لا تحصل عادة إلّا بعد حروب كبيرة أو مباشرة… ولكن البلد اليوم لا يحتمل أي تراكمات سياسية وأمنية في هذه المرحلة التي يحتاج فيها بالدرجة الأولى الى تحسين وضعه الإقتصادي والمعيشي والمالي قبل أي شيء آخر.

 

ولفتت الاوساط الى أنّه لا بدّ بالتالي من انتظار تبلور موقف الدول الخليجية بعد الردّ على الورقة العربية، لا سيما على موقف السعودية من الإنتخابات النيابية المقبلة، وبعد قرار الحريري تعليق عمله وتيّاره في الحياة السياسية. فهل ستقرّر أن تخوض الطائفة السنيّة في لبنان هذه الإنتخابات أم ستعلن مقاطعتها؟ وهل سيتولّى بالتالي بهاء الدين الحريري وجمعيته «سوا للبنان» المسؤولية بغياب شقيقه سعد، أم أنّه سلّمه إيّاها بإعلانه قراره الأخير؟

 

وبرأي المصادر، انّ الدول العربية- الخليجية تحاول مرّة جديدة الضغط على لبنان لتعديل الواقع الحاصل على الأرض، وهذا ليس أمراً سهلاً. أمّا ترشيح شخصيات سنيّة أكثر تطرّفاً في الإنتخابات النيابية المقبلة، في حال قرّرت خوضها بمرشّحين جدد، فسيكون له ذيول خطرة على الوضع الداخلي سيما أنّ ما تطرحه في ورقة الشروط هو أصعب بكثير من اتفاق 17 أيّار 1983. فيما التغيير السياسي الكبير قد لا يحصل في الإنتخابات النيابية المقبلة، على ما تأمل الدول العربية، كما دول الخارج.