يتساءل بعض الوسط السياسي عما آلت إليه الاتصالات والمداولات في شأن خريطة الطريق الكويتية – الخليجية التي قدمها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد المحمد ناصر الصباح، إلى المسؤولين اللبنانيين وحمل الجواب عليها وزير الخارجية عبدالله بو حبيب إلى الاجتماع العربي الوزاري التشاوري في الكويت في 29 كانون الثاني الماضي.
فالوزير بو حبيب توقع أن يطرح الموضوع اللبناني في اجتماع أواخر الشهر لمجلس التعاون الخليجي.
استغرق صوغ الرد اللبناني على البنود الإثني عشر للورقة الكويتية من قبل الرؤساء الثلاثة ومستشاريهم، والوزير بو حبيب، خمسة أيام بين مسودة تناقلتها المقرات الرسمية لتنتهي إلى نص اعتبره الوزير الكويتي بداية إيجابية لأن لبنان أبدى التزامه بأفضل العلاقات مع دول الخليج العربية وبرفض الإساءة إليها، وبمواجهة عمليات تهريب المخدرات إليها… وهو إذ اعتمد منذ سنوات صيغة «احترام» القرارات الدولية التي عددها أحد بنود الورقة (البند 5)، أبدى استعداداً لالتزام تنفيذ هذه القرارات التي ورد التأكيد عليها في البيان الفرنسي السعودي مطلع كانون الأول الماضي، ثم في القمة الخليجية. إلا أن هذا الاستعداد مرتبط بالحاجة إلى إرساء آلية دولية وإقليمية للتنفيذ نظراً إلى أن دولاً أخرى معنية بذلك، من إسرائيل (القرار 1701) إلى سوريا (مزارع شبعا والقرار 1680)، إلى إيران (سلاح حزب الله والميليشيات الفلسطينية بالنسبة إلى القرار 1559)، إلى الأعضاء في مجلس الأمن. ومن المفترض أن يطلب لبنان المساعدة العربية على تنفيذ هذه القرارات التي لا يمكنه إلا أن يلتزم بها لأنها في نهاية المطاف وحدة متكاملة، لكنه يصعب عليه العمل على تطبيقها بإمكانياته الذاتية ويحتاج إلى توافق دولي إقليمي على دعمه لهذا الغرض. فالقول في مواقف قادته وبياناته الحكومية بالتزام القرار 1701 في شأن الجنوب، وتجنب ذكر القرار 1559 لا يعني أن بإمكانه التغاضي عنه لأن القرار في شأن الجنوب يستند في حد ذاته إلى القرار 1559… والالتزام به يقود حكماً إلى التزامه بذاك، على رغم تفهم ظروفه من زاوية الحرص على تجنب أي صدام أهلي في حال الإصرار على الشق المتعلق بنزع سلاح «حزب الله».
المعطيات عن الموقف الخليجي الإجمالي جاءت مختلفة بين المصادر المتعددة وفق الآتي:
• الجانب الكويتي اعتمد موقفاً وسطياً من الرد اللبناني، معتبراً أنه بداية إيجابية لأن لبنان الرسمي التزم النأي بالنفس «قولاً وفعلاً» (البند 3 من الورقة)، وباتخاذ التدابير والإجراءات حيال نشاطات جهات معادية لحكومات دول الخليج العربي (وهي نشاطات يرعاها «حزب الله»). وتشير المصادر اللبنانية الرسمية في هذا المجال إلى تصريحات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ضد الإساءة للمملكة العربية السعودية على لسان السيد حسن نصر الله (البند 6 )، إضافة إلى الإجراءات التي طلبها وزير الداخلية بسام مولوي ضد رعاية الحزب نشاطات معارضة، سعودية وبحرينية، كخطوات تلتزمها الحكومة اللبنانية بصرف النظر عن موقف فريق سياسي لبناني ( البند 7 ). هذا فضلاً عن أن مكافحة أجهزة الأمن اللبنانية لتهريب المخدرات إلى السعودية ودول الخليج نجحت في إحباط الكثير من العمليات في الأشهر القليلة الأخيرة، سواء على الأراضي اللبنانية أو في المملكة ودول أخرى، نتيجة معلومات زودها بها الأمن اللبناني (البند 9 ). لكن ما نقلته مصادر تلك المعطيات أن الموقف السعودي لم يجد في الرد اللبناني جديداً، واعتبره مخيباً للآمال، وأن ما تعلنه الحكومة يعاكسه «حزب الله» بالقول والممارسة. والمعطيات إياها أفادت أن التشاور الخليجي مع العواصم الكبرى (ولا سيما واشنطن وباريس)، التي كانت الرياض والكويت أطلعتها على تحرك الجانب الكويتي باتجاه بيروت، أدى إلى صدور المواقف المتشددة عن مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي ومجموعة الدعم الدولية إن بالنسبة إلى التشديد على تنفيذ القرارات الدولية أو في ما يخص النأي بالنفس. أي أن الموقف الخليجي انتقل ليصبح تحت عناية دولية وسيعقبه تحرك من قبل العواصم الكبرى يجرى تحديد خطواته في مشاورات تجرى حالياً.
• في المقابل أفادت مصادر رسمية لبنانية أن لبنان لم يتبلغ برد فعل سعودي محدد، بل بالموقف الكويتي الذي اعتبر الرد اللبناني إيجابياً، ملمحاً إلى إمكان مواصلة الحوار. وأشارت إلى أن الجانب البحريني «بارك» هذه الإيجابية وأن لبنان اتبع سياسة إدانة كل اعتداء تتعرض له السعودية والإمارات. كما أن لبنان ينتظر الموقف الخليجي من اقتراحه في رده على البنود الـ 12، تشكيل لجان لبنانية خليجية تتعلق بالنقاط التي أثارتها هذه البنود. فالدبلوماسية الكويتية تعرف تفاصيل الوضع اللبناني وتعقيداته، فضلاً عن أن بعض القيادات اللبنانية على تواصل مع الكويت، ومنهم رئيس البرلمان نبيه بري من أجل تخفيف الضغط على لبنان في هذه الظروف.
بعض من شارك في صوغ الرد اللبناني ينظر بواقعية إلى الورقة الكويتية على أن لا أوهام عند الدول الخليجية بأن المشكلة هي في استفادة «حزب الله» من تغطية حليفه رئيس الجمهورية العماد ميشال، في نشاطاته ضدها.