IMLebanon

بوحبيب يحمل اليوم الردّ اللبناني على البنود الـ 12 للمبادرة الكويتيّة لاجتماع الوزراء العرب ويتسلّم رئاسته البيان الوزاري يلتزم بالطائف وبتنفيذ القرارات الدوليّة والعربيّة … و<السلاح» يحتاج لقرار دولي

 

 

يحمل وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب اليوم السبت الردّ اللبناني، على ما سُمي بالمبادرة الكويتية، أو بالورقة العربية – الخليجية التي جاء بها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح منذ أيّام، خلال مشاركته في الإجتماع التشاوري لمجلس وزراء الخارجية العرب الذي تستضيفه وترأسه الكويت. وإذ تضمّنت الورقة 12 بنداً «انطلاقاً من السعي الى رأب الصدع في العلاقات الخليجية – اللبنانية، وبناء جسور الثقة مع الجمهورية اللبنانية الشقيقة، ووفقاً للمعطيات الناتجة عن الأزمة الأخيرة، والتي تتطلّب اتخاذ إجراءات وخطوات ثابتة»، على ما جاء في مقدمتها، فإنّه سيكون للبنان أجوبة على كلّ من هذه البنود بنداً بنداً ليكون موقفه واضحاً أمام سائر الدول العربية التي ستُشارك في الإجتماع، سيما وأنّ الوزير بوحبيب سيتسلّم باسم لبنان رئاسة المجلس الوزاري العربي في دورته المقبلة..

 

فما سيكون عليه الردّ اللبناني، على بنود الورقة التي وجد فيها البعض إملاءات عربية، إذ أنّ عدداً منها يُعتبر شاناً داخلياً بحتاً لا صلة له بعلاقات لبنان والدول الخليجية؟ وكيف ستُلاقي هذا الردّ الدول العربية، وتحديداً الخليجية التي قاطعته ديبلوماسياً وتجارياً، لا سيما منها السعودية والإمارات والبحرين والكويت على خلفية تصريحات وزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي عن عبثية حرب اليمن؟ وهل ستعود عن قرار مقاطعتها للبنان، أم ستستمرّ بها الى حين تبلور بعض التسويات في المنطقة ما يجعلها تقبل بما سيعدها به أو سيجيبها عنه لبنان؟

 

أوساط ديبلوماسية متابعة رأت بأنّ لبنان الرسمي، لا سيما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد رحّب بهذه المبادرة، كونه أعلن بعد قرار المقاطعة الخليجية، وتحديداً السعودية للبنان، بأنّ بلاده تريد أفضل وأطيب العلاقات مع الدول العربية وخصوصاً الخليجية. وأكثر ما يريده لبنان هو أن ترفع دول الخليج مقاطعتها الديبلوماسية والتجارية للبنان، سيما وأنّها تُساهم في تردّي الأزمة الإقتصادية والمالية الخانقة أساساً، كما الى عودة هذه الدول الى مساعدة لبنان وتقديم الدعم له من ضمن الدول المانحة والمجموعة الدولية.

 

وتقول الاوساط بأنّ صياغة الردّ اللبناني على الورقة الخليجية ككلّ، لا يُمكن أن يأتي من خارج سياسة الحكومة الحالية، أو بيانها الوزاري الذي يجيب، بطريقة غير مباشرة، على مطالب دول الخليج الواردة في المبادرة الكويتية لجهة التزام لبنان باتفاق الطائف كما بقرارات الشرعية الدولية وقرارات جامعة الدول العربية كافة، على ما يرد في البندين الأول والثاني. علماً بأنّ «الطائف» لم تتمكّن الحكومات المتعاقبة منذ توقيع هذا الإتفاق في العام 1989 وحتى اليوم من تطبيق كامل بنوده، مثل إلغاء الطائفية السياسية، ومجلس الشيوخ، واللامركزية الإدارية والإنماء المتوازن وغيرها من الإصلاحات الواردة في «وثيقة الوفاق الوطني»، فضلاً عن اعتمادها مبدأ النأي بالنفس.

 

أمّا فيما يتعلّق بالبندين 4 و5 من الورقة الذين طالبا الحكومة بأنّ «سياسة النأي بالنفس يجب أن تكون قولاً وفعلاً»، و»بوضع إطار زمني محدّد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن رقم 1559 (2004) والخاص بنزع سلاح الميليشيات في لبنان، والقرار 1680 (2006)، والقرار 1701 (2006)»، والذين يُراد منهما «نزع سلاح حزب الله»، وليس سلاح الميليشيات غير اللبنانية، مثل سلاح الفصائل الفلسطينية، فتقول الاوساط بأنّ لبنان سيُجيب عن هذا الأمر بأنّه يعتمد سياسة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة منذ العام 2012، ولا يتدخّل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، أمّا سلاح حزب الله فلا يرتبط فقط بالشأن الداخلي اللبناني، إنّما بالتسويات الإقليمية والدولية. كما أنّ لبنان يتمسّك بمواجهة أي اعتداء، وبحقّ المواطنين اللبنانيين في المُقاومة للإحتلال الإسرائيلي وردّ إعتداءاته وإسترجاع الأراضي المحتّلة. علماً بأنّ الرئيس عون قد دعا الى مؤتمر الحوار الوطني لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، غير أنّ بعض المكوّنات السياسية قد رفضت تلبية هذه الدعوة، فيما الحلّ هو في وضع هذا الملف على الطاولة ومناقشته من مختلف الأطراف في الداخل ومن ثمّ في الخارج. وهذا الأمر يُعتبر «خصوصية لبنانية» على الدول العربية والخليجية، والمجتمع الدولي تفهّمها وأخذها بالإعتبار.

 

ولفتت الاوساط الى أنّ الوزراء المعنيين داخل الحكومة يقومون بتطبيق البنود 6 و7 و 9 و 10 الواردة في الورقة والمتعلّقة بالتعهّد بملاحقة اي طرف لبناني يشترك في أعمال عدائية ضدّ مجلس التعاون، ووقف أنشطة الجماعات المناوئة لدول مجلس التعاون وملاحقة كل من يحاول التحريض على العنف أو يشارك فيه من المواطنين أو المقيمين في لبنان ضد حكومات مجلس التعاون الخليجي، والتدقيق على الصادرات اللبنانية الى دول مجلس التعاون. كما ببسط سيطرة السلطات الرسمية اللبنانية على منافذ الدولة كافة (البند 10). والدليل قيام وزير الداخلية بسّام المولوي من خلال القوى الأمنية أخيراً بإحباط عملية تهريب حبوب الكابتاغون في أكياس الشاي التي كانت وُجهتها النهائية الدول العربية بعد مرورها في إفريقيا. ولهذا فإنّ لبنان سيُوافق على ما تطرحه الورقة من أن يحصل التدقيق عبر آلية تواجد من مراقبين بشكل ثنائي لضمان خلو الصادرات من أي ممنوعات، وبشكل خاص المخدرات التي تستهدف الأمن الاجتماعي لدول المجلس، ويمكن في هذا الصدد اعتماد نفس الآلية الأوروبية، كما على وضع «نظام تبادل معلومات أمنية بين دول مجلس التعاون والحكومة اللبنانية» (وفقاً للبند 11)، علماً بأنّ مثل هذه الأمور تتطلّب وضع اتفاق مشترك لا بد من التوافق على آليته وتوقيعه في وقت لاحق.

 

أمّا فيما يتعلّق بطلب وقف تدخّل حزب الله في الشؤون الخليجية بشكل خاص، والشؤون العربية بشكل عام، على ما ورد في جزء من البند 6، فتجد الاوساط بأنّ هذا الأمر يعود للحزب نفسه اتخاذ القرار المناسب بشأنه.

 

وأوضحت الاوساط نفسها أنّه فيما يتعلّق بالتأكيد على مدنية الدولة اللبنانية وفق ما جاء في الدستور اللبناني (البند 3 من الورقة)، أو الإلتزام بإجراء الانتخابات النيابية في شهر أيار 2022 ومن ثم الرئاسية في شهر تشرين الأول 2022 وفق المواعيد المقررة دون تغيير (البند 8)، والعمل مع البنك الدولي لإيجاد حلول لمسألة عدم تمكين المواطنين اللبنانيين من تسلّم ودائعهم في البنوك اللبنانية (البند 12)، فهي شؤون داخلية تعمل عليها حكومة «معاً للإنقاذ» من باب حرصها على سيادة لبنان واستقلاله وسلامة شعبه وأراضيه. وهذه الأفكار تُشكر عليها دولة الكويت والدول العربية الأخرى الحريصة على مصلحة لبنان، وإن لم يكن لها أي صلة بالعلاقات اللبنانية- الخليجية.

 

وبناء على ما تقدّم، أشارت الأوساط نفسها أنّ لبنان سيؤكّد على الثوابت الوطنية التي وردت في البيان الوزاري لحكومة ميقاتي «معاً للإنقاذ»، وهي التزام لبنان أحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وإحترام الشرائع والمواثيق الدوليّة التي وقّع لبنان عليها وقرارات الشرعيّة الدوليّة كافة، والتأكيد على الإلتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن الدّولي رقم 1701، وإستمرار دعم قوات الأمم المُتّحدة العاملة في جنوب لبنان، ومُطالبتها المجمتع الدولي وضع حدّ للإنتهاكات والتهديدات الإسرائيلية الدائمة للسيادة اللبنانيّة، براً وبحراً وجواً، بما يؤمن التطبيق الكامل لهذا القرار، كما التأكيد على الدعم المطلق للجيش والقوى الأمنية كافة في ضبط الأمن على الحدود وفي الداخل وحماية اللبنانيين وأرزاقهم وتعزيز سلطة الدولة وحماية المؤسسات. وسيلفت لبنان الى حرصه على تعزيز علاقات لبنان مع الدول العربية الشقيقة، وخصوصاً الخليجية، والإصرار على التمسّك بها والمحافظة عليها والحرص على تفعيل التعاون التاريخي بين بلداننا العربية، ودعوة الأشقاء العرب إلى الوقوف إلى جانب لبنان في هذه المحنة التي يرزح تحتها.

 

في الوقت نفسه، سيحمل الردّ، تضيف الاوساط، تأكيد الحكومة التزامها إجراء الإنتخابات النيابيّة في موعدها لإتمامها بكُلّ نزاهة وشفافية وتوفير السبل كافة لنجاحها،كما على التفاوض مع صندوق النقد الدولي للوصول قريباً الى اتفاق على خطة دعم من الصندوق الصندوق ووضع خطة لإصلاح القطاع المصرفي وإعادة هيكلته حيث يلزم، وتنشيط الدورة الاقتصادية بما يساهم في تمويل القطاع الخاص بفوائد مشجعة مع إعطاء الأولوية لضمان حقوق وأموال المودعين. كذلك العمل على إقفال المعابر غير الشرعية وتعزيز مُراقبة الشرعية منها من خلال تزويدها بأجهزة الكشف والمسح الحديثة والمتطورة، على ما تعهّدت الحكومة في بيانها الوزاري، فضلاً عن تأكيده على تمسّكه بإتفاقيّة الهدنة والسعي لإستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتّلة، والدفاع عن لبنان في مواجهة أي إعتداء والتمسّك بحقه في مياهه وثرواته، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في المُقاومة للإحتلال الإسرائيلي وردّ إعتداءاته وإسترجاع الأراضي المحتّلة.

 

وينتظر لبنان ردود الفعل العربية على أجوبته خلال اجتماع الوزراء العرب، على ما أكّدت الأوساط عينها، مشيرة الى أنّها جميعها تلتزم السقف السعودي، وإن كان بعضها يُبدي مرونة أكبر تجاه لبنان، ورغبة في تليين موقفها تجاهه، فلبنان الرسمي رحّب بالمبادرة الكويتية، أو بالورقة الخليجية، ولم يُعارضها، غير أنّ تطبيق بعض بنودها، أو اثنين أو ثلاثة منهم تحديداً هو أمر خارج عن إرادته، لا سيما في الوقت الراهن. ومن هنا، فعلى الدول الخليجية تفهّم موقفه، وعدم محاسبة الدولة والمواطنين من خلال استمرار المقاطعة الديبلوماسية والتجارية للبنان.