امل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ان يتم تشكيل الحكومة قبل نهاية العام الحالي مشيرا الى ان معظم العقد التي كانت تؤخر التشكيل قد ذللت باستثناء عقدة واحدة نعمل على حلها.
واعرب الرئيس الحريري عن امله في تحسن الوضع الاقتصادي في لبنان بعد تشكيل الحكومة وتسريع الخطى لتنفيذ مقررات مؤتمر سيدر والبدء بورشة النهوض الاقتصادي وتطوير البنى التحتية وخلق فرص العمل للشباب والاستعداد للمرحلة المقبلة في المنطقة.
واكد الرئيس الحريري تمسك لبنان بتنفيذ القرار 1701 بحذافيره مستبعدا حدوث اي تصعيد في الوضع في جنوب لبنان لافتا الى ان الجيش اللبناني يتعاطى مع ما اثير حول موضوع الانفاق على الحدود الجنوبية، مشددا على استمرار الخروقات الاسرائيلية للقرار المذكور باستباحة الاجواء والمياه الاقليمية اللبنانية.
كلام الرئيس الحريري جاء خلال حوار اجراه بعد ظهر امس في مركز شاتهام هاوس في لندن تحت عنوان «لبنان رؤية نحو المستقبل» حضره الوزير غطاس خوري والنائب باسم السبع والسفير البريطاني في لبنان كريس رامبلينغ واعضاء الوفد اللبناني.
استهل الحوار بكلمة لمدير المركز روبين نيبليت رحب فيها بالرئيس الحريري وتحدث فيها عن دور لبنان في المنطقة في المستقبل والجهود المبذولة لاعادة النهوض باقتصاده من جديد.
ثم تحدث الرئيس الحريري فقال: انه من دواعي سروري ان اكون بين هذا الحضور المميز واشكر شاتهام هاوس والدكتور نيبليت لاستضافتي .انا هنا في وقت معقد جدا في لبنان والمنطقة. لقد أجرينا الانتخابات النيابية في أيار الماضي، وهي الأولى منذ تسع سنوات. وقد اتفقنا، الرئيس ميشال عون وأنا، على أهمية الاستقرار السياسي والاقتصادي، عبر تقوية مؤسساتنا والإصلاح في المؤسسات، ضمن احترام دستورنا وديمقراطينا. ومنذ شهر أيار، وأنا لم اوفر جهدا من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، واجريت مشاورات من أجل التأكد من تمثيل عادل في الحكومة. أنا رجل صبور، ومستعد للانتظار لإيجاد الحل، والبعض لا يعجبه هذا الأمر، لكن الأمر لا يتعلق بي أنا بل يتعلق بلبنان.
بلدنا لا يتحمل أن يبقى من دون حكومة تستطيع أن تحميه من الاضطرابات الإقليمية ومن الانهيار الاقتصادي. أنا متأكد من أننا سنصل إلى تشكيل حكومة قريبا، لأن الجميع يعني أن الحاجة إلى الاستقرار والنمو الاقتصادي أهم من أي أجندة سياسية.
ان لبنان لا يزال واحة من السلام والاستقرار. لقد اختبرنا وعشنا الحرب الأهلية، قبل كل الدول في المنطقة بكثير، وتعلمنا العديد من الدروس منها. أنا شخصيا أعمل بجهد على عدم عودة النزاعات بين المكونات المختلفة. وعلى الرغم من أن الاتفاق الذي توصلنا إليه قد يكون صعبا ومعقدا، لكننا يجب أن نتذكر أنه الاتفاق الذي تطمح للوصول اليه أكثرية دول المنطقة اليوم.
لنصل إلى الجزئية الصعبة. لبنان يعيش اليوم في منطقة صعبة جدا ومعقدة للغاية. علينا أن نعمل جاهدين من أجل أن نتفادى توسع النزاعات في سوريا لكي لا تصل إلى لبنان، وأن نتفادى التصعيد الذي يبدو أن حكومة نتانياهو مصرة عليه. هذه المهمة يصعبها وجود 1.5 مليون لاجئ سوري في لبنان، وأكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني، والاتهامات التي أطلقتها إسرائيل مؤخرا ضد لبنان.
ولكي أعطيكم فكرة عن حجم الأزمة، فهي وكأن المملكة المتحدة تستضيف 33 مليون لاجئ على أراضيها اليوم. فنحن في لبنان لدينا 4 ملايين لبناني وحوالى مليوني لاجئ. هذا الأمر احدث ضغطا كبيرا على بنانا التحتية وخدماتنا الأساسية ووضعنا المالي. نحن نتلقى المساعدة الإنسانية التي نرحب بها، ولكنها ما زالت غير كافية، كما أننا نعمل بجهد من أجل تعبئة الأسرة الدولية لتقوم بدورها باعتبار أن لبنان يؤمن خدمة عامة للمجتمع الدولي والعالم.
جيشنا وقوانا الأمنية في حالة تأهب دائم لمنع أي تسلل للإرهابيين، ونحن نقف بقوة أمام المتطرفين والتطرف و نواجه التصعيد الإسرائيلي عبر التزامنا بالقرارات الدولية، ومنها أساسا القرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة. نحن نعتبر أن الجيش اللبناني هو المدافع الوحيد عن سيادة لبنان، ونحن في عملية حوار ثنائية لنتفق على استراتيجية وطنية للدفاع في لبنان، ما إن تتشكل الحكومة الجديدة.
في الكثير من النزاعات العربية، اعتمدت الحكومة المستقيلة سياسة النأي بالنفس، وهذه السياسة سيتم الإبقاء عليها في الحكومة المقبلة. ان لبنان ما زال مصدر استقرار في المنطقة، وموقفنا تجاه القضية الفلسطينية هو موقف الإجماع العربي الذي تم اتخذ في مبادرة السلام العربية لعام 2002. نحن لا نرى حلا سوى حل الدولتين، والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية وضمان حق العودة للفلسطينيين.
هذه النقطة الأخيرة تهمنا إلى حد كبير، لأن دستور لبنان يمنع توطين اللاجئين الدائم في بلدنا، وهذا سيبقى أمرا نتمسك به. ان لبنان لديه دور أساسي في المنطقة كنموذج من التعايش والتسامح، وهو جدار دفاعي بوجه التطرف. لطالما كان لبنان مختبر الابتكار في العالم العربي. وفي هذه المرحلة من التكنولوجيات المدمرة والانتقال إلى الاقتصاديات الجديدة، من المهم أن نحافظ على هذا الدور.
ان حكومتي السابقة بدأت منذ سنتين بوضع الأسس الجديدة في مجال الاتصالات، والحكومة الجديدة سوف تستمر على هذا المسار. وأنا متأكد من القدرة اللبنانية على الابتكار، ومن أن الرأس المال البشري في لبنان سيتولى هذه المهمة بنجاح».