Site icon IMLebanon

المخاض انتهى… والولادة اقتربت؟!

مخاض بعض الشعوب العربية التي راهنت على ولادة أنظمة جديدة عصرية ديموقراطية، بديلاً عن الانظمة الاحادية الأمنية التي كانت تحكم شعوبها بالحديد والنار والسجون، انتهى في تونس بقيام تحالف اسلامي مدني قوامه العدالة والديموقراطية، وقيام نظام في مصر، نصف مدني مطعّم بقبضة عسكرية، والنصف الآخر ما يزال يفتش عن هويته النهائية، مثله مثل النظام الليبي الجديد الذي قام على انقاض نظام معمر القذافي، امّا في سوريا والعراق واليمن، فالمخاض، على ما ظهر مؤخراً، قد اقترب من نهايته، والولادة التي تعسّرت لسنوات لن تتأخر على الرغم من الآلام الشديدة التي ترافقها، وقد تكون صعبة الاحتمال في أيامها الأخيرة.

الاشارات العملية على الارض التي تبشّر بأن الحلّ في سوريا قد اصبح قريباً، يكشفه التقارب الروسي – الايراني – التركي، الذي لن تكون الولايات المتحدة الأميركية بعيدة عنه، على الأقل في الفترة المتبقية من ولاية الرئيس باراك اوباما، والاشهر الثلاثة الاولى لولاية الرئيس الجديدة وهي الفترة الضرورية التي يأخذها الرئيس الاميركي الجديد للامساك بزمام السلطة قبل اتخاذ اي قرار معاكس لقرارات الرئيس السابق على ما جرت العادة، ومن يتابع الخطوات العسكرية التي تتخذها موسكو في المنطقة، ولا يصدر عليها اي ردة فعل غاضبة من واشنطن، تدلّ ربما عن تفاهم مسبق بين الدولتين العظميين، على ضرورة حسم الحرب في سوريا وفرض السلام على المنطقة، وما نقل قاذفات استراتيجية روسية من دولة اوسيتيا الشمالية الروسية الى قاعدة همدان الجوية الايرانية بالتزامن مع مناورات روسية في بحري قزوين والمتوسط بمشاركة سفن حربية تحمل صواريخ مجنحة بعيدة المدى القصد منها تشديد القصف على التنظيمات الارهابية وقبل ايام من تنفيذ الاتفاق بين موسكو وواشنطن للقتال جنباً الى جنب في سوريا، ليس في مدينة وريفها فحسب بل اينما تدعو الحاجة على ما اعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شونغو، سوى برهان على التقدم في التفاهم بين الدولتين على التعاون العسكري لانهاء القتال في سوريا.

* * * *

في مقال لي نشر في جريدة «الديار»، وعلى صفحتي في فيسبوك، بتاريخ 29 أيار 2016، أشرت فيه الى ان اتفاق روسيا والولايات المتحدة الاميركية لانهاء الحرب في سوريا يتضمن ستة بنود، احدها ينصّ على «بشّار الاسد رئيساً موقتاً بصلاحيات محدودة»، ولذلك لم افاجأ بتصريح رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم الذي يؤكد فيه «ان الحلّ في سوريا قد اقترب» وستكون سوريا «دولة لا تستند الى مذهب معيّن»، ولن يكون للاسد وجود في مستقبل سوريا، الاّ لفترة انتقالية».

جميع هذه التحركات العسكرية، والمواقف السياسية، بما فيها زيارة وزير خارجية مصر سامح شكري بيروت التي ارادها استطلاعية للحراك السياسي الدولي والاقليمي في الدول القريبة نسبياً من بلاده، الهدف منها القضاء على داعش والتنظيمات الارهابية، واقامة انظمة مدنية متماسكة وقوية وقادرة على معالجة موضوع النازحين السوريين المتواجدين في لبنان والاردن ومصر، واتخاذ التدابير السريعة الكفيلة باعادتهم الى بلدهم، خوفاً من هرب العناصر الارهابية من سوريا والعراق وتغلغلهم في مخيمات النازحين وفتح جبهات جديدة في لبنان ومصر والاردن، وطبعاً مع وجود رئيس جمهورية على رأس الحكم في لبنان يسهّل كثيراً تعاون الدول المعنية بالنازحين، كما يسهّل تدارك الاخطار الناجمة عن اشتداد المعارك في سوريا والعراق على الدول المحيطة بهاتين الدولتين.

جميع الدول قد تكون على علم بقرب انتهاء معاناة سوريا، باستثناء دولة لبنان، المحكومة من طبقة تعيش خارج الزمان والمكان والمعقول…