IMLebanon

«لابورا»: «صحوة» لتثبيت حضور المسيحيين في الدولة

«المالية» تنفي وجود «خلل».. وهذه هي الأرقام

«لابورا»: «صحوة» لتثبيت حضور المسيحيين في الدولة

ألغي اجتماع الوزراء المسيحيين في بكركي، الذي كان مقرراً أمس، للنظر في قضية التعيينات الإدارية في مؤسسات الدولة وخصوصاً في وزارة المال.

هذا القرار صدر عن البطريركية المارونية وتبلغته جميع الأحزاب المسيحية الممثلة في الحكومة وخارجها، وجاء في سياق المساعي الهادفة الى إقفال ملف تشكيلات وزارة المال الأخيرة بعد فتح قنوات الحوار بين الكنيسة المارونية وبين من يمثلون الرئاسة الثانية في عين التينة وما تخللها من توضيحات، ولو أن مصادر مسيحية معنية قالت إن ثمة خشية أن يكون مصير وعود اليوم «مثل وعد وزيرة المال سابقاً ريا الحسن».. فما هي قصة هذا الوعد؟

في العام 2005، تم استحداث مركزين جديدين في مديرية ضريبة الدخل في وزارة المال وقُسّما طائفياً بالتوازي بين السنة والمسيحيين. لكن في العام 2010 عمدت الوزيرة الحسن المحسوبة على «تيار المستقبل» الى تقليص الحصة المسيحية بمركز واحد مقابل ثلاثة للسنّة.

«قامت القيامة» وقتذاك وعقد الأب طوني خضرة بصفته رئيس مؤسسة «لابورا» التي تنكبّ منذ سنوات على رصد أوضاع المسيحيين في الإدارات العامة، مؤتمراً صحافياً طالب خلاله الوزيرة الحسن بالتراجع عن قرارها. وهذا ما حصل بالفعل، إذ قصدت الحسن بكركي وقطعت وعداً للبطريرك السابق الكاردينال نصرالله صفير بأنها ستتراجع عن خطوتها وتعيد المركز الى المسيحيين.

بقي الوعد وعداً منذ ست سنوات الى أن ارتفعت «الصرخة المسيحية» مؤخراً على خلفية التشكيلات التي جرت في وزارة المال واستدعت مؤتمراً صحافياً عقده وزير المال علي حسن خليل، حاول خلاله وضع «النقاط على حروف تشكيلات تمت بالتكليف وكلها خاضعة لإعادة النظر إذا كان هناك غبن حقيقي».

لكن «لابورا» لم تكتفِ برد الوزير خليل بل سألته «إذا كان المقصود اتهام المسيحيين في إدارات الدولة بأنهم مقصرون، فأين مؤسسات الدولة الرقابية ولماذا لا يحاكم هؤلاء أمام القانون بدل الاقتصاص منهم، إلا إذا كان المستهدف هو آخر من بقي من أهل الكفاءة ومن الغيورين على مصالح الدولة»؟

تحرص «لابورا» على التوضيح بلسان أحد مسؤوليها أن «لا مشكلة لدينا لا مع الشيعة ولا مع وزير المال، بل مع الفساد المستشري في الإدارات العامة». معطيات المؤسسة وأرقامها تفيد أنه في صندوق الضمان الاجتماعي هناك توازن عددي بين الموظفين، ولكن على حساب أهمية المراكز، فتجد المسيحيين في أدنى المراكز وكأن ليس من بينهم أصحاب كفاءات أو علم.

ما حصل في وزارة المال «معيب» كما تقول «لابورا»، فقد تم تعيين محمد سليمان كرئيس لدائرة كبار المكلفين، «ولدى التدقيق تبين أن زوجته هي رانيا دياب التي تم تعيينها رئيسة مصلحة الصرفيات وهي أيضاً ابنة أخ أحمد دياب المدير العام للتعليم المهني والتقني». هذا المثل تورده «لابورا» بوصفه «نموذجاً لتهميش أصحاب الكفاءات ولضرب الميثاقية في الصميم».

في بيان المطارنة الأخير، كانت دعوة للمسؤولين «إلى التنبه لمغبة المس بموجبات الصيغة الوطنية في وظائف الدولة والمؤسسات العامة، وبروح الميثاق والدستور، لا سيما المادة 95 منه، اللذين يرسمان مسار التدرج من الحالة الطائفية الى الحالة الوطنية مع الحفاظ على مشاركة الطوائف في الوظيفة العامة مشاركة متوازنة من أجل ضمان استقرار الحكم وثباته». ولسان حال الاجتماعات التي تضم «لابورا» وممثلي الأحزاب المسيحية «أن المشكلة ليست محصورة بأشخاص أو وزراء بل لأن التوازن يختل في إدارات الدولة».

وتتوقف «لابورا» عند ظاهرة «عدم احترام قرارات مجلس شورى الدولة، فآلية المناقلات في ملاك الوزارات يجب أن تُعرض على مجلس الخدمة المدنية وكل تكليف لا يُعرض على مجلس الخدمة المدنية يكون مخالفاً للأنظمة والقوانين. فالمداورة مثلاً بين الموظفين في المديرية العامة للتنظيم المدني التي كانت بقرار من الوزير لم يتم عرضها على مجلس الخدمة المدنية خلافاً للقوانين والأنظمة، وهناك رأي مجلس شورى الدولة بإعادة الموظفَين المنقولَين إلى مركزَيهما، ولكن الوزير لم يأخذ برأي مجلس شورى الدولة».

للمرة الأولى ترتسم «يد واحدة» مؤلفة من الكنيسة والأحزاب المسيحية لمحاولة تصحيح الخلل. هذه «الصحوة» ليست «معركة الأحلام الصغيرة» (رداً على ما قاله وزير الداخلية نهاد المشنوق في لقاء الربوة قبل أسبوع) و «ليست تعبيراً عن المظلومية» بل هي تحذير من القفز فوق موجبات الحد الطبيعي الذي يُشعر المسيحيين بشراكة عادلة، وهذا هو التوقيت الصائب حتى لا تضيع الدولة والكيان والوطن».

في المقابل، تتوقف أوساط معنية بالملف في وزارة المال عند الحملة وتقول لـ «السفير»: «كل الإجراءات التي يجري الحديث عنها في وزارة المال تتعلق برئيسة دائرة المكلفين التي رُقيت من الفئة الثالثة الى الثانية، وكان طبيعياً أن تثار ضجة إذا استثنيت من ترفيع هو من حقها، ولكن المنطق الوظيفي يفترض أن أي موظف يطمح الى الترقية، وهذا حق طبيعي له بالتدرج الوظيفي، وأي نقاش آخر يطرح علامات استفهام، خصوصاً أن هناك من انبرى للقول همساً وأحياناً علناً إن هذه الدائرة منذ زمن «دولة لبنان الكبير» حتى الآن هي من حصة المسيحيين، على قاعدة أن معظم كبار المكلفين وأصحاب الوكالات الحصرية هم من أبناء الطائفة المسيحية»..

وتضيف الأوساط نفسها: «الإجراءات التي اتخذها وزير المال الحالي بالتعيين أو التكليف في الفئتين الأولى والثانية كانت حصراً لأشخاص مسيحيين (3 فئة أولى تعيينا، وواحد فئة أولى تكليفا، و5 فئة ثانية تعيينا، بينهم 3 مسيحيين وواحد درزي وواحد شيعي، واثنان فئة ثانية تكليفا لمصلحة المسيحيين). ومن شملتهم الإجراءات في الفئة الثالثة، هم 9 مسيحيين و7 مسلمين وذلك لمصلحة المسيحيين، علماً أنه في الفئة الثالثة هناك 436 وظيفة يحتل المسلمون 194 منها والباقي للمسيحيين (242 وظيفة).. وفي الفئة الأولى، كل المدراء العامين الأربعة في وزارة المال هم من المسيحيين، وفي الفئة الثانية، هناك 13 مسيحياً و11 مسلماً».

وجددت الأوساط نفسها القول: «هذا تكليف وخاضع لإعادة النظر، ومن يعرف وزير المال يدرك أنه أبعد الناس عن المنطق المذهبي والطائفي بدليل فريق عمله الذي ينتمي الى جميع الطوائف».

وختمت: «أما توقف البعض عند واقعة أن رئيس دائرة كبار المكلفين متزوج من رئيسة مصلحة الصرفيات، فهذه ظاهرة مشهود لها في مؤسسات رسمية كثيرة، ففي وزارة المال هناك عشرات الزيجات لموظفين وموظفات يعملون معاً سواء في مصالح أو دوائر واحدة أو مختلفة». وأملت أن تكون توضيحات وزير المال قد أقفلت هذا الملف، «إلا إذا كان هناك من يريد افتعال توتير طائفي للتخفيف عن احتقانات من نوع آخر، أو لأجل تصفية حسابات أو لتبرير حصانة بعض المافيات في بعض مفاصل الدولة».