Site icon IMLebanon

عندما تنعدم الثقة!

 

الثقة بين الحاكم والشعب، هي مفتاح التطور والنهوض والتقدم، فعندما توجد هذه الثقة وتكون راسخة يسهل على الحاكم العمل والانتاج وتحقق التقدم في شتى المجالات، وفي كل القطاعات، وعندما تفتقد يصبح من الصعب، إذا لم يكن من المستحيل على أي حاكم أن يفي بوعوده وتعهداته التي أطلقها عندما تولى الاحكام، كما هو حالنا في لبنان اليوم، حيث انعدمت ثقة الشعب اللبناني بحكامه، وعندما نقول بحكامه نقصد الطبقة الحاكمة كلها، ولا نقصد حاكماً بعينه لأن الواقع يُؤكّد على المسؤولية الكاملة لكل الطبقة التي تقبض على السلطة، وتسهر على توزيع ثروات البلد في ما بينها، ولا تلتفت وراءها، ولو من باب رفع العتب لا أكثر ولا أقل.

 

في هذا البلد الذي اسمه لبنان، نعيش حالة انعدام الثقة بين الحاكم والشعب والأصح القول بين الشعب والحاكم إستناداً إلى التجارب المرَّة التي عاشها هذا الشعب مع الذين يحكمونه أو مع الطبقة التي فرضتها عليهم في ظروف استثنائية من جهة، وبعد تجارب كثيرة عانى منها هذا الشعب الأمرَّين إلى أن فقد ثقته بالكامل بهؤلاء الحاكمين. ولا شك أن هؤلاء الحاكمين الذين أخذوا يتحسَّسون الخطر الداهم على الدولة يدركون حالة انعدام الثقة بين الشعب اللبناني وبينهم، ويسمعون صباح مساء وعلى مدار الساعة ما يقوله هذا الشعب بحاكمه وبسوء أدائهم الذي أوصل البلد إلى تلك الحالة المزرية التي وصل اليها، والذي وسَّع الهوة بينهم وبين هؤلاء الحاكمين إلى درجة انعدام الثقة التي هي أخطر ما يكون على الصمود أو على التقدم والنهوض المطلوبين عادة في كل دول العالم.

 

وهذا الكلام أصبح يقال ليس عبر وسائل الإعلام وحسب ولا في الشارع بل بات يقال مباشرة، ووجهاً لوجه في اللقاءات التي تتحصل بين هذا الحاكم أو ذاك وبين مختلف القطاعات الانتاجية والشعبية بلا دجل ولا أي خجل لأن الحالة وصلت إلى مرحلة من السوء لم تترك فيه أي مكان للخجل أو للمناورة، وما قرأناه وسمعناه في الأيام القليلة الماضية من هؤلاء، خلال وبعد لقاءاتهم مع الحكام خير دليل على صحة ما نقول: فما المطلوب إذن بعد أن وصل الأمر إلى هذه الحالة، هل المطلوب تهجير الشعب اللبناني من أرضه علماً بأن أكثرية شبابه أصبحت في الخارج، أم المطلوب قتل هذا الشعب، ان كلا الأمرين مستحيل والمطلوب إذن، وحتى لا تضيع آخر فرصة أن يسارع الحكام إلى إعادة ثقة الشعب بهم، غير أنه مثل هذا الأمر يبدو أنه لا يزال حتى الآن مستحيلاً ولأن ما تسمعه من هؤلاء الحكام لا يتعدى البكاء على الإطلاق أو إطلاق الوعود الكاذبة، أو التحامل على المواقف من دون أن يتقدموا خطوة عملية واحدة، الأمر الذي أدى إلى اتساع الهوة بينهم وبين الشعب، بدلاً من تضييعها، ما أدى إلى انعدام الثقة بشكل لم يشهده أي بلد آخر في العالم وحتى في العالم الثالث مما يعني أن البلد أصبح على شفير الهاوية، إلا إذا قام هذا الشعب بثورة على هؤلاء الحكام واستولى على السلطة طبقاً للنظام الاجتماعي السليم الذي يقوم على حكم الشعب بالشعب ولأجل الشعب، ولأي أمر آخر يمكن أن يؤدي الى تجنب حصول الكارثة.