تجري الاتصالات على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية على وقع التصعيد السياسي الداخلي والإقليمي وفي ضوء ما يجري في العراق والذي بات يشكل عاملاً سلبياً إضافياً على الصعيد المحلي لما لذلك من تأثيرات وخلافات محلية، الأمر الذي دفع بعواصم أوروبية إلى واشنطن لضرورة التحرك السريع لإيجاد حل للملف اللبناني نظراً لصعوبة المرحلة والتي باتت تنذر بعواقب وخيمة على كل المستويات وتحديداً الشأنين المالي والاجتماعي في ضوء الأحداث المؤسفة التي تحصل في بعض المناطق اللبنانية، وذلك يدل على حجم المعاناة والظروف الصعبة التي يجتازها لبنان في أخطر مرحلة في تاريخه، وبناءً عليه فإنّ التعويل بات على الخارج وهذا ليس بشيء جديد نظراً لصعوبة حل الأزمة بين الأفرقاء اللبنانيين المنقسمين على بعضهم وحيث عادت الخلافات بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر إلى سابق عهدها واحتدمت بينهما خصوصاً على صعيد الاتصالات الحاصلة اليوم لتشكيل الحكومة العتيدة والتكليف ومن ثم التأليف، وصولاً إلى أمور أخرى تدخل في إطار تصفية الحسابات بين هذا الفريق والآخر، ما يبقي الأمور تدور في حلقة مفرغة.
أما في جديد الاتصالات، فإن البعض يرى أن المسألة ستكون صعبة وطويلة جداً لعودة الأمور إلى نصابها مالياً واقتصادياً باعتبار الانهيار المالي الذي حدث في لبنان لم يسبق أن حصل في الحرب والأزمات، ومعالجته تستوجب توافقاً سياسياً داخلياً واستقراراً وهذا غير متوفر اليوم، ومن ثم دعم دولي وعربي وهذا الأمر أيضاً يواجه صعوبات كثيرة باعتبار أن المجتمع الدولي، وكما بات معروفاً، له شروطه لإيصال هذا الدعم حتى على مستوى الدول العربية من خلال موقفها من حزب الله وإيران، وهذا ما يظهر بوضوح من خلال المواقف الدولية التي تصب في هذه الخانة، ولذلك فإن لبنان يترقب ما يمكن أن يحدث في المنطقة في هذه المرحلة ولا سيما في العراق ويبني على الشيء مقتضاه حول الموقف الدولي من إيران وحزب الله، وبمعنى أوضح هذه المسائل برمتها تدخل في إطار تأليف الحكومة والتكليف والوضع اللبناني بشكل عام، وفي هذا الإطار ثمة معلومات تشير إلى أن الاتصالات التي جرت في الساعات الماضية بين الأطراف اللبنانيين ومن كل الاتجاهات السياسية تنبئ بأن هناك غياباً للثقة بين المسؤولين اللبنانيين، وحيث عادت عمليات التخوين والحملات السياسية والتذكير بالعهود والحكومات السابقة إلى الواجهة، لذلك فإن الأجواء التي تعلنها أكثر من جهة سياسية تؤشر إلى أن الحل سيكون في إطار توافق المجتمع الدولي على حل للملف اللبناني وخصوصاً لبنان يشهد انهياراً مالياً واقتصادياً وهذا ما يقلق ويخيف كل المؤسسات الإنسانية من الأمم المتحدة إلى سواها، وعلى هذه الخلفية فإن هناك أكثر من صيغة يتم التدوال بها بغية إيجاد الحل المنشود الذي يطبخ في المطابخ الدولية.
وأخيراً، يُتوقع أن تشهد الأيام المقبلة أكثر من لقاء سياسي وحراك في كل الاتجاهات لأن رصيد المسؤولين يتآكل وبدأت المخاوف من تصعيد الحراك الشعبي في الشارع تتفاعل على ضوء الأزمات المالية والاقتصادية، وهذا ما بدأ يثير القلق عند المسؤولين وإن كانت الجدية المطلوبة منذ فترة طويلة غائبة، ولكن الوضع وصل إلى ما يشبه الانهيار الشامل.