Site icon IMLebanon

لحود أيَّد “المقاومة” ونفَّذ استراتيجيا سوريا

العسكري الثاني في رئاسة الجمهورية كان العماد إميل لحود أول قائد للجيش بعد اتفاق الطائف. كما كان مُوحِّده بعد انقسامه في الحرب. وإنجازه العسكري هذا ما كان ممكناً لولا الوجود العسكري لسوريا في لبنان المُشرَّع عربياً والمشرّع دولياً والمُرحَّب به من اللبنانيين بسبب رغبتهم في السلام وربما لحسن ظنِّهم في نياتها. ويعني ذلك أن وصوله إلى رئاسة الجمهورية لم يكن ممكناً لولا تبنّيها له، ولولا اقتناع غالبية شعبية وليس سياسية، لأن السياسيين ما كانوا قادرين على الرفض، بأنه سيكون رئيساً جيداً وقادراً على محاربة الفساد. والتبنّي ما كان ممكناً لولا موافقته على السياسة اللبنانية لسوريا، ولولا قبوله مشاركتها إياه في إعادة تأسيس الجيش، ولولا موافقته على أن تكون لها الكلمة الأولى والأخيرة فيه. ذلك كله عبَّد طريق وصول لحود إلى رئاسة الجمهورية. في تلك المرحلة كان صار واضحاً للبنانيين على انقساماتهم أنه طامح إلى الرئاسة رغم شعاره أنه لا يريد شيئاً لنفسه، ولم يرد يوماً شيئاً لنفسه. وقد رفع هذا الشعار يوم كان في اليرزة. واستمر في رفعه بعد استقراره في قصر بعبدا. لكن المعلومات المتوافرة في حينه أشارت إلى أن الشعار لم يكن في محله. وقد عبّر عن ذلك أمام أحد العاملين المزمنين معه بقوله، وكان ذلك قبل انتخابه رئيساً: “شعار العماد لحود إما بعبدا وإما بعبدات” مسقط رأسه. وقد رفعه في وجه الذين فكّروا في إقناعه بـ”التمديد” له كي يبقى في قيادة الجيش نظراً إلى حاجة الأخير الى “صرامته” و”اقتناعه” بالخط “الوطني” للمؤسسة العسكرية ولممارسات سوريا داخلها.

وفي رئاسة الجمهورية لم يُغيِّر لحود “إقتناعاته” الإقليمية ومواقفه الداخلية المنبثقة منها. وبالغ في تبنّيهما بحيث اقتنع اللبنانيون بأن الهدف من ترئيسه كان “أن يأخذ كل شيء بصدره” وأن يوحي أن مواقفه نابعة منه وليس موحى بها سورياً.

أما في الفساد الذي راهن عليه اللبنانيون لمواجهته فلم يفعل شيئاً رغم “عرض العضلات” الذي قام به بعد انتخابه، وتابعه ولكن مع فريق لبناني معيّن. واستمر في تجاهل فساد الراعي الإقليمي للبنان وفساد حلفائه. ويمكن القول هنا بشيء من الإنصاف أن دعمه “المقاومة” لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة من إسرائيل لم يكن نابعاً من تنفيذ استراتيجيا سورية فقط بل أيضاً من اقتناعات له. ويمكن القول أخيراً أن عهده الذي استمر تسع سنوات، مع التبدّل في رئاسة الدولة السورية، قد يكون السبب في تزعزع الإستقرار السياسي والأمني في لبنان منذ أواخر 2004 وفي وصوله حالياً إلى حافة الفتنة والحرب الأهلية.

ماذا عن العسكري الثالث في رئاسة الجمهورية العماد ميشال سليمان؟

في الجيش كان لسوريا الموجودة في لبنان (في حينه) الكلمة الأولى في تعيينه قائداً له. أما في رئاسة الجمهورية فلم تغب كلمتها الإيجابية طبعاً، رغم خروجها العسكري منه بقرار مجلس الأمن وبانتفاضة أكثر من نصف الشعب اللبناني. ذلك أنها بقيت فيه عبر حلفائها اللبنانيين وفي مقدمهم “حزب الله” و”حركة أمل” والذين شاركوهما في تشكيل فريق 8 آذار. كما أن ممارسته في قيادة المؤسسة العسكرية لم تخرج عن ممارسة سلفه فيها لأنها كانت تعبيراً عن سياسة الدولة اللبنانية. علماً أن اختلافات حصلت بينه وبين دمشق لكنها لم تطل الجوهر. كما أنه في معالجة الغضب الشعبي في الشارع عليها والحشد الشعبي “الممتن” لها أظهر موضوعية وحساً واسعاً بالمسؤولية. لكن جهات إقليمية أخرى كانت لها كلمة في ترئيسه. إنطلاقاً من ذلك بدأ سليمان عهده وهو على علاقة جيدة مع سوريا وحلفائها في لبنان، وانتهى وهو على خصام معها ومع حلفائها فيه. كان في البداية يغتبط عندما يتصل به الرئيس بشار الأسد. وفي النهاية كان يقول عليه أن يتصل بي من أجل كذا. في عهده استمر الفساد وبدأت مسيرة تعطيل مؤسسات الدولة بل شللها. وهو ليس وحده مسؤولاً عن ذلك. لم يستطع أن يضع سياسة واحدة موضوعية. فانتقل من ضفة إلى أخرى. لم يحقق عهده “إنجازات” باستثناء “إعلان بعبدا” الذي هو موضع خلاف في الداخل. وراودته فكرة التمديد وسعى إليها رغم نفيه ذلك. وهو الآن مستعد للعودة إلى بعبدا، كما قال في الإعلام قبل أشهر، إذا سمح له تعديل دستوري بذلك.

ماذا عن العماد ميشال عون الرئيس غير المنتخب في 1989 و1990؟