Site icon IMLebanon

فصل الشتاء يعوق الحرب في لبنان ولا يوقفها: التأثير الأكبر على المعركة البرية

 

 

تتفاوت حدّة المعارك البرية والمواجهات العسكرية بين إسرائيل و«حزب الله» على جبهة الجنوب، بينما يبدو واضحاً أنها ستبقى مستمرة في الأسابيع المقبلة، حيث سيكون الطرفان أمام تغيرات في أحوال الطقس مع بدء فصل الشتاء الذي لا يوقف المعركة إنما يعوقها بشكل محدود.

 

ويجمع الخبراء على أن تبدلات الطقس، لا سيما في فصل الشتاء تؤثر بشكل محدود على سير المعركة البرية لجهة صعوبة تحركات المقاتلين وتنقل الآليات في حين تتجاوزه العمليات العسكرية التي تعتمد على سلاح جو متطور، إضافة إلى أن الطقس في المنطقة لا يصنف على أنه شتاء قاس على خلاف الوضع في دول أخرى، حيث لعب فصل الشتاء دوراً أساسياً في حسم الحروب.

 

وفي هذا الإطار، يرى اللواء الركن المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي أن عوامل الطقس «لم يعد لها تأثير كبير على مجريات المعركة في ظل تطور المعدات للقتال في كل الظروف».

 

لكنه في المقابل، يعدّ أن الأمطار وتشكُّل الضباب يساعدان طرفي القتال في المعركة البرية، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن عامل الطقس يؤدي إلى حجب الرؤية نتيجة تشكُّل الضباب وعدم انكشاف المقاتلين من المهاجمين والمدافعين؛ ما يؤدي إلى صعوبة القتال، لكنه يرى أن هذا الوضع يستفيد منه المتقدم، أي الإسرائيلي الذي يمتلك الأجهزة المتطورة وتنعكس سلباً على حركة المدافع، أي مقاتلي «حزب الله» وإن كانوا مجهزين، مع صعوبة الحركة على الأرض الموحلة، لا سيما أنهم لا يستخدمون الطرقات المعبدة.

 

وإضافة إلى انعكاس هذا الوضع على معنويات المقاتلين، يتحدث شحيتلي عن تأثير الأمطار والبرد على الظروف المعيشية للنازحين نتيجة الحرب، وهو ما من شأنه أن يشكل ضغطاً على مسار المفاوضات والقرار السياسي لإنهاء العمليات العسكرية.

 

لكن في المقابل، يرى العميد المتقاعد حسن جوني، أن الأحوال الجوية تنعكس بشكل أساسي على المهاجم أكثر من المدافع في العمليات البرية، وبالتالي إذا كان هناك قرار باستمرار الحرب ففصل الشتاء لن يوقفها، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنه عادة ما يكون المدافع، أي «حزب الله» مستعداً وأهدافه معروفة وهو على علم بطبيعة الأرض وجغرافيتها، وبالتالي يتأثر بدرجة أقل من المهاجم، بالطقس البارد والأمطار اللذين يؤثران أيضاً على انتقال الآليات نتيجة التربة الموحلة، إنما بدرجة محدودة لا تعوق استمرار القتال.

 

ويرتكز جوني في كلامه على طبيعة الطقس في المنطقة، حيث لا يسجّل سقوط الثلوج والأمطار الغزيرة على غرار ما حصل في الحرب بين روسيا وأدولف هتلر. أما فيما يتعلق بسلاح الجو، فيؤكد جوني أنه لا يتأثر أبداً بعوامل الطقس؛ لأسباب أهمها تطور عمل الطائرات والصواريخ والمسيَّرات، إضافة إلى أنه لا يسجل في المنطقة سرعة رياح كبيرة، قد تعوق عملها الذي يعتمد على الـ«جي بي إس» وليس على الرؤية بالعين المجردة.

 

ويعتمد كل من «حزب الله» وإسرائيل على المسيَّرات بشكل رئيسي في حرب جبهة الجنوب. وتصنف المسيَّرات التي يستخدمها «حزب الله» على أنها حديثة ودقيقة في إصابة هدفها وقدرة بعضها على الإفلات من الرادارات و«القبّة الحديدية»، على خلاف الصواريخ التي نجحت إسرائيل في التصدّي لعدد كبير منها وإسقاطها قبل بلوغ الهدف. كذلك، تعتمد إسرائيل على المسيَّرات بشكل كبير في عملياتها العسكرية، لا سيما في جمع المعلومات الاستخبارية والمراقبة والاستطلاع، وصولاً إلى القصف وتنفيذ عمليات اغتيال.

 

ويأتي اليوم فصل الشتاء بعد أكثر من سنة على بدء الحرب في الجنوب، حيث فتح «حزب الله» جبهة إسناد غزة في 8 أكتوبر (تشرين الأول)، وبالتالي مرّت هذه الحرب بفصل شتاء عام 2023، لكنها كانت تقتصر على العمليات العسكرية الجوية وكانت محدودة ضمن القرى الحدودية الأمامية، قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي قبل نحو شهر بدء العملية البرية، من دون أن يحدد هدفها الأساسي.

 

وبانتظار مسار هذه المعركة البرية التي يسجّل خلالها اشتباكات من النقطة صفر بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» يبدو واضحاً أن هدف تل أبيب ليس احتلال بلدات في جنوب لبنان بقدر ما هو إنشاء منطقة عازلة بالنار، وهو ما قامت به عبر تفخيخ القرى وتفجيرها وقد تجاوز عددها حتى الآن الـ37 قرية.

 

من هنا، يبقى الترقُّب سيد الموقف، لا سيما بعدما قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي إن الجيش يجب أن يستعد لتوسيع وتعميق المناورة البرية في جنوب لبنان؛ ما يطرح علامة استفهام حول الخطوة التالية، في وقت يتسلّح «حزب الله» بمقولة «الكلمة للميدان» لحسم المفاوضات، مستنداً في ذلك إلى صموده في مواجهة الإسرائيلي ومنعه من التقدم واحتلال بلدات حدودية.

 

 

أعمدة الدخان تتصاعد على الجانب الإسرائيلي من الحدود مع لبنان بالقرب من قرية عيتا الشعب 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

يذكر أن معظم الحروب الإسرائيلية على لبنان كانت بين الربيع والصيف، لكن «إسناد غزة» التي تحولت «أولي البأس»، وفق تسمية «حزب الله»، تعدّ الأطول.

 

وكانت قد شنّت إسرائيل في مارس (آذار) 1978 عملية عسكرية واسعة النطاق في جنوب لبنان تحت اسم «عملية الليطاني» لطرد الفصائل الفلسطينية المسلحة من المنطقة الحدودية، على أثر هجوم مجموعة فلسطينية قرب تل أبيب.

 

وفي يونيو (حزيران) عام 1982 قامت إسرائيل باجتياح لبنان عبر دخول قواتها إلى جنوب لبنان واحتلال عدد من المناطق خلال يومين، ومنه إلى بيروت.

 

في يوليو (تموز) عام 1993، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية سمّاها «تصفيه الحساب»، رداً على هجمات «حزب الله» على شمال إسرائيل، واستهدفت العملية مناطق في جنوب لبنان وصولاً إلى ضواحي بيروت.

 

وفي شهر أبريل (نيسان) 1996 شنّت إسرائيل حرباً على لبنان تحت اسم «عناقيد الغضب»، شاركت فيه جميع قطاعات الجيش البرية والبحرية والجوية.

 

وفي عام 2006 وقعت «حرب تموز» بعد هجوم «حزب الله» على دورية للجيش الإسرائيلي وخطف جنديين وقتل 3 آخرين، وقد استمرت هذه الحرب 34 يوماً.