IMLebanon

إيطاليا مهتمّة بالتهدئة جنوباً… وبإنجاز “إتفاق الحدود البريّة” لتأكّدها من وجود مكان للغاز في البلوكات اللبنانيّة 

 

 

برز أخيراً اهتمام إيطاليا بالوضع اللبناني، ليس الداخلي إنّما المتعلّق بالحدود الجنوبية، إذ كشف وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني في مقابلة على هامش قمّة “الناتو” التي عُقدت في واشنطن، “أنّنا نعمل على إبرام اتفاق حدودي بين لبنان و “إسرائيل”، مؤكّداً أنّ روما تُحاول تخفيف التوتّرات في الشرق الأوسط. ولفت ما صرّح به عن أنّ بلاده “تستخدم اتفاقية الحدود البحرية التاريخية التي وقّعتها الدولتان في العام 2022  كمخطط للاتفاق على الأراضي”.

 

أوساط ديبلوماسية مطّلعة أكّدت أنّ اهتمام إيطاليا بالوضع اللبناني ليس جديداً، وإن لم تكن من الدول الخمس المعنية بالشؤون الداخلية اللبنانية (أي أميركا وفرنسا ومصر والسعودية وقطر)، إلّا أنّها من بين الدول الأوروبية المهتمّة بالدرجة الأولى بعودة الأمن والاستقرار الى الحدود الجنوبية، من أجل متابعة العمل في التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات اللبنانية البحرية. فشركة “إيني” الإيطالية هي من بين أعضاء “كونسورتيوم” الشركات التي أبدت اهتمامها بالتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان، الى جانب “توتال إنرجي” و”قطر للطاقة”. وقد حصل التحالف على رخصتي التنقيب والاستخراج في البلوكين 4 و9.

 

وتعمل “إيني” حالياً في حقل “ظهر” المصري، وكانت أول من اكتشفت أنّ هذا الحقل يُشكّل أكبر خزّان للبترول في منطقة الشرق الأوسط. في حين أنّ شركات أخرى، حفرت فيه قبلها، وأعلنت أنّها لم تجد فيه مكتشفات تجارية، إلّا أنّها تتقاسم الحقول المصرية مع شركة “شل” البريطانية الحاصلة على حصّة أكبر منها. كذلك في لبنان، فإنّ شركة “توتال إنرجي” هي المشغّلة للكونسورتيوم الذي لم يتقدّم حتى الآن بأي طلب جديد للاستثمار في البلوكات اللبنانية المعروضة.. الأمر الذي يجعل إيطاليا تتحرّك للبحث عن دور أكبر لشركة “إيني” في قطاع النفط والغاز في لبنان في المرحلة المقبلة.

 

وهذا يعني، وفق الأوساط نفسها، أنّ اهتمام إيطاليا اليوم بعودة الاستقرار والهدوء الى المنطقة الجنوبية، على غرار ما تُطالب به دول أوروبية أخرى، يعود لخشيتها من توسّع الحرب الى جميع المناطق اللبنانية، لتبلغ شظاياها بعد ذلك القارة الأوروبية. ولهذا فهي ترفض تفجير المنطقة أولاً، وتسعى الى إعادة الأمن والهدوء الى المنطقة كونه يسمح للشركات الدولية النفطية بالعودة للاستثمار في المياه البحرية في لبنان. ولو لم تكن شركة “إيني” متأكّدة من وجود البترول في البلوكات البحرية الحدودية، لما كان وزير خارجية إيطاليا يتحدّث عن سعي بلاده لتخفيف التوتّرات في الشرق الأوسط.

 

وتعود أسباب تأكّد “إيني” الإيطالية من أنّ هناك غاز ونفط في المنطقة البحرية اللبنانية الحدودية، لا سيما في البلوكات 8 و9 و10، على ما أضافت الاوساط، الى أنّ مجمل المكامن غير المكتشفة حتى الآن في حوض البحر المتوسط، قد تُوازي ضعف ما جرى اكتشافه في المنطقة منذ سنوات وحتى يومنا هذا. وصحيح بأنّه لا توجد أرقام دقيقة لمخزون مكامن النفط والغاز في المنطقة، إلّا أنّ دراسة أجرتها هيئة المسح الجيولوجي الأميركية قدّرت في العام 2010، بأنّ منطقة الشرق الأوسط (بمساحة نحو 83 ألف كلم2) تحتوي على 1.7 مليار برميل من النفط القابل للإستخراج، وما يُقارب 122 تريليون قدم مكعب من مصادر الغاز غير المكتشفة في حوض شرق المتوسط أي قبالة سواحل لبنان وسوريا وفلسطين المحتلّة وقبرص وغزّة. علماً بأنّ هذه التقديرات لم تشمل الأرقام المتعلّقة بحوض دلتا النيل. كذلك قيّمت الهيئة نفسها المنطقة، بعد 11 عاماً (في العام 2021) وبعد شطب أرقام بعض المكتشفات، وإضافة بعض المناطق الى دراستها، فأعلنت بأنّها تحتوي على متوسّط 879 مليون برميل من النفط، و286.2 تريليون قدم مكعب من الغاز.

 

كلّ هذه الأرقام للقول، بحسب الأوساط الديبلوماسية، أنّ إيطاليا متأكّدة من وجود مكامن للنفط

 

والغاز في البلوكات اللبنانية، ولهذا تسعى الى جانب الدول الكبرى الأخرى الى إعادة الأمن

 

والإستقرار الى المنطقة الحدودية، بهدف تشجيع الشركات الدولية للنفط بالعودة للإستثمار في

 

البلوكات اللبنانية. ومن هنا قد تتقدّم “إيني” بمفردها بطلب ترخيص خلال دورة التراخيص

 

الثالثة التي جرى تمديدها الى العام المقبل، في حال بقيت شركة “توتال إينرجي” تتردّد

 

وتماطل من دون أن تُقدّم تقريرها النهائي حول الحفر في حقل “قانا” في البلوك 9 الى الحكومة اللبنانية، أو تتقدّم بطلب جديد للإستثمار في البلوكين 8 و10 الحدوديين.

 

وعن قول تاياني إنّ روما تستخدم اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، كمنطلق للإتفاق البرّي بين لبنان و”إسرائيل”، ذكرت الأوساط ذاتها بأنّ نقطة الإنطلاق للتوافق على الحدود البريّة يجب أن تكون نفسها التي جرى على أساسها الترسيم البحري. ولكن لا بدّ من الاتفاق على النقاط الخلافية الـ 13 عند الخط الأزرق أولاً، وعلى نقطة الـ “بي.وان” الأساسية لأي اتفاق برّي. ولهذا لا بدّ من العودة الى الاتفاقيات السابقة أيضاً، وليس فقط الى اتفاقية الترسيم البحري في العام 2022، سيما أنّ الإتفاقيات التاريخية التي تعود الى العام 1923، واتفاقية الهدنة في العام 1949، تُحدّد حدود لبنان النهائية مع فلسطين المحتّلة. وإذا تبدّلت بعض المعطيات على الأرض، فيجب إدخالها في “التحديد البرّي”، ولكن من دون المسّ بأي شبر من الأراضي اللبنانية، أو إنقاص مساحة لبنان الجغرافية والتي هي 10.452 كلم2.