Site icon IMLebanon

عاد مطمر الناعمة  وعادت بدربِهِ سوكلين

هكذا كان المشهد صباح أمس الإثنين:

مجموعات شبابية تحاول قطع بعض الطرقات الرئيسية لمداخل العاصمة لكنَّ المحاولات لم تنجح فأعلنت الإنسحاب من الشارع.

هذه المحاولات كانت للإعتراض على ما انتهى إليه ملف النفايات، لكنَّ التحرك كان أقل من عادي لفضيحة أكثر من استثنائية، بهذا المعنى نحاول كثيراً أن نجد مصطلحاً يعبِّر أكثر من كلمة فضيحة، لأنَّ كلمة فضيحة تكاد أن تكون صغيرة حيال ما يجري… وما سيجري.

المشهد يوم السبت الفائت لم يكن موفقا على الإطلاق:

جلسة مجلس الوزراء جاءت بناءً على اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة ملف النفايات يوم الجمعة، أُعطيت إشارة إلى أنَّ اللجنة توصلت إلى إتفاق، وعلى هذا الأساس تمت الدعوة إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء في اليوم التالي لوضع هذا الإتفاق موضع التنفيذ.

هنا بدأت الفضيحة، كيف تكون اللجنة قد توصلت إلى إتفاق، وما على مجلس الوزراء سوى مباركته، فيما مجلس الوزراء يعقد جلسة لثماني ساعات ويخرج بمقررات ملتبسة فيذيع وزير الإعلام شيئاً ويُنقَل عن رئيس الحكومة شيء آخر! كيف يكون إتفاق في اللجنة الوزارية فيما هناك خلاف في مجلس الوزراء؟

***

هنا ما هو أكبر من فضيحة لأنَّ كلَّ ما قامت به الحكومة هو أنَّها أعادت عقارب الساعة إلى الوراء أي إلى 17 تموز 2015 حين أقفلت مطمر الناعمة وسُحِب البساط من تحت شركة سوكلين، ولكن بعد ثمانية أشهر عاد المطمر وعادت سوكلين! ثمانية أشهر من العذاب ومن الحراك ومن الأوبئة ومن الأمراض ومن نشر غسيل النفايات على الفضائيات العالمية، كلُّ ذلك لم يُحرِّك شيئاً في ضمير الحكومة فكان السبت الأسود للنفايات.

أوصلت الحكومةُ الناسَ إلى حد الإختناق:

تسببت في طمر بيروت بأكثر من 700 ألف طن من النفايات منذ أن أُقفِل مطمر الناعمة، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل عمدت وبعد شهرين إلى إقفال مطمر الناعمة، وتحديداً في التاسع من أيلول الماضي، إلى اتخاذ قرار يقضي بعدم تجديد عقدي المعالجة والطمر مع سوكلين وسوكومي وكذلك عدم تجديد عقد الإشراف على أعمال المعالجة والطمر.

***

عاش اللبنانيون من ذلك الحين وحتى اليوم فترات عصيبة مليئة بالروائح الكريهة، ناهيك عن الأمراض التي تفشَّت في كل مكان، وقد غصّت معظم المستشفيات بحالات معظمها تسمم، إلى أن تمَّ الوصول إلى السبت 12 آذار:

العودة إلى مطمر الناعمة والعودة إلى سوكلين التي كانت تقاضت إلى حين فسخ العقد معها نحو مليارين ونصف مليار دولار، وهذا الرقم موثَّق وهو الذي قدَّمه مجلس الإنماء والإعمار أخيراً إلى لجنة المال والموازنة النيابية، وفي هذا الرقم أنَّ ثلاثين في المئة منه ذهبت هدراً لأنها صُرِفَت على ما سُمِّي معالجةً، وهذه المعالجة لم تتمَّ لأنَّ الطمر كان يتم من دون معالجة.

هذا الواقع هو الذي دفع النائب المالي العام القاضي علي ابراهيم إلى الإدّعاء على شركة سوكلين وشقيقاتها، بتهمة حصول تلاعب وأخطاء و مماطلة وتقاضي أموال عن أعمال لم تنجز، في ظل غياب الرقابة الفاعلة والتقصير في إتمامها وحصول مخالفات في تنفيذ أعمال المعالجة والطمر.

هنا الغضب الذي يتجاوز الفضيحة: شركة يتم الإدعاء عليها وستمثل أمام القضاء للبدء في التحقيق معها، وهي تستعد للمثول أمام القضاء، تستعد أيضاً لمعاودة العمل لأربع سنوات مقبلة.

شكراً على إنجازاتكم، فعلاً تستحقون أن تكونوا وزراء وأن ندفع رواتبكم ومخصصاتكم، وإذا أردتم المزيد، ما لكم إلاَّ أن تطلبوا من الناس تعويضاً عن تأخركم بحلّ ملف نفاياتكم.