أُقفل مطمر الكوستابرافا ليل الجمعة الماضي، تنفيذاً لقرار القضاء. ليس معروفاً بعد مدى «جدّية» الإقفال ومُدّته، في ظل غياب بديل يُجنّب تكديس نحو 1500 طن من النفايات التي تنتجها الضاحية الجنوبية ومناطق الشوف وعاليه وبعبدا. في غياب الخطط العلمية الواضحة والإجراءات «الاحترازية»، تعود أزمة النفايات لتطلّ مجدداً كاستحقاق جدي داهم، وتنذر بخطر تراكم النفايات في الشوارع
هديل فرفور
ليل الجُمعة الماضي، أُقفل مطمر الكوستابرافا، وذلك بعدما قرّرت الشركة المُلتزمة أعمال المطمر، «الجهاد للتجارة والمقاولات»، بالتوافق مع «مجلس الإنماء والإعمار»، التزام القرار القضائي الصادر عن دائرة التنفيذ في بعبدا بتاريخ 31 آب الماضي، والقاضي بتنفيذ حُكم إقفال مطمر الكوستابرافا الصادر عن قضاء العجلة في كانون الثاني الماضي.
وكانت رئيسة دائرة التنفيذ، القاضية جيهان عون، قد أنذرت كلاً من المجلس والشركة و«اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية» بوجوب تنفيذ الحكم القضائي الصادر عن قاضي الأمور المُستعجلة في بعبدا، القاضي حسن حمدان، والمتخذ في 31 كانون الثاني الماضي، وأعطت الجهات المذكورة مهلة خمسة أيام من تاريخ التبليغ من أجل تنفيذ الحُكم.
تُفيد المُعطيات بأن الشركة المتعهدة، بالتنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار، عمدت إلى إقفال المطمر عند الساعة الثانية عشرة من ليل الجمعة، وذلك بعدما تبلغت الجهتان المذكورتان قرار دائرة التنفيذ يوم الاثنين الماضي.
يقول المحامي حسن بزي، أحد المحامين الذين تقدّموا في أيلول الماضي لدى القاضي حمدان باستحضار ضد الجهات المذكورة من أجل إقفال المطمر، إن المحامين سيعمدون اليوم إلى الحصول على قرار بتنفيذ الحكم من دائرة التنفيذ، «كي يتّخذ التنفيذ صيغة رسمية، وبالتالي كي يصعب على محكمة الاستئناف وقف تنفيذ الحُكم الذي يُصبح قائماً».
تجدر الإشارة إلى أن محكمة الاستئناف المدنية في جبل لبنان تبحث حالياً في أساس الدعوى المتعلّقة بالمطمر وفي إمكانية إبطال قرار التنفيذ، وذلك بعدما تقدّم «اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية» في 7 شباط الماضي بطلب استئناف قرار القاضي حمدان، وبالتالي ــ بحسب بزّي ــ «إذا سلكت الإجراءات القانونية من دون عوائق، وتمكّنا من الحصول على قرار بمتابعة التنفيذ من دائرة التنفيذ، فإنه سيصعب على محكمة الاستئناف وقف تنفيذ حكم القاضي حمدان».
قرارُ الإقفال الصادر عن القاضي حمدان، جاء مُعلَّلاً بعدة خلاصات، مفادها أن موقع المطمر يُمثل بحالته الراهنة خطراً على حركة الطيران، «وقد يزداد مع الوقت بسبب جذبه الطبيعي للطيور»، فضلاً عن أن آلية العمل داخل المطمر «بفعل دفن النفايات بنحو غير مُطابق للمواصفات الفنية، سيُنتج على المدى القصير، المتوسط والبعيد، أضراراً على المحيط السكني والثروة السمكية في أماكن بعيدة عنه حالياً، جرّاء العصارة المتسللة إلى جوف البحر» وغيرها من المبررات التي استند إليها قرار الإقفال.
حجة البديل غير الموجود
تقول مصادر متابعة لدعوى الإقفال إن هناك ضغوطاً سياسية كبيرة تُمارس على الجهة المُدعية المطالِبة بإقفال المطمر من أجل التريّث و«فرملة» المساعي لتنفيذ حُكم الإقفال، مُشيرةً إلى أن الحجة الأساسية لممارسة الضغوط تتمثّل بغياب وجود البديل للمطمر، وبالتالي «التلويح بتداعيات أزمة تكدّس النفايات من جديد التي ستطاول الجميع».
وللتذكير، أصدر القاضي حمدان قراره بالإقفال في كانون الثاني الماضي. حينها، أمهل المعنيين مدة أربعة أشهر من أجل إيجاد البديل، على أن تدرس السلطات المعنية كافة الخيارات والاقتراحات من أجل تدارك تداعيات إقفال المطمر. انتهت المُهلة في 18 حزيران الماضي، وعلى الرغم من المساعي إلى إمهال المعنيين المزيد من الوقت (نحو شهرين إضافيين)، إلا أن المعنيين لم يُحرّكوا ساكناً بالرغم من مضي أكثر من 8 أشهر على إمهالهم لإيجاد بديل.
وهنا يجب الإشارة إلى الأداء الذي وصفه بعض المتابعين بـ «المُخيّب» لوزارة البيئة التي رفعت خطة تنفيذية «غير واقعية» و«متخبطة» لا ترتقي إلى مستوى الأزمة الفعلية الحالية (راجع http://www.al-akhbar.com/node/282578).
النفايات إلى ساحة العمروسية
يستقبل المطمر نحو 1500 طن يومياً، بحسب تقديرات التقرير الميداني الذي أعدته وزارة البيئة ضمن جوابها على طلب القاضي حمدان المتعلق بإعطاء رأيها الفني. 1200 طن تُنتجها مناطق الضاحية الجنوبية والشويفات وعرمون وبشامون والحدث، و300 طن تأتي من قسم من بيروت الإدارية.
إقفال المطمر يعني عملياً تكدّس هذه النفايات في الشوارع، ما يُعيد الأزمة إلى بدايتها، في ظل غياب أي بديل علمي وعملي في الوقت الراهن. تقول مصادر في مجلس الإنماء والإعمار في اتصال مع «الأخبار»، إن المجلس أوعز إلى ائتلاف شركة «معوّض ــ إده» اللبنانية مع شركة «سوريكو» البلغارية، الملتزم أعمال جمع النفايات وكنسها في هذه المناطق تحت اسم «سيتي بلو»، أن ينقل النفايات حالياً إلى الساحة الموجودة داخل معمل العمروسية تفادياً لتكدّس النفايات في الشوارع، وذلك «إلى حين إيجاد بديل».
يقول مصدر في الشركة لـ «الأخبار»، إن المساحة الموجودة في العمروسية قادرة على استيعاب النفايات لمدة أسبوع، وإن الشركة «ستبقى تجمع النفايات خلال هذه الفترة، بانتظار التوصل إلى بديل».
هذا الحلّ «المؤقت» يُذكر بإجراءات مماثلة اتخذتها السلطة خلال الأزمة السابقة تفادياً لتكدس النفايات، كاستحداثها «مكباً» في منطقة الكرنتينا، لا تزال النفايات مُكدّسة فيه حتى يومنا هذا، فضلاً عن «المكب» الموجود بالقرب من مطمر برج حمود، والذي اعتُمد مركزاً لتخزين النفايات بعد إقفال مطمر الناعمة في أيار عام 2016 وقبل تشغيل المطمرين في شهر تشرين الأول الماضي، والذي يحتوي حالياً على نحو 300 ألف طن من النفايات «المجهولة المصير».
وفي ظل الحديث عن إمكانية إعادة تكدّس النفايات في الشوارع، يجب الإشارة إلى أن هناك مناطق وبلدات في إقليم الخروب وغيرها، لا تزال عاجزة عن إيجاد آلية لتصريف نفاياتها بسبب استثنائها من خطة النفايات الحكومية وعدم شمولها ضمن العقود المتعلقة بالمطامر الموجودة حالياً. هذه المناطق تعاني منذ نحو سنتين من حرق عشوائي ومن مكبات منتشرة بين شوارعها من دون أن تلتفت السلطات المعنية بأمرها.
«رامكو» تفوز بمناقصة كنس نفايات بيروت وجمعها ونقلها
بعد مُضي شهرين على إلغاء مجلس بلدية بيروت مناقصة جمع النفايات المنزلية الصلبة وكنسها في العاصمة بسبب «اكتشاف خطأ فيها»، أعلن رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني يوم الجمعة الماضي، فوز ائتلاف «رامكو للتجارة والمقاولات» مع شركة «التاس» التركية بسعر بلغ نحو 70 مليون دولار على أساس خمس سنوات تعاقد. يُذكر أن الائتلاف المذكور هو نفسه الذي فاز في مناقصة جمع وكنس نفايات قضاءي المتن وكسروان في أيلول الماضي. ومن المُقرر ألّا يُباشر الائتلاف أعماله في العاصمة قبل انتهاء السنة الحالية، ما يعني أن «سوكلين» ستواصل أعمالها في العاصمة خلال الأشهر المُقبلة.
اللافت أن بلدية بيروت لم تُطلق بعد مناقصة المعالجة والفرز الخاصة بها (عبر تقنية التفكك الحراري)، علماً أنه مضى على طلب المجلس البلدي الانفصال عن مناقصات النفايات المركزية وإجراء مناقصة خاصة بها من أجل إدارة نفايات العاصمة أكثر من سنة.