الأفق المُقفل على الحلول يُشرِّع الأبواب أمام قاعدة «الضرورات تُبيح المحظورات»
الملفات الكبيرة خارج المدار اللبناني وتحذيرات دولية جدّية بشأن الوضع المالي
مروحة من الإتصالات تسبق انعقاد الجلسة التشريعية ومحاولات مع عون قد تجعله يُليّن موقفه
يبدو أن الأفق المقفل على أية حلول للأزمات المفتوحة على تنوّعها يتجه لاعتماد قاعدة الضرورات تبيح المحظورات في مقاربة بعض الملفات الداخلية والتي سيكون باكورتها الشأن المالي من خلال الدعوة التي وجهها الرئيس نبيه برّي لعقد جلسة تشريعية عامة يومي الخميس والجمعة من الأسبوع المقبل لمناقشة وإقرار العديد من مشاريع القوانين ذات البُعد المالي بعد أن تلقى لبنان جملة من التحذيرات الدولية بهذا الخصوص سيّما وأن هناك بعض الهبات والقروض الميسّرة سينتهي مفعولها ما لم تقونن في مُـدّة قصيرة في المجلس النيابي، وهذا إن حصل سيرتدّ سلباً على الوضع المالي والإقتصادي الآخذ في الإنحدار في الأصل.
ويُلاحظ من خلال الدعوة التي وجهها رئيس المجلس بأنه أخذ خيار عدم الاستسلام للتعطيل الذي فعل فعله في السلطة التشريعية، وأنه لا يريد لهذا التعطيل أن يستوطن في المجلس النيابي إلى ما شاء الله، منطلقاً في ذلك بأن الميثاقية لا تعني زيادة في التعطيل والإنهيار بل من أجل الحفاظ على الوطن، من دون أن يوصد الأبواب في وجه المعترضين على انعقاد هذه الجلسة ما لم يكن على جدول أعمالها قانون الإنتخابات، حيث فُهم بأن رئيس المجلس سيجري في الفترة الفاصلة عن انعقاد الجلسة مروحة من الاتصالات والمشاورات في محاولة لإظهار محاذير الاستمرار في هذا الشلل التشريعي وما يمكن أن يخسره لبنان مالياً بفعل ذلك عدا عن مصداقيته التي ستتشظى دولياً حيث من الممكن أن تدير لنا الصناديق والبنوك الدولية ظهرها في المستقبل وتمنع عنا المساعدات والهبات فيما لو تقاعسنا عن القيام بما هو مطلوب للحصول على هذه المساعدات والقروض.
وإذا كانت مصادر في فريق الرابع عشر من آذار ترى ضرورة أن يأخذ الرئيس برّي بمبدأ الميثاقية التي اجترحها منذ العام 2006، وأنه من الممكن عدم حصول هذه الجلسات في حال بقيت الأطراف المسيحية على موقفها وتضامن معها تيّار «المستقبل»، فإن مصادر وزارية في الثامن من آذار تؤكد بأن لبنان لم يعد يحتمل الأزمات وهو مهدّد بالإنهيار إقتصادياً ومالياً وحتى سياسياً نتيجة حالة التخبّط التي يعيشها والتي تترجم غياباً للتفاهم على أي ملف، وبالتالي من الضروري عقد هذه الجلسة التشريعية لا بل تفعيل المجلس النيابي والحكومة لمواجهة ما هو قادم من أخطار، فهناك مواضيع مالية واضحة وعدم الاكتراث لها يعني كمن يُطلق النار على نفسه سيّما وأن الدورة الاقتصادية الداخلية شبه متوقفة نتيجة الصراعات السياسية وإحجام المغتربين والسيّاح العرب من زيارة لبنان وضخّ كتلة نقدية في أسواقه يمكن أن تساهم في تحريك العجلة الاقتصادية وتُنعش القطاع المالي.
وتسأل المصادر هل هناك إمكانية لمناقشة 17 مشروع واقتراح قانون انتخابي في ظل الوضع السياسي المأزوم؟ بالطبع لا.. ولذا يفترض على القوى المعارضة تليين مواقفها والانصياع إلى دعوة رئيس المجلس في سبيل تفعيل العمل التشريعي وإقرار المشاريع والاقتراحات الملحة.
وفي رأي المصادر بأن هيئة الحوار التي ستستمر لن يكون في مقدورها التفاهم على رئيس للجمهورية أو على قانون للانتخابات، ولذا ليس هناك من فائدة في الاستمرار في التعطيل لأن الهيكل إن وقع لن يتضرر منه فريق بحدّ ذاته بل ستقع الكارثة على الجميع دون استثناء، مشددة على ان هذه الملفات الكبيرة باتت خارج المدار اللبناني وهي تنتظر الانفراج الإقليمي لكي تتحرر من حالة الانتظار التي ربما تمتد لأشهر إضافية.
وتقول المصادر أن نبقى مكتوفي الأيدي ونتراشق في الإعلام ونتبادل التهم إلى ان تحصل التسوية في المنطقة وعندها تحل مشاكلنا، بالتأكيد ان مثل هذا التفكير هو كارثي لأن الثمن سيكون مكلفاً ولا طاقة للبنان على تحمله سيما وأن أزمة النازحين السوريين ستطول ومنسوب المساعدات الدولية في هذا الخصوص ينخفض يوماً بعد يوم مما يبعث على الخوف من أن نصل إلى مرحلة صعبة لن يكون في قدرة لبنان على تحملها أو تجاوزها.
وفي رأي هذه المصادر ان العناد في المواقف حيال الجلسات التشريعية ليس في مصلحة أحد حتى المعاندين، ولهذا فإن المطلوب التعاطي بليونة والذهاب في اتجاه تسهيل الأمور للخروج من المأزق الذي نحن فيه، متوقعة في هذا المجال ان يتراجع التيار الوطني الحر عن موقف المقاطعة تجاوباً مع دعوة رئيس المجلس وتمني «حزب الله» وبذلك فإن الميثاقية تتأمن، وفي حال الإصرار على المقاطعة فإن هناك نواباً مسيحيين سيكونون حاضرين الا إذا كان هناك من يريد افتعال مشكلة لا مبرر لها على الإطلاق في هذا الظرف.
ولا تُسقط المصادر من حساباتها ان يتفاقم الوضع بين عين التينة والرابية، وربما بين بكركي ورئيس المجلس الا ان ذلك سيبقى تحت السيطرة وربما لا يغير في الأمر شيئاً.