Site icon IMLebanon

الفراغ كبير وحروبنا صغيرة جداً

ما إن اجتمع عدد من الوزراء تلبية لدعوة من الرئيس ميشال سليمان الى لقاء تشاوري حتى بدأت وسائل اعلام 8 آذار تشنّ هجوماً على الرئيس السابق وتروّج انقساماً داخل قوى 14 آذار، واستياء في أوساط الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، ليس في الحقيقة إلا استياء لدى قوى 8 آذار، وتحديداً “التيار الوطني الحر” الذي يجهد رئيسه لإحكام السيطرة على القرار المسيحي.

اللقاء لدى الرئيس سليمان لم يكن ولادة لجبهة جديدة لا يسمح جميع الاطراف حالياً بولادتها، لئلا يتحول قوة ثالثة يمكن ان يعود معها شريكاً في القرار، وخصوصاً بعد انطلاق الحوار الثنائي بين عون وجعجع بما يحصر الزعامة المسيحية في الرجلين فيجعل اتفاقهما مؤثراً وحاسماً في بعض القرارات، واختلافهما ينعكس سلباً فيعطل قرارات. مع العلم ان مسار الامور لا يوحي بأن اتفاقهما او اختلافهما يمكن أن يحسم ملفات عالقة، أبرزها رئاسة الجمهورية، التي صرّح أكثر من مرجع لبناني بأنها كانت استحقاقاً لبنانياً في مرحلتها الاولى قبل ان تخرج من سيطرة اللبنانيين. صحيح أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يؤكد في أكثر من مناسبة عدم انتظار الخارج لأن القرار محلي، لكنه في الوقت عينه لا يحاور ولا يناقش الملف، بل يتحدّث انطلاقاً من محاولة فرض العماد ميشال عون رئيساً، بعد نيله تفويضاً لذلك من طهران ودمشق، لكن أي اسم آخر قد يجعل القرار الداخلي أصعب.

في هذه الاثناء، تنشط الحروب اللبنانية على مشروع أو موقع أو مرسوم أو سفر للمشاركة في مؤتمر أو غير ذلك من الامور الصغيرة التي لا يتم تقويم الغاية المرجوة منها، وما إذا كانت حققت أهدافها في خدمة لبنان واللبنانيين، بل تخضع لأهواء ومنافع ومصالح شخصية وعائلية وحزبية، فيتعطل مجلس الوزراء وتتعقد آلية اتخاذ القرارات فيه، ليس من أجل المصلحة الوطنية وصون هيبة الرئاسة الاولى ودورها في ظل الشغور الرئاسي. ويتخذ بعضهم من الشغور قميص عثمان لإمرار مشاريع تعود بالنفع على وزراء، ولا يتم التصويت إلا بعد ضمان التصويت على مشروع مقابل، وكم من القرارات غير الملحة أقرت في الجلسات السابقة في ظل توافق مصلحي يحرك معظم الوزراء. هكذا تبدو القضايا كبيرة جداً، والأخطار المحدقة كثيرة جداً، ومعاركنا الداخلية في منتهى الصغر.