Site icon IMLebanon

خشية من تداعيات زيارة لاريجاني ومخاوف من ازدياد عزلة لبنان

 

 

إذا كانت ظروف استجابة الدول الخليجية لطلب رئيس الحكومة حسان دياب زيارتها، تبدو صعبة في ظل عدم حماسة هذه الدول للحكومة اللبنانية الجديدة، نتيجة الملابسات التي رافقت تشكيلها، بدليل أن معظم دول مجلس التعاون أحجمت عن التهنئة حتى الآن، فإنها بالتأكيد ازدادت صعوبة بعد زيارة رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني الأخيرة إلى بيروت، وما أطلقه خلالها من مواقف أثارت استياء العديد من الأوساط السياسية والحزبية والشعبية، ورسمت الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة التعاطي الايراني مع لبنان كدولة مستقلة وذات سيادة. وكون أن لاريجاني هو الشخصية الأجنبية الأولى حتى الان التي تزور لبنان لتقديم التهنئة بتشكيل الحكومة، فإن زيارة المسؤول الايراني وما رافقها وتلاها من ردود فعل، فإنها ستترك تداعيات على صعيد العلاقات بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي التي لم تكن مرتاحة لهذه الزيارة، والتي جاءت لتؤكد أن الإيرانيين يريدون أن يبعثوا برسائل للخارج بأن لبنان  بات أكثر فأكثر في القبضة الايرانية، كجزء من محور الممانعة، وهو أمر لا يمكن الاستهانة به، بما يحمله من أضرار بالغة الخطورة على لبنان ومصالحه العربية والخليجية.

 

وإذا كان لبنان يمني النفس بالتفاتة خليجية نحوه تساعده على تجاوز أزمته المالية التي ترخي بثقلها على أوضاعه الداخلية، وتكاد تضعه في مهب الريح، فإن أسلوب التعاطي الإيراني مع الدولة اللبنانية يثير  الكثير من التساؤلات، وهل أنه هناك جدية في تقديم مساعدات إيرانية للبنان، فيما المساعدات الحقيقية تذهب إلى «حزب الله» وحلفاء طهران في لبنان والمنطقة، سيما وأن المسؤولين الإيرانيين وخلال كل زياراتهم التي كانوا يزورون فيها لبنان، على مدى السنوات الماضية، سبق وتعهدوا بتقديم مساعدات، إلا شيئاً من هذه المساعدات لم يحصل عليه لبنان. وهذا يطرح علامات استفهام حول حقيقة الالتزامات الايرانية تجاه البلد، في الوقت الذي لم تقصر الدول الخليجية الشقيقة في مد يد العون للبنان منذ سنوات طويلة، بحيث أن ما أنفقته المملكة العربية السعودية في لبنان على مدى ثلاثين عاماً، يقارب خمسة وعشرين مليار دولار، عدا عن المساعدات الكويتية والاماراتية والقطرية، والتي تفوق بأضعاف مضاعفة ما أرسلته إيران للبنان.

 

وحذرت أوساط سياسية معارضة من خطورة المحاولات الايرانية المتكررة، للسعي باتجاه إبعاد لبنان عن محيطه العربي وجعله تابعاً لمحور الممانعة، وبالتالي العمل على إحداث مزيد من الانقسامات بين اللبنانيين، وهذا من شأنه يغرق البلد بالفوضى والفتن أكثر فأكثر، في الوقت الذي لا يمكن للسواد الأعظم من اللبنانيين أن يتنكر لما قامت وتقوم به دول مجلس التعاون الخليجي تجاه لبنان بمختلف انتماءاته السياسية والطائفية، في حين أن إيران كانت وما زالت تساعد فريق واحد من اللبنانيين، على حساب مصلحة بقية اللبنانيين الذين لا يماشون الإيرانيين بكل ما يقومون به في لبنان وسائر الأقطار العربية، متسائلة عن الثمار التي جناها لبنان الرسمي والشعبي من نتائج زيارات كل المسؤولين الإيرانيين في السنوات الماضية؟، باستثناء الوعود الكلامية التي لم يتحقق منها شيء.

 

وتشدد الأوساط، على أن استمرار صمت المسؤولين اللبنانيين إزاء سياسات إيران الاستفزازية تجاه لبنان والدول الخليجية، ستزيد الوضع الداخلي تأزماً وتعقيداً، وستدفع الأشقاء العرب إلى الابتعاد عن لبنان، وجعله وحيداً في مواجهة قدره، في الوقت الذي يدرك الجميع أن لا قيامة لهذا البلد، إلا من خلال حصوله على مساعدات مالية بمليارات الدولارات، لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال وقوف الدول الخليجية إلى جانبه، وهو أمر لن يتحقق مطلقاً، ما دام لبنان مرتمياً في أحضان الإيرانيين الذين يتباهون، بأن لبنان يشكل أحد أركان المواجهة مع إسرائيل، فيما إيران نفسها لم تطلق رصاصة واحدة على إسرائيل في تاريخها، ما يستدعي تحرك المسؤولين من أجل حماية المصالح اللبنانية التي تبدو مهددة، إذا ما استمرت إيران في نفس السياسات التي تنتهجها في لبنان، واتجاه العالم العربي.

 

وتخشى الأوساط، أن يواجه لبنان عزلة عربية قاتلة، إذا استمر هذا التماهي الداخلي مع المشروع الايراني في المنطقة، والذي يستهدف الدول الخليجية، وفي مقدمها السعودية، عبر دعم الجماعات الإرهابية المسلحة التي تناصب المملكة العداء، من خلال «الحوثيين» في اليمن وغيرهم، باعتبار أن دول مجلس التعاون تعتبر أن الدول العربية ومن بينه لبنان، مطالبة بمواقف حازمة وحاسمة من إيران وممارساتها العدوانية في الإقليم، لوقفها عند حدها وإرغامها على كف شرورها عن بقية دول المنطقة.