IMLebanon

زيارة لاريجاني «جسّ نبض» غربي لطهران من بيروت

وسط الحراك الدبلوماسي المكثف الذي اعطت اشارة الانطلاق له زيارة الموفد الفرنسي الى بيروت ، مرورا بزيارة بوغدانوف ، وصولا الى لقاءات لاريجاني اللبنانية ، تتبلور داخليا يوما بعد يوم صورة السيناريوهات الحوارية السنية -الشيعية والمسيحية – المسيحية مواكبة للدفع الدولي وتمهيدا للمناخات الكفيلة بانضاج «الطبخة» التوافقيةالرئاسية .

ورغم المحاولات الداخلية للإفادة من الدينامية الخارجية للتقدّم في اتجاه كسر الحلقة المفرغة التي يدور فيها الاستحقاق الرئاسي ،عبر التمهيد لحواراتٍ ثنائية، فان مصادر مطلعة على التقاطعات القديمة – الجديدة ،المتشابكة بين الداخل والخارج بدت حذرة حيال المناخات المفرطة في التفاؤل والمروجة لمفاجآت سارّة بعيد الاعياد.

مبدئيا يفترض أن تسهم زيارة لاريجاني في حلحلة العقدة الرئاسية بحسب ما يتوقعه بعض الرسميين، رغم تركيزها على الأجواء الاقليمية، التي لن تكون بعيدة عن المحاولات الاقليمية- الدولية لإحداث خرق على الساحة الداخلية، ومتابعة البحث بسبل دعم الجيش اللبناني في مواجهته مع المجموعات الارهابية، حيث كان اعلن من دمشق، بعد لقائه الرئيس السوري بشار الأسد، ان بلاده ماضية في انفتاحها السياسي وحربها ضد الإرهاب، فلا المجموعات المتطرفة تحد من توجهاتها، ولا تخفيض أسعار النفط يؤثر على سياساتها، فهي حاربت وأدارت وتقدمت يوم كان سعر برميل النفط سبعة دولارات، ما لم يصح بالأمس لن يصح اليوم. علما ان تحليل ما بين سطور كلامه بحسب مصادر في 14 آذار، من دمشق الى بيروت يعزز رأي المروجين لامتداد النفوذ الامبراطوري الايراني شرقي المتوسط .

اوساط سياسية مراقبة ، دعت الى التوقف عند «المواقف الرسائل» التي سيطلقها المسؤول الايراني ، والخطوات العملية التي ستتبعها ، والتي على ضوئها سترتسم معالم خارطة الطريق الدولية للبنان خلال الفترة القادمة، مذكرة بزيارة وزير الخارجية الايراني السابق محمد جواد ظريف التي دللت يومها على قرب ولادة «الحكومة السلامية «، آملة ان تساعد الزيارة في تثمير المناخات الحوارية «المنفسة» للاحتقان السني – الشيعي تسهيلا لانتخاب رئيس للجمهورية .

غير ان اجواء العيد المبشرة بالمزيد من الانفتاح تضيف الاوساط، وتكريس الحوار بين الأفرقاء،«مصدومة» بفرملة الراعي الفرنسي لحركته، خوفا من اي دعسة ناقصة، مفضلا التريث قبل استئناف جولته الخليجية والايرانية ، المؤجلة الى الاسبوع الاول من العام المقبل على ان تبدا من السعودية ،في انتظار تقييم حصيلة لقاءاته البيروتية مع الجهات المعنية بالمهمة، يبقى الدفع اللبناني للحوار قائما بزخم وفاعلية مع تحديد المواعيد، وبت التفاصيل كما اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حين يفترض ان يعقد لقاء عون – جعجع مطلع العام استنادا الى توقعات العاملين على خط الرابية – معراب ، حيث التواصل قائم والموعد يبقى رهن التوقيت السياسي والامني المناسبين.

عليه يبدو ان الحركة الفرنسية في اتجاه ايران بحسب الاوساط، سعيا لاقناعها بالضغط على حلفائها لتسهيل المسار الدستوري وتمكين البرلمان من انتخاب رئيسٍ يتمّ التفاهم عليه في اطار توافقي، لم تتعد اطار الاستطلاع اكثر منها تسويقاً لتفاهمات تمت، فضلا عن ان ما قيل عن مبادرة «بابوية» هو في الواقع «سلق للمراحل» باعتبار ان القرار المتخذ في الفاتيكان واضح ومحدد ، ينحصر بتذليل العقبات المسيحية من امام الاختراق الفرنسي-الايراني الذي يمكن ان يتحقق، نتيجة الخلافات داخل الصف المسيحي.

ثمة قراءتان للتريث الفرنسي ، حيث تتحدث مصادر ديبلوماسية عن استئناف الرحلات المكوكية بين باريس وطهران بعيد عودة رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني ، المكلف بحث الملف الرئاسي في لبنان وسوريا ، استكمالاً للمحادثات التي كان أجراها موفدها أخيراً في بيروت، على ضوء التطورات الاقليمية والدولية المتسارعة والتي باتت تفرض على كل من روسيا وايران تظهير حسن النية تجاه الغرب ، قد يكون لبنان احدى ساحاتها، دون ان تدفعا من «حسابهما الاستراتيجي» الذي تمثله الورقة السورية بامتداداتها اللبنانية ، رغم تاكيد الاوساط الغربية ، ان لجم الاندفاعة الفرنسية مرده القناعة بان طهران لن تمنح الفرنسيين جوائز ترضية ، مفضلة تقديمها «اوراق الاعتماد» للراعي الفرنسي ، في ظل الاستياء الايراني من دور باريس «المعرقل نوويا» وانحيازها للسياسة السعودية.

فيما تعتبر القراءة الثانية انه على عكس الاعتقاد بأن طهران ستكون مضطرة لإبداء حسن نية تجاه المجتمع الدولي مع الذهاب الى توقيع اتفاق نهائي في شأن ملفها النووي، وهو ما يضمن تمرير الاستحقاق الرئاسي اللبناني، فان ايران لن تمنح فرنسا «جوائز ترضية» في المنطقة، وخصوصاً في ضوء استياء طهران المتزايد من دور باريس في الملف النووي من جهة، وتبنّيها للسياسة السعودية في المنطقة من جهة اخرى.