أصدر مجلس الأمن الدولي، قبل يومين في نيويورك، تقريره نصف السنوي الثاني والعشرين حول تقييم الأمين العام للأمم المتحدة لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559 الصادر العام 2004.
وركّز التقرير، الذي يُعدّه تيري رود لارسن وهو «ناظر» القرار 1559، على 3 نقاط رئيسية: رئاسة الجمهورية والأمن وقضية اللاجئين.
وورد في التقرير أن «إجراء انتخابات رئاسيّة عادلة وحرّة من دون تدخل خارجي ركن أساسي من هذا القرار، علماً بأن الآثار السلبية للفراغ الرئاسي جليّة وقد أدّت إلى شلل برلماني وحكومي».
ولفت التقرير إلى أن المشاورات مع كبار المسؤولين اللبنانيين حول موضوع الرئاسة تبيّن أن العامل الإقليمي الحالي يشكل أحد العوائق أمام انتخاب رئيس للجمهورية.
وورد في الفقرة الرابعة من التقرير المذكور:
«في ظل المناخ السلبي نسبياً، نرحّب بمبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الوطنية الإيجابية لعقد جلسات الحوار بين القادة السياسيين. حتى تاريخه تمّ عقد جلسات عدة بهدف معالجة مسألة الرئاسة وإصلاح القانون الانتخابي واللامركزية. تتألّف المجموعة من القادة السياسيين الذين سبق أن شاركوا في الحوار الذي عُقد تحت رعاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان. وقد تحدثت أخيراً مع الرئيس بري (اتصل به لارسن الأسبوع الفائت) وأكد لي أن ثمة جهوداً إيجابية بُذلت، إذ إن أعضاء الحوار اتفقوا على تحديد معايير مناسبة لانتخاب الرئيس الجديد، كما اتفقوا على عدم تعديل الدستور من أجل عملية الاختيار. وتتماشى هذه الجهود مع التزام لبنان المستمر بالقرار 1559 (2004). كما أنه من الواضح أن هذه المبادرة لم تحل بعد مسألة الرئاسة بالكامل، غير أنها تشير إلى خطوة محتملة إلى الأمام في ظل عدم تسجيل أي تقدّم ملحوظ».
ورأى أنه «نتيجة الشلل الحكومي الذي سبّبه غياب رئيس للجمهورية، نزل المجتمع المدني إلى الشارع في منتصف آب الفائت. وتركّزت المطالب في البداية على موضوع إزالة النفايات، غير أنها توسّعت لتشمل الدعوة إلى محاسبة أكبر للحكومة». ولفت إلى أن «هذا الحراك الذي يطالب بتوفير الخدمات الأساسية، هو مؤشر على تنامي أزمة المؤسسات، وتحديداً السلطة التنفيذية في هذا البلد». ونوّه بالجهود التي يبذلها رئيس الحكومة تمام سلام في محاولاته لاحتواء هذه المواضيع والسير بالحكومة في هذه المرحلة الصعبة قدر المستطاع، ودعا التقرير كل الأفرقاء الى التعاون مع حكومة سلام لكي تتمكّن من توفير احتياجات المواطنين اللبنانيين.
في هذا السياق أشار إلى أن وحدة مجلس الأمن حول المسائل المتعلقة باستقرار لبنان وأمنه كان لها تأثير إيجابي، ودعا لمواصلة هذا المسار.
الأمن
واعتبر التقرير أن لبنان لا يزال يواجه تحديات تتعلق بأمنه وسيادته ووحدة أراضيه على جبهات عدة، جنوباً بسبب الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة وشمالاً بسبب الأحداث الدائرة في سوريا.
ولفت التقرير إلى أنه على الرغم من تدنّي عدد الهجمات الإرهابية خلال فترة إعداد التقرير، يبقى الخطر الإرهابي قائماً. في هذا الإطار قام الجيش اللبناني بالتصدّي للتهديدات الأمنية من خلال توقيف بعض المطلوبين مثل أحمد الأسير الذي لعب دوراً في الهجوم على الجيش اللبناني في صيدا، بالإضافة الى عدد آخر من المطلوبين.
وعبّر التقرير عن قلق مجلس الأمن الدولي إزاء استمرار تورط مقاتلين لبنانيين في النزاع الدائر في سوريا، مع الإشارة إلى أن «حزب الله» ما زال يعترف بمشاركته في القتال في حين انخرط مواطنون لبنانيون آخرون في القتال عبر الحدود إلى جانب المعارضة السورية ومن ضمنها «الدولة الإسلامية» و «جبهة النصرة». ولفت التقرير الى أنّ الحدّ من الخطر الأمني على الحدود ولتجنب أية حوادث في المستقبل، على الأفرقاء اللبنانيين احترام الالتزام بـ «إعلان بعبدا» وتطبيق سياسة لبنان بـ «النأي بالنفس».
ونوّه التقرير بجهود الجيش اللبناني على الحدود الشرقية وهي أسهمت في توطيد استقرار تلك المنطقة. وأعاد التقرير التذكير بدعم المجتمع الدولي للجيش اللبناني، سواء معنوياً أو عملياً، وزيادة قدراته القتالية لمجابهة الإرهاب.
كما أشار التقرير إلى أن وجود سلاح خارج سلطة الدولة يشكل تحدياً خطيراً لقدرة الدولة على ممارسة سيادتها وبسط سلطتها على كامل أراضيها. «في هذا السياق ما زال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يعلن أنه يملك قدرة عسكرية قوية ومتطورة منفصلة عن الدولة اللبنانية (…)». ولفت التقرير الى انه لا يزال هناك سلاح بين أيدي الفصائل الفلسطينية على الرغم من أنه تم التوافق خلال جلسات حوار العام 2004 على تفكيك القواعد العسكرية لـ «فتح الانتفاضة» و «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين».
اللاجئون
ولفت التقرير إلى استمرار أزمة اللاجئين في لبنان الذي يستقبل أكبر عدد منهم نسبياً بين الدول المجاورة، وإلى أن 40 بالمئة من طلاب المدارس الرسمية هم من السوريين، كما أن 80 في المئة من اللاجئين هم من النساء والأطفال. وأشار التقرير إلى عدد من المسؤولين الذين تحدّثوا عن ضرورة زيادة التمويل لدعم اللاجئين، لافتاً الى وجود حوالي الـ 200 ألف طالب إضافي في المدارس اللبنانية ما يرتب حاجة الى مبلغ قدره 94 مليون دولار أميركي لمساعدة السلطات اللبنانية في برنامجها التعليمي لهؤلاء، علماً بأن هذا المبلغ إذا ما توافر يُغطي كلفة تعليم 160 ألف طالب فحسب.
وفي لقاء مع الرئيس تمّام سلام شدّد هذا الأخير على أنه بالرغم من صعوبة المرحلة والتهديدات إلا أن لبنان يبقى قادراً على حل مشاكله بنفسه.
وذكر التقرير بعض التوصيات التي ينبغي تنفيذها لمساعدة لبنان:
– الاستمرار في تأكيد وحدة مجلس الأمن في ما يتعلق بأمن لبنان واستقراره.
– الاستمرار في دعم رئيس الوزراء تمام سلام.
– دعم وتشجيع مبادرة الحوار التي أطلقها الرئيس نبيه بري، وهي لغاية اليوم المحاولة الوحيدة لحلّ العقد الموجودة.
– تشجيع السياسيين كافة على وضع اختلافاتهم السياسية على حدة للتوصل إلى انتخاب رئيس جديد.
– دعوة السياسيين اللبنانيين للعمل بشكل فعال في الحكومة ومؤسسات الدولة.
– تذكير السياسيين اللبنانيين بأهمية احترام وتطبيق الاتفاقيات، لا سيما إعلان بعبدا والقرارات المتخذة خلال جلسات الحوار السابقة.
– مواصلة دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن.
– مواصلة الدعم لتخفيف عبء أزمة اللاجئين السوريين في المنطقة، لاسيما في لبنان.