IMLebanon

نزاع لاسا وشل امن الدولة تحد مستمر للمسيحيين…

بين النزاع العقاري في بلدة لاسا المفتوح على تعديات مستمرة على اراضي المسيحيين والكنيسة بينها وبين الاستمرار الحكومي والمذهبي بالتضييق على رئيس جهاز امن الدولة اللواء جورج قرعة، يندرج التلكؤ السياسي المسيحي من ناحية عدم المطالبة بما يصنّف حقوقاً في ظل توازنات النظام المذهبي اللبناني.

وبات يصنف الصمت الكنسي والسياسي المسيحي في خانة الذمية على ما بات الكلام في الاوساط المسيحية التي تجد الفرق الواضح بين كيفية معالجة وحل المشاكل ذات الصلة بابناء وحقوق الطوائف المحمدية وبين تمادي القوى المسيحية في التهاون والتنازل على غرار نزاع لاسا وملف امن الدولة اللذين كان ممكناً ايجاد حل لهما لو كانت صفة هؤلاء غير مسيحية، بحيث لم يخف كاهن رعية لاسا  الأب شمعون عون قوله بان الاقطاب الاربعة عاجزون عن  حل نزاع لاسا في وقت يجاهر المعتدون على الاراضي بانهم مدعومون من ركني الثنائي الشيعي في امل وحزب الله.

ولم يعد امر الانتعاش المسيحي حسب الاوساط المسيحية مرتبطاً بانتخاب رئيس للجمهورية من اجل تحقيق العدالة المذهبية في البلد، بعد تعاقب عدد من الرؤساء على بعبدا وكان بعضهم شريكا في المحاصصات مع القوى السياسية المحمدية بحيث باتوا مقيدين وغير قادرين على ممارسة مهام رئاسة البلاد ومن بينها الحفاظ على حقوق المسيحيين الذين يمثلهم رئيس الجمهورية، وبعد ان انغمس بعضهم في الفساد، فيما الاخر اضحى شريكا في صفقات عقارية ومالية واضحة، جعلته اسير هذه الصفقات على قاعدة «اطعامهم لاسكاتهم».

ورغم المجهود الذي توفره مؤسسة «لابورا» من أجل تعزيز الحضور المسيحي في ادارات ومؤسسات الدولة، وكذلك ما تقدم عليه «حركة الارض» في مجال الحد من ظاهرة بيع المسيحيين لاراضيهم او اختراقهم عقاريا، فان القوى الحزبية لم تبد اي حماسة في مجال العودة الى الدولة ادارياً، في خطوة منها لتقوية موقعها المكمل للسياسي ضمن المعادلة القائمة في البلاد، ولا يخفي اصحاب رأي او موظفون في الدولة علنا في احاديثهم الغياب المسيحي الظاهر عن هذا الحقل بسبب ما بات يعرفونه عدم رغبة مسؤولين مسيحيين بالتشابك  مع اقطاب المذاهب الاخرى، طمعاً في رئاسة او وزارة او نيابة او املاً بكسب ودهم تحت شعار الشراكة والتعايش.

وتفتقد رؤية المسؤولين المسيحيين في مواقعهم المتعددة اي مشروع انمائي او اقتصادي من شأنه ان يحاكي قواعدهم التي تمر في ظروف صعبة الى حد الهجرة الواضحة كما هو عند البيئة المسيحية، ويعلن عدد كبير من الموظفين في عدة فئات موزعة ضمن هيكلية الدولة غياب اي غطاء مسيحي اذا ما كان ضروريا احيانا لصالحهم، حتى بات بعضهم يرمز الى ان المسؤولين المسيحيين يجدون في «بيع رأس هؤلاء» في بعض الاحيان كسباً لاقطاب المذاهب الاخرى، نتيجة عقدة النقص التي هم عليها.

وفي منطق هؤلاء الموظفين وبينهم الكبار ان مسألة انتخاب رئاسة الجمهورية ليست شرطاً لعودة المسيحيين الى الدولة وهو ما يدل عليه واقع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، وكذلك تيار المستقبل سابقا وحالياً، حيث تمكن هؤلاء من توسيع حضورهم الاداري في ظل وجود رئيس للجمهورية في وقت لم تتمكن القوى السياسية المسيحية باحجامها المتعددة من مرافقة  هذه القوى السياسة في مسار تعييناتهم، ولذلك فان على سبيل المثال حل  النزاع في لاسا او رفع الشلل عن جهاز امن الدولة الذي يترأسه ضابط مسيحي ليس   له  صلة بوجود رئيس للجمهورية او عدمه لكون هذه الازمات بدأت في ظل وجود رئيس للجمهورية وايضا   ألقوى السياسية ذاتها التي لا تزال مستقيلة من دورها في هذا الحقل وغير راغبة في استحصال الحقوق المسيحية وليس اكثر.

وفي ظل الجمود المسيحي الكنسي والسياسي، وانعدام روح  المبادرة، يخرق هذا الركود استحقاق الرهبنة اللبنانية التي تبدأ مجمعها يوم غد الثلثاء لينتهي يوم الجمعة المقبل قبل الظهر على انتخاب اباتي جديد لها، لتستكمل بعد الظهر انتخاب مدبرين اربعة، ليشكل  هؤلاء السلطة العليا لهذه الرهبنة مع الأباتي الجديد.

وحسب المعلومات الكنسية فان  القيود المفروضة على الرهبانيات المسيحية حدت الى حد كبير من الدور المطلوب لها في البيئة المسيحية نتيجة تقاطع المواقف منها  بين الفاتيكان وبين بكركي، لكن ذلك لم يعطل اجراء الاستحقاق الديمقراطي داخل هذه الرهبنة الفاعلة ثقافيا وتربويا، بحيث ستعتمد المداورة في السلطة في موازاة غياب الاستحقاقات الديمقراطية عن الساحة اللبنانية، حتى ان رغبة السفير البابوي غبريال كاتشيا بعدم حرق اصابعه اذا ما وكلته روما بضبضة ذيول الانتخابات الرهبانية فكانت  نصيحته للرهبانية اللبنانية بالتفاهم وهو امر يندرج  في اطار التعاون وقبول الاخر من خلال انتخابات تمكن السلطة الجديدة من اداء دورها، اي ان الفاتيكان يرغب بابعاد الشلل الكنسي وغياب المبادرة المطلوبة من بكركي عن هذه الرهبنة التي على عاتقها دور جد ضيق في هذا الظرف.

وتأتي خطوة الاب شربل  بيروتي القيم على ممتلكات بكركي والكنيسة المارونية للترشح الى منصب «مدبر» لتحمل قراراً بالابتعاد عن فقدان الدور المطلوب من الكنيسة والقيمين عليها وكذلك يفضل الابتعاد عن مقاربة ملف الاملاك والعقارات الساخنة ليعود الى حضن الرهبنة لاعتباره انها تحمل اكثر من غير مكان دورا منتجاً، وان كانت تدل النتائج منذ اليوم بان الاب نعمة الله الهاشم هو الذي سيصل الى رئاسة الرهبنة، يبدو حتى حينه ان الفريق الاخر يرغب في ان يكون له موقع في رباعية المدبرين بحيث يأملون ان يكونوا فريقا مكملاً له وليس معطلاً، وتقول معلومات ان اادور الذي تعول عايه الرهبنة بعيدا عن الاعتبارات السياسية هو تفعيل دور مؤسساتها وجعل بعض الاراضي والعقارات في المناطق النائية مواقع انتاج تشجع المسيحيين في تلك المناطق على التمسك باراضيهم وعدم مغادرتها.

وفي هذا السياق شكلت  الذكرى الاربعين لشهداء القاع  محطة لكشف المزايدات التي تبعت يومها التفجيرات الارهابية بحيث غاب الحضور السياسي الواسع عن المشاركة  في ذكرى الاربعين، حتى ان مطالبة الوزراء الياس بو صعب وميشال فرعون والان حكيم رئيس الحكومة تمام سلام بإنشاء صندوق للمناطق المتاخمة لتواجد المنظمات الإرهابية على غرار القاع ومحيطها اسوة بالظروف التي ادت الى ولادة كل من مجلس الانماء والاعمار ووزارة المهجرين وصندوقي الجنوب والمهجرين، رفضها سلام، هذا دون التوقف امام حجم المطالبة ليس فقط الا لانهم مسيحيون على ما تقول الاوساط المسيحية التي تعرب عن خيبتها من الأداء الذي تمارسه الأحزاب المسيحية التي تفتقد أي روية استراتيجية او ديموغرافية وهدفها السلطة وليس اكثر.