IMLebanon

آخر الضالّين.. على طريق القدس

من لا يتعلّم من التاريخ محكوم بإعادته. في التاريخ غير البعيد، قال أبو إياد، المسؤول في «منظّمة التحرير الفلسطينية»، إن «طريق القدس يمرّ بجونيه». وبعدها قرّر الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أن يشقّ طريقه الى القدس عبر «المحمّرة» في الاحواز، فجاء ردّ الخميني بأن «الطريق الى القدس يمرّ في بغداد». وحين فشل صدام بالعبور الى القدس عبر «المحمّرة»، إختار أن يعيد التجربة، ولكن هذه المرة عن طريق الكويت، التي اجتاحها عام 1990. واليوم، يخوض الأمين العام لـ»حزب الله« السيّد حسن نصرالله مغامرات «ابطال« طريق القدس سابقاً. كيف يفكّر عاقل بأن يعيد تلك التجربة ؟

على طريق القدس الذي مرّ في جونيه، استنزف «ابو عمار» نفسه بحرب اهلية لبنانية كلّفته وكلّفت لبنان الكثير من المآسي، الى ان جاء الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 وأخرجه من لبنان بمعاونة الرئيس السوري حافظ الاسد الذي حاصره في الشمال والبقاع. وعلى طريق القدس الذي مرّ في الكويت، انتهى حكم صدام حسين بهزيمة وحصار دام 12 سنة الى ان سقط نظامه عام 2003. وعلى طريق القدس ايضاً، شكّل الخميني «فيلق القدس» رداً على صدام ومقولة ان «طريق القدس يمرّ في المحمّرة»، وما لبث ان غرق في دماء العرب بحجّة دعم حركات المقاومة. 

نصرالله، الذي ابتكر وحزبه عنوان «القدس»، لاختراق العالم الاسلامي، بات يواجه صرخة المجتمعات الاسلامية، بموازاة أزيز الرصاص وأصوات المدافع، في ميدان، ليس صدفة أن يمرّ طريق نصرالله الى القدس عبره. هل التقطت كاميرا «المنار» شعارات رُفعت داخل المسجد الاقصى، كتب عليها عبارة، «الزبداني لن تركع إلّا لله.. سلام لأحرار سوريا»؟ هل قرأ «جيش حزب الله الإلكتروني« تغريدات أهالي فلسطين المحتلة، ومنها تغريدة لاحدى ناشطات القدس كتبت ما حرفيته، «من قال ان القدس بخطر؟ هنا يُرفع الأذان 5 مرات يومياً، ويشارك أكثر من 200 الف مصلّ في صلاة التراويح يومياً. مساجد سوريا بخطر، مساجد الشام وحلب وكافة المناطق التي تُقصف يومياً». وختمت الناشطة المقدسية رسالتها بالقول، «الى السيّد نصرالله: من يتورّط في قتل الشعب السوري وفي تهديم بيوت الله في سوريا، فجبينه لن يلمس أرض الأقصى للصلاة». هل شاهد السيّد نصرالله يافطات كفرنبل وحلب حول «طريق القدس»؟ هذا الحراك ليس تفصيلاً. «حزب الله« يعلم انه ليس تفصيلاً. لكن الغريب ان «الحزب الإلهي» وجميع من سبقه الى «طريق القدس» يدركون كم ارتاحت اسرائيل للوجهة التي اتّخذوها، بل إنّهم يُقرّون بذلك، لكنهم سرعان ما يخترعون الاساطير عن رعب اسرائيل من مناوراتهم باللحم السوري الحي.

القاسم المشترك بين جميع من ضلّوا طريق القدس أنهم سوّغوا انشغالهم بالحروب الطائفية والمذهبية الداخلية، وحوّلوا السلاح الى ابناء جلدتهم. وما هي النتيجة؟ قُتِل وجُرِح وهُجّر ملايين العرب من دون أن يتعرّض إسرائيلي لخدشٍ طفيف. على طريق القدس الذي مرّ في الكويت سقط أكثر من 180 ألف قتيل (حصيلة الغزو وحرب الخليج الثانية) وأُسِر أكثر من 80 ألفاً وجُرِح أكثر من 75 ألفاً ودُمّرت مدن بأكملها. على طريق القدس الذي مرّ في جونيه، قُتل وجُرح وهُجّر عشرات الآلاف من جميع الاطراف، ودُمّر بلد بأكمله. على طريق القدس الذي يمرّ في سوريا، سقط حتى اللحظة أكثر من 400 ألف قتيل وهُجّر أكثر من 4 ملايين سوري وجُرِح الملايين واعتُقِل عشرات الآلاف ودُمّر بلد بأكمله. وفي نهاية المطاف، غادرت «منظمة التحرير الفلسطينية» بيروت من موانئها الى تونس وبقيت جونيه. وانسحب صدام من الكويت وسقط نظامه بعد 12 سنة من الحصار. فأي مصير ينتظر «حزب الله« و«فيلق القدس«، آخر من ضلّوا الطريق وضلّلوا جمهورهم وبيئتهم المستنزفة؟