أن يتخذ قرار الانسحاب الروسي من سوريا بعد بدء المباحثات السلمية في جنيڤ بين وفود من السلطة مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا من ناحية ومن ناحية ثانية بين الأخير ووفد المعارضة بعد ضغوط كبيرة مارستها المملكة العربية السعودية لإقناع المعارضة بالذهاب الى جنيڤ(…) في هذا الوقت بالذات أعلن النظام السوري عن 13 نيسان المقبل موعداً لإجراء الانتخابات النيابية العامة، والعجيب الغريب أنّ مثل هذا القرار يتخذ عندما تكون الأمور عادية وطبيعية، أما بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية التي شهدت ولا تزال تشهد أبشع أنواع العنف والقتل والتدمير وتدخل عامها السادس لا شك في أنّه لا يوجد إنسان عاقل في العالم يمكن أن يقبل بهكذا قرار، طبعاً من دون دخول في تداعيات الحرب: أي بعد قتل 500 ألف مواطن سوري وتهديم أكثر من نصف سوريا وتهجير أكثر من نصف الشعب السوري أي نحو 12 مليون مهاجر، والحبل على الجرار(…) من هنا جاء القرار الروسي بالانسحاب وترك هذا النظام المجرم والمجنون يدفع ثمن أخطائه وجنونه وحبّه للكرسي وتمسّكه به!
جاء القرار الروسي بمثابة ضغط على النظام لا أكثر ولا أقل، طبعاً هناك منافع سياسية سوف تحصل عليها موسكو منها فك العزلة الدولية ورفع العقوبات الدولية بسبب احتلالها جزءًا من أوكرانيا بالإضافة الى علاقات واعدة مع المملكة العربية السعودية والحصول على عقود أسلحة تنقذ الاقتصاد الروسي وتغطي العجز الناجم عن هبوط أسعار برميل النفط من 100 دولار الى 30 دولاراً وانعكاس ذلك على الاقتصاد الروسي.
أما بالنسبة للانخفاض الحاد في سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الاميركي فهذا الإنهيار الكبير إن دلّ على شيء فإنما يدل على انهيار مقبل ومتوقع للنظام وعدم الثقة باستمراره.
أمام هذا الواقع الذي انتهى إليه نظام بشار الأسد فالسؤال الذي يطرح ذاته:
أولاً- هل فهم هذا النظام لماذا جاءت القوات الروسية ولماذا انسحبت بشكل فجائي دخولاً وخروجاً؟
ثانياً- هل فهم هذا النظام أنّ الدخول الروسي جاء من أجل الإبقاء على الدولة السورية وليس الإبقاء على النظام؟
ثالثاً- هل يعلم هذا النظام أنّه أصبح وحيداً خصوصاً بعد الانسحاب الروسي وتقليص القوات الايرانية (أي الحرس الثوري وجنرالاته) وانسحاب تدريجي لقوات «حزب الله»؟
رابعاً- هل فهم هذا النظام أنّه لم يعد أحد يريده وليس في اهتمامات أحد؟
خامساً- هل يعلم أنّ الكلام كله عن محاربة التنظيمات الارهابية مجرّد أوهام وأكاذيب خصوصاً أنّه قبل بداية الثورة لم يكن هناك «داعش» وأنّ «داعش» هو من تأليف وتلحين وإخراج النظام السوري ونظام نوري المالكي؟!.
أخيراً يجب أن يعلم النظام أنها الفرصة الأخيرة له إذ أنه أمام خيارين لا ثالث لهما:
إمّا أن يهرب، فيرتبون بعده انتقالاً هادئاً للسلطة وهو ما تدار حوله، في هذه المرحلة، محادثات السلام أي تشكيل حكومة وطنية من المعارضة والنظام وبذلك يخرج الأسد خروجاً سلساً…
وإمّا أن يكون مصيره مثل مصير القائد معمّر القذافي أو الرئيس صدّام حسين… وإذا وجد الاثنان حفرتين يختبئان فيهما فلا أظن أنّه بعد ما فعله بشار الأسد من قتل لشعبه وتدمير لسوريا سوف يجد حفرة يختبئ فيها.
عوني الكعكي