Site icon IMLebanon

آخر فصول “الممنوعات”!

يشكل آخر البيانات الصادرة عن حوار عين التينة بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” التجسيد الأمثل لواقع لبنان كله وليس فقط لمسار قيل فيه انه عكس الطبيعة الاقليمية والداخلية.

“بحلاوة الروح” قال البيان ان لا شيء لدى المتحاورين يقولانه الآن. معنى ذلك ان المهادنة تقف تماما عند “النقطة الصفر” في مرحلة تسويق الاتفاق النووي التي تتزاحم فيها مشاريع المبادرات الاقليمية والدولية مع مشاريع إلهاب المنطقة اكثر فأكثر. مُعَبّر هذا “اللاقول” داخليا ايضا في وقت كانت تتزامن معه قرارات التمديد للقيادات العسكرية على وقع معادلة منع اسقاط الحكومة ومنع تفعيلها سواء بسواء. واكثر من معبر ان يفضي حوار عين التينة الى لا شيء في وقت يترنح فيه السلم الأهلي حقاً تحت وطأة أزمتي النفايات والكهرباء وليس تحت وطأة الاحتقان السني – الشيعي او احتدام الكباش بين الفريق العوني وسائر خصومه. لا يُصدّق كثيرون ان لبنان الذي مر من خروم الابرة بأعجوبة موصوفة طوال السنوات الاخيرة تتهدد سلمه الأهلي والاجتماعي الآن أكوام النفايات وظلمة التيار الكهربائي.

معنى ذلك ان هذا البلد انتظر الى حدود فاقت حدود الطبيعة فبات الان عند مشارف الانفجار ولم يعد مؤهلا لانتظار الفسحة الاخيرة الموعودة مع عاصفة الصفقة النووية. كل ما في لبنان الآن ينذر بالسقوط تعباً وإنهاكاً وإفلاساً. ظواهر السياسة وبواطنها تكشف قوى داخلية تصارع الانهيارات فلم يعد لديها سوى تلك النماذج المفجعة التي تقدمها ازمات النفايات والكهرباء والتعامل بازدواجيات فاقعة مع واقع تعطيل الحكومة والمجلس. هذا الذي يجري وسط انفجار الطبقة السياسية وانكشافها يقول في بعده المفجع ان الهدنة التي تحكم لبنان بقرار دولي وإقليمي باتت أعجز من ان تقاوم وتستمر على أيدي قوى داخلية استنزفت الى الذروة. ولعلها مفارقة ولا اغرب ان تتهدد لبنان اخطار انفجار اجتماعي لا يراه الافرقاء السياسيون وهو قابع على بوابات الازمات التي تنهش حياة اللبنانيين وتحولهم الى ما هو اشد خطرا من التطرف الديني والمذهبي والطائفي. واذا كان بعض المترفين لا يزال يراهن على معادلات قديمة من مثل ان رياح الصفقات الكبرى قد تلفح لبنان بنسائم الانفراج فلا نظن ان سقوط هذه الرهانات سيحتاج الى وقت بعيد ما دامت بقايا مناعة منهكة لدى اللبنانيين تشارف النهايات بأقرب مما يصور هؤلاء. ثم من قال ان مشاريع الصفقات لا تجرف غالبا المناطق الرمادية في حال سلمنا ان لبنان هو منطقة توازن اقليمي حتى الساعة؟ ولعلنا سنكون اشد السذج ان راهنّا بدورنا على استدراك الآتي المخيف على أياد قدمت لنا النفايات والعتمة والتعطيل والفراغ والتهجير والهجرة والفقر والفساد عناوين انجازات باهرة.