تتخوّف مصادر كنسية عالمية من أن سقوط النظام في سوريا قد يطرح علامة استفهام كبيرة حول المرحلة اللاحقة لهذا السقوط ونتائجه التي يمكن أن تتّخذ طابعاً دراماتيكياً ووجودياً بالنسبة لكل المجموعات والإتنيات أكانت أقلية أو أكثرية في كل أنحاء المنطقة. مشيرة إلى أن كلام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومن ثم تلميحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تدلّ بشكل واضح إلى إمكانية حصول اتفاق دولي في الساعات الماضية الأخيرة، أو التقاء لبعض المصالح الإقليمية والدولية حول إمكانية سقوط النظام في سوريا بشكل كامل، وبالتالي، تفكّك الجيش النظامي، مما يؤدي لا محالة إلى تسلّم القوى المتشدّدة إسلامياً بفصيليها الأساسيين، زمام الأمور، الأمر الذي قد يضع كل دول الجوار في حالة عدم استقرار ومنها لبنان.
وتعتبر هذه المصادر الكنسية أن ديبلوماسية الفاتيكان نجحت في وساطتها ما بين الولايات المتحدة الأميركية وكوبا، لكنها لم تنجح في وساطتها لحماية الأقلّيات في الشرق الأوسط، وتحديداً المسيحية منها، لافتة إلى أن ما يحرّك السياسة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط هي المصلحة الإسرائيلية أولاً، والتي لم تستطع حتى الآن تحقيق مبتغاها الأول، والمتمثّل «بكبح جماح حزب الله»، وتجد هذه المصلحة اليوم أن الإنهيار الذي يمكن أن يحصل في سوريا سيربك «حزب الله» لا محالة، حتى ضمن الأراضي اللبنانية. مشيرة إلى أنه، وفي إطار هذه المعادلة، فإن مصير الأقلّيات الوجودي ليس معطاً أميركياً أساسياً، ولا حتى همّاً ثانوياً، من هنا جرى تحضير مجموعة من الجمعيات غير الحكومية الدولية والمحلية، للقيام بمهمّات إنسانية في حال تفاقم الأوضاع، كما حصل في الموصل ومناطق أخرى شهدت الكثير من الأعمال الحربية والتهجيرية.
والسؤال المطروح بحسب المصادر نفسها، ما هي وسائل إقناع أصحاب القرار في العالم لتطبيق المبادئ الدولية الرامية إلى حماية المدنيين والأقلّيات غير المنضوية في الصراع الدائر؟ واكدت ان زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي برفقة الكاردينال مومبرتي إلى إربيل تدخل في خانة التحرّك الكنسي باتجاه الأقلّيات في المنطقة، علماً بأن لدى الكنيسة العالمية قناعة راسخة بأن سياسات المسيحيين في المشرق العربي غير مستقرّة، وتعتبر أن الزعامات السياسية المسيحية في لبنان لم تقم بواجبها تجاه المسيحيين المشرقيين إن في العراق أو في سوريا وهي غارقة في صراعاتها ومصالحها. كما تعتبر أن عدم انتخاب رئيس جمهورية في لبنان هو عامل عدم استقرار ومن أسبابه، شئنا أم أبينا، الصراع المحوري الداخلي، مشدّدة على أن انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية يطلق ولا شك العجلة الدستورية والحياة الدستورية والإدارية العادية، الأمر الذي قد يساهم في تحصين الساحة اللبنانية، وتحديداً الحدود اللبنانية من أي هجمات متشدّدة أو غيرها.
وعلى هامش مواقف المصادر الكنسية الدولية، مقولة تتردّد دائماً عن أن إشراك المسيحيين في السلطة في لبنان، لا يكون من خلال انتخاب رئيس قوي كما يجري الحديث عنه، إنما من خلال تكثيف الحضور وتقوية المواقع المسيحية في هيكلية الدولة وماليتها العامة، وأن لا يتحوّل موضوع الرئيس القوي إلى شعار لا يعكس ما يجب القيام به على مستوى تحصين المشاركة المسيحية في المطبخ السياسي.