Site icon IMLebanon

حكام آخر زمان

لم يمر في تاريخ الامة العربية حكام مثل بعض حكام اليوم، وعلى سبيل المثال لا الحصر:

وافق الرئيس السوري بشار الأسد بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية المدمّرة والتي استمرت ستة أشهر سلمية مئة في المئة بينما كان جيش بشار العلوي الطائفي يدك التظاهرات بجميع أنواع الأسلحة الفتاكة من راجمات الصواريخ الى البراميل المتفجرة التي أصبحت مشهورة بفضل عدد القتلى في صفوف الشعب السوري، الى الأسلحة الكيميائية التي جاءت الاساطيل الاميركية بسببها لكي تحاسب هذا المجرم، ولكن من أجل إسرائيل ومصلحة إسرائيل تمّت المحافظة على النظام الذي يؤمّن لها الاستقرار على الجبهة السورية – الاسرائيلية ويحمي الحدود الاسرائيلية ويمنع القيام بأي عمل فدائي ضد إسرائيل… طبعاً ولكنه مسموح في لبنان بموجب «اتفاق القاهرة» منذ العام 1969 الى أن جاء الاحتلال الاسرائيلي عام 1982 وطرد المقاومة الفلسطينية من لبنان.

عجيب غريب… مسموح للمقاومة الفلسطينية أن تمارس حقها من لبنان ولكن ممنوع عليها أن تمارسه من سوريا.

طبعاً، بعد الاحتلال الاسرائيلي للبنان والذي دام لغاية العام 2000 حيث استطاعت المقاومة والشعب اللبناني بكل فئاته وطوائفه دحر العدو الاسرائيلي ولكن بعد ذلك التاريخ بقيت قضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا كقميص عثمان للإبتزاز.

نعود الى تدفق الاساطيل الى الشاطئ السوري وتولّي الروس تسلم الأسلحة الكيميائية ونقلها من سوريا.

وهكذا أنقذ النظام السوري في السنة الثانية من الحرب الأهلية ومن انتفاضة الشعب السوري ضد النظام الظالم وحرمت المعارضة من فرصة أخذ حريتها وبناء نظام ديموقراطي حر.

تدخلت إيران من خلال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري ومعه الميليشيات العراقية الشيعية.

وطبعاً جاءت الأوامر لـ«حزب الله» بالتدخل تحت حجة حماية المقدسات الدينية ثم حماية القرى الشيعية وهكذا أصبح «حزب الله» متورّطاً في كامل سوريا من حمص الى حماة الى حلب الى درعا(…)

وبعد هذه القوات كلها وفي لحظات حرجة زار قاسم سليماني موسكو مرتين من أجل الطلب منها إنقاذ النظام السوري لأنه كما كان يقول آية الله خامنئي قائد الدولة الاسلامية الايرانية: إذا سقطت دمشق ستسقط طهران. لذلك فإنّ السليماني قدم عروضاً لعقد صفقات أسلحة روسية بمبالغ خيالية مقابل تدخلها العسكري كما حدث لإنقاذ الاسد.

اليوم وفي عودة الى بداية المقالة فإنّ الرئيس السوري وافق على الهدنة، وهنا علينا أيضاً أن نتذكر أنّ عدد القتلى في سوريا وصل الى أكثر من 450 ألف مواطن وعدد المهجرين وصل الى أكثر من نصف عدد السكان أي الى نحو 12 مليون مواطن سوري.

الى ذلك، دُمرت المدارس والجامعات ودُوَر العبادة والمستشفيات والمستوصفات والدوائر الحكومية ولم يبقَ إلاّ دمشق، طبعاً وليس دمشق كلها لأنّ جميع ضواحيها مدمرة وقسم كبير من العاصمة ذاتها أيضاً قد دُمّر.

اليوم يقول الرئيس بشار الأسد إنّه يوافق على وقف إطلاق النار… أي أنه يوافق على الهدنة.

ما هذا التواضع يا فخامة الرئيس؟ إنك توافق على الهدنة وتوافق على وقف النار طبعاً، ولكن بشروط.

أين هو موقعك اليوم في سوريا؟ كنت، الى أن جاء الروس، تنفذ  أوامر القائد الايراني قاسم سليماني وكانت الكلمة الاولى والأخيرة هي للقيادة الايرانية.

أما اليوم فإنّ من يحكم سوريا فعلياً هم الروس أي القيادة الروسية وأنت مجرّد صورة توضع في بعض ما تبقى من مظاهر الدولة في دمشق.

وهنا أتذكر أيضاً السيّد حسن نصرالله في خطابه ما قبل الأخير، الذي يقول فيه إنّه غير مستعجل لانتخاب رئيس للجمهورية «ليش مستعجلين»! ولو 21 شهراً من دون رئيس «مش مشكلة».

هكذا أصبح مصير الشعوب في بعض الدول العربية يلعب بمصيرها وحقوقها أشخاص يعتبرون أنّ البلاد ملكهم وأنهم يفعلون ما يشاؤون غير مهتمين بمصلحة شعوبهم، المهم الكرسي الذي يجلسون عليه ويصدرون الأوامر التي يديرون بها البلاد.

ألا بئس هذا الزمن الرديء