الغريب في مجال البحث عن حل لازمة النفايات ان كل طرف يحدد ما يناسبه، فيما المطلوب ان يتحمل الجميع مسؤولية تقبل الحل لتأتي النتيجة لما فيه مصلحة الجميع، وينهي الاشكال الحاصل جراء تباين المواقف اضف الى ذلك انه اصبح من المستحيل البقاء في هذه الدوامة التي تكاد تفضح الدولة واركانها ومسؤوليها، نظرا لتأخر الحل الذي يعدوننا به منذ اكثر من سنة ونصف السنة، فيما تنتشر النفايات على الطرقات والساحات العامة مهددة الجميع بخطر تفشي الاوبئة والامراض.
ان مساعي وزير الزراعة اكرم شهيب يشكر عليها لانه اقحم نفسه في مشكلة تكاد تكون بحجم الجميع، ليس لانه غير قادر على اجتراح المعجزات بل لانه تبرع بايجاد حل يلبي مصلحة الجميع، حيث لا يعقل بقاء نفايات منطقة من دون حل من ضمن مواقعها، بذريعة عدم الاخلال بالتوازن الحغرافي والبيئي، وهذا الشيء مطلوب بالحاح شرط ان لا تتحمل منطقة معينة النتائج لوحدها قياسا على ما جرى تداوله في الساعات القليلة الماضية حيث ظهرت عقدة كسروان والمتن الشمالي من دون حل بعدما كانت القضية عالقة بالنسبة الى مطمر البقاع الشمالي.
اما وقد ظهرت العقد في مكانها الطبيعي اصبح لزاما على الجميع ان يدرك سريعا مخاطر التعقيد، حيث لا يجوز ان تتحمل منطقة لوحدها مخاطر الحل على حساب نفايات الاخرين.
لذا اعترف الوزير شهيب صراحة انه بانتظار خطوة ايجابية من جانب من يهمه امر نفايات كسروان – المتن الشمالي، حيث لا بد وان يكون حل في وقت قريب عن طريق ما اقترحه النائب ميشال المر من دون ان يعلنه حتى وان كان لا يرضي بعض النواب ممن يزعمون زورا ان مناطقهم لا تحتمل «استضافة» مطامر نفاياتهم؟!
يقول احد اركان فريق العمل في لجنة الوزير اكرم شهيب ان الحل الشمولي قريب بالقدر الذي يسمح بتأمين المطامر في كل منطقة، مع العلم في هذا الصدد انه يتعذر على بيروت وحدها تأمين مطمر فيها، الا في حال كان خيار انشاء مطمر بحري شبيه بما هو معمول به في هذه الايام في منطقة الكرنتينا، وكما حصل سابقا بالنسبة الى مطمر برج حمود!
وتجدر الاشارة هنا الى ان اي مطمر جديد لا بد وان يؤمن حاجة العاصمة مثلها مثل اية منطقة اخرى، اولا لان الحل اصبح ملحا بشمولية وليس بالتقسيط كي لا تتطور الامور الى ما لا نتيجة منه، ثانيا بعيدا من ان يسعى البعض الى افساد الخطة من خلال حراك شعبي مطلبي، الى ما في ذلك من نغمات سياسية هدفها المساجلة التي لا طائل منها، فضلا عن ان الظروف لم تعد تسمح بجرجرة الحلول ومنع الوصول الى ما يخدم المصلحة العامة!
اما القول ان الحل المرجو مرشح لاتخاذ قراره فهو لا يتعدى اليوم السبت، فيما يعرف الجميع ان الاستمرار في دوامة الاخذ والرد يمكن ان يؤدي الى استقالة الحكومة وتخلي وزير الزراعة عن مشروعه وعندها لن يكون حل بقدر ما ستكون كارثة بيئية يستحيل على اي كان تجاهل مخاطرها، اضف الى ذلك ان الذين يتوقعون انفجارا مطلبيا هم اكثر بكثير من الذين يناورون لما فيه مصلحة خاصة وغايات سياسية لا طائل منها مهما اختلفت المدة الزمنية التي تفصلنا عن الحل؟!
مشكور كل من سعى ويسعى لانجاح خطة الوزير شهيب لكن ذلك لا يتعلق بمن يتصلب في مواقفه، خصوصا ان الذين يتجاهلون ما هو مرتقب من مخاطر وسلبيات من الواجب تحذيرهم مهما كانوا وفي اي موقع رسمي او سياسي هم، لاسيما ان الكارثة كما سبق القول لم تعد تحتمل المزيد من تضييع الوقت، مع ما يعنيه تأخير الحل من سلبية شمولية!
ان محاولات احراج رئيس الحكومة تمام سلام قد لا تجدي نفعا لانه وصل صراحة الى نقطة اللاعودة التي تفصله عن رمي القفاز في وجوه السلبيين حتى ولو اضطرته الظروف لان يقدم استقالته ويتخلى عن مسؤولياته من غير حاجة الى القول ايضا انه لم يعد من مجال لمزيد من المناورات السياسية التي لا طائل منها، فيما يعرف الجميع انه في حال تعقدت امور الحكومة سيكون تعقيد في المقابل على صعيد مجلس النواب الذي يعد العدة للخوض في تشريع الضرورة وما الى ذلك من ضرورات وطنية من المستحيل تجاهلها من جانب اي طرف؟!