في تشرين الأول، يغادر جوزف جبرا الجامعة التي أمضى 16 عاماً فيها رئيساً قريباً من الطلاب، يرد على رسالة كل من يتواصل معه إلكترونياً. يحلّ قضاياهم مع المسؤولين لا يهمل رسالة “وهم يعرفون إن بعثوا برسالة إلى الرئيس فإن الرئيس سيجاوب عليها” ويطمئنهم. وفي تقييمه للسنة الدراسية الآفلة يقول “كانت صعبة، ولكن أنا رجلٌ متفائل بالحياة. مهما كانت الصعوبات يجب التغلب عليها، ولأننا في الجامعة نسمي حالنا عيلة، اتفق أفراد العيلة على تقديم ما بوسعهم كي ينهي طلابنا سنتهم بشكل طبيعي. تضافرت جهود الأساتذة والموظفين والطلاب وقررنا إنهاء الفصل الثاني مهما قست الظروف، وكان هذا هدف الجامعة الأول، وليس هذا فحسب، فقد أمّنّا ما استطعنا من المساعدات، وقدمنا للجميع فرصاً متساوية لنجاحهم حتى أن الجامعة قدمت لكل من طلابها 35 جيغابايتز لكي يتمكنوا، أينما وُجدوا، من إكمال الفصل الثاني، وهذه الروح الموجودة في الجامعة والتي تحييها جعلتنا ننهي السنة الجامعية على الرغم من كل الصعوبات”.
صندوق طوارئ
وكشف جبرا أن الجامعة اللبنانية ـ الأميركية قدّمت كعادتها مساعدات للطلاب بما يفوق الخمسين مليون دولار بزيادة ملحوظة لأن عدد الطلاب المحتاجين مع فقدان أهلهم لوظائفهم وأعمالهم قد ازداد. وكذلك قررنا فتح صندوق طوارئ، وهذا مهم جداً حتى يتمكن كل إنسان، في لبنان وخارجه من المساعدة”.
ومن سيغذي هذا الصندوق؟ “العالم كله. من أميركا إلى أوستراليا إلى الخليج، من خرّيجينا. في وقت الضيق “تهطل” المساعدات” وبوجود عامل الثقة بين الجامعة وداعميها، فالأموال لا تضيّع طريقها عبر القارات والمسافات. ونوّه جبرا بمساعدات “غير معقولة” من جيلبر شاغوري الذي قدم 400 مليون ليرة لبنانية وقال لنا “تصرّفوا بالمبلغ كما ترتأون” كما أن أنطون صحناوي قدم 500 مليون ليرة لبنانية للـ LAU…
وقبل أيام أعلنت مؤسسة LAU Health Foundation، عن تلقيها “منحة سخية بقيمة 1.328 مليون دولار من سلع ومعدات طبية مقدمة من برنامج ASHA، وهو “برنامج المدارس والمستشفيات الأميركية في الخارج”، لدعم مركز السكتة الدماغية في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق. وعن المستشفى والدور المتعدد الذي يقوم به قال جبرا “المستشفى مؤسسة موجودة ضمن الجامعة وجزء لا يتجزّأ منها ونحن نحتاجه لسببين: فثلاث من كلياتنا يتدرب طلابها فيه والمستشىفى عليه خدمة. سنواجه صعوبات لكن “لإنو درنا بالنا على حالنا سنتغلب عليها” ويستطرد بلهجته “الفرزلية” التي لم تنل منها أربعون سنة في أميركا،”إن خدمة المجتمع رسالة ومن أساسيات الجامعة. ففي المستشفى نعلّم طلابنا ونساعد البلد صحياً وهذا مهم جداً، ومع بدء تفشي كورونا حرّكنا عيادة نقالة جابت لبنان من أقصاه إلى أقصاه لتصل إلى القرى البعيدة التي لا يستطيع أهلها الإنتقال إلى بيروت أو إلى طرابلس وصيدا وزحلة. المستوصف النقال أوجدناه لخدمة المجتمع وجاءت الكورونا ليدخل هذا المستوصف في الخدمة الفعلية”.
في كل جامعة هناك متخلّفون عن الدفع لأسباب قاهرة، وهناك إجراءات وتسهيلات وما فعلته الـ LAU، عدا المساعدات، انها تركت الخيار لغير القادرين على الدفع بالدولار أن يدفعوا بالليرة اللبنانية، وعلى سعر صرف يبلغ 1520 للدولار الواحد، ومن لم يستطع تسديد قسطه على الوقت، تم تقسيط المتوجب عليه على دفعات”. وهل سيتمكن الأهل من دفع الأقساط في السنة المقبلة على سعر الدولار الرسمي؟ “الأسبوع المقبل نجتمع لنقرر ماذا سنفعل العام المقبل، ولكن بالتأكيد فما سنقوم به هو لمساعدة أهل الطلاب كي يتمكنوا من إرسال أولادهم إلى الجامعة”.
قجّة الرئيس
لجبه الصعوبات يعوّل جبرا كثيراً على صندوق الطوارئ، “لكننا لم نكتف به فلرئيس الجامعة صندوق خاص يستقطب المساهمات البسيطة قد تكون 500 دولار أو مائتين أو حتى أقل ويرفض المتبرعون التصريح عن أسمائهم في أغلب الأحيان وأنا بدوري أساعد من يحتاج إلى مساعدة. أحب طلّابي كثيراً. أحبّ أن أساعدهم وأفتخر بهم: عندما يكتبون إلي طالبين مساعدة (وهي بين الـ 1500 والـ 2000 دولار) لا أعرف كيف تأتي أموال الخير” واستعان جبرا بقول لإعرابي ملأ الخليفة جرته مالاً فوزعها على الفقراء ولما سأله لماذا فعل هذا أجاب: “جاد الخيّرون علينا بمالهم ونحن بمال الخيّرين نجود”.
وماذا عن الإحتياط المالي للـ LAU في أميركا؟
لدينا ما نسميهendowment (صندوق احتياط) قررنا تكوينه منذ تسلمي مسؤولياتي لمساعدتنا في وقت الضيق، وحتى اليوم نتلقى من ريعه بين 2 و 3% لمساعدة طلّابنا.
تضم كليات الجامعة السبع حوالى 8500 طالب موزعين على 37 اختصاصاً، وقد تراجع عددهم 5 % في العام الماضي فهل تستمر وتيرة التراجع؟ “ستكون في انتظارنا صعوبات ولدينا معركة وسنربحها هي معركة تسجيل الطلاب سنعمل المستحيل حتى يحصل كل طالب مؤهل لدخول الجامعة على مساعدات بقدر استطاعتنا ونريد أن نخفف نسبة غير المقبولين من غير المؤهلين للتسجيل في الجامعة إلى 10 % أو أقل بعدما كانت النسبة تتراوح بين 20 و30% لذا أسميها معركة!
بخلاف العديد من الجامعات حافظت الـ LAU على الجسم الإداري والتعليمي والوظيفي بكل مؤسساتها. لم يُصرف أحد من الجامعة. “جميع موظفينا وأساتذتنا ما زالوا يقبضون رواتبهم مقدّرين ما تفعله الجامعة للحفاظ عليهم ومساعدتهم، أما ماذا سيحصل بالمستقبل وفي لبنان؟ فليس في إمكاني أن أتكهّن لكن ما أستطيع قوله أننا سنفعل المستحيل للمحافظة على “عيلة” الـ LAU. نحن “عيلة” ولسنا بمؤسسة تلعب بالوظائف ( كمورد رزق) وبقدر ما نستطيع سنكمل بالمشوار الذي بدأناه”.
الخيارات الثلاثة
وعن الخطط في حال لم يتم القضاء على كورونا يقول جبرا: لدينا ثلاثة احتمالات ونحن جاهزون لها. الإحتمال الأول أن تختفي الكورونا ويعود كل شيء إلى ما كان عليه قبل شباط 2020.
الإحتمال الثاني أن تستمر الكورونا ونواصل التعليم عن بعد.
وأنا أقول بخيار ثالث وهو blended education وهو يعني استعمال الـ face to face جزئياً أما أغلب التعليم فيتم عن بعد، ونحن استعدينا للخيارات الثلاثة قبل انتهاء الفصل الأخير، وفي الفصل الدراسي الصيفي سنواصل التعليم عن بعد رغم اشتياق الطلاب للعودة إلى مقاعدهم الجامعية”.
ولا يخفي جبرا المتفائل بطبعه، والممتلئ طاقة إيجابية توقعَه بتراجع عدد طلابه، لكن “بدلاً من القول ان نسبة الطلاب ستتراجع 30% نقول أنها لن تتخطى الـ 10%، ونحن مستعدون لكل الإحتمالات وإذا خرب البلد لا سمح الله فالأمر ليس بيدنا “. ويعترف الرئيس أن هذه السنة كانت الأصعب عليه “وأتوقع أن تكون السنة المقبلة صعبة أيضاً (على من سيشغل موقعه)”. يغادر جبرا الجامعة بعد شهرين ونصف الشهر بعدما كان راغباً بالمغادرة قبل ثلاثة اعوام لكن مجلس الجامعة رفض وهكذا ستسلّم الرئاسة إلى عميد كلية الطب الدكتور ميشال معوّض المنتخب رئيساً للجامعة.
بدأت السنة الجامعية بـ”ثورة” واستُكملت بـ “جائحة” وانتهت بنجاح الطلاب ورسوب الحكومة في كل امتحاناتها. الجامعات الخاصة، الكبرى والصغرى، رفعت الصوت، إتخذت تدابير، إستنفرت، ويبدو أن الجامعة اللبنانية ـ الأميركية إستعدت جيداً، واستنفرت طاقاتها وأصدقاءها وستُطلق يوم الإثنين الإعلان عن إنشاء صندوق دعم للجامعة التي تحتفل العام المقبل بإطفاء أو إضاءة ستين شمعة. “نداء الوطن” تحدثت إلى رئيسها الدكتور جوزف جبرا عن عام دراسي مضى وسنة ملأى بالتحديات.