Site icon IMLebanon

إيران أمام منعطف لا يسمح بالمغامرة… إنطلاق مرحـلة نزع الألغام الإقليميّة

بدأت في نيويورك جولة جديدة من المحادثات بين رئيس الفريق النووي الإيراني المفاوض، وزير الخارجيّة محمد جواد ظريف مع نظيره الأميركي جون كيري، ومسؤولة السياسة الخارجيّة والأمن في الإتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، بالإضافة الى عدد من وزراء خارجيّة الدول الست المشاركة في مؤتمر «متابعة معاهدة الحظر النووي».

ستتطرّق المحادثات، وفق أوساط دبلوماسيّة في بيروت، الى الوضع في الشرق الأوسط، والمستجدّات التي طرأت، إنطلاقاً من حقائق ثلاث. الأولى: التفاهم الذي تمّ بين إدارة الرئيس باراك أوباما والكونغرس على قانون يمنح البرلمانيّين الأميركيّين حق الإطلاع على الإتفاق بشأن النووي الإيراني، قبل توقيعه في 30 حزيران المقبل.

الثانية: التأييد الأميركي – الغربي «لعاصفة الحزم»، ودول التحالف، لإعادة الشرعيّة الى اليمن، إنطلاقاً من مندرجات قرارَي مجلس الأمن الدولي 2201 و2216.

الثالثة: تأييد أميركي – غربي لقيام «عمل عربي مشترَك» يدعم المعارضة السورية المعتدلة، بهدف تحقيق توازن عسكري على الأرض، يترجم عملياً بحمل النظام على العودة الى طاولة الحوار من دون شروط مسبَقة، والوصول الى تسوية تقوم على أساس مندرجات البيان الختامي لمؤتمر جنيف الأول.

وتؤكّد المصادر أنّ محادثات نيويورك حاجة إيرانيّة بإمتياز للحدّ من الخسائر. إنها من المرّات النادرة التي يذهب فيها الوفد الإيراني المفاوض، ولا يصطحب في حقيبته «اوراقَ قوّة» تساعده على التفاوض من منطلقات متكافئة. الوضع في اليمن ليس مكسَباً، بقدر ما هو بداية نفق مدلهم الجوانب. ولا تختلف مرحلة «إعادة الأمل» من حيث منطلقاتها وأهدافها عن «عاصفة الحزم».

والكلام عن فتور يعتري العلاقات بين دول التحالف غير واقعي، والدليل أنّ وزير خارجية اليمن في حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، رياض ياسين، لا يزال يصرّ على إنسحاب الحوثييّن من صنعاء، وتسليم الأسلحة، وتنفيذ بنود القرارين الدوليين كشرط لمشاركتهم في الحوار.

والمتداوَل في بعض الكواليس أنّ الإيراني لا يمكن أن يغامر في هذه المرحلة، فلا يمكنه أن يرفع السقف، ولا أن يقلب الطاولة، الإتفاق حول النووي أولوية عنده لا تتقدّم عليها أيّ أولوية أخرى، وعدم توقيعه في الـ30 من حزيران المقبل، وفق الحدّ الأدنى من الشروط والمواصفات المطلوبة، سيجعل الرئيس حسن روحاني وحكومته أمام مأزق داخلي.

حتى المجموعة الدوليّة تريد التوصل الى إتفاق، وترى أنه ضروري، وينطوي على مكتسبات إستراتيجيّة مهمّة تتوافق ومصالحها، إلاّ أنّ المرحلة الفاصلة حساسة، ولا بدّ من الإقدام على فتح سائر الملفات في الشرق الأوسط. كانت طهران ترفض في السابق الدخول في أيّ مفاوضات حول أيّ ملف قبل إنجاز الإتفاق، لكنها فوجئت «بعاصفة الحزم»، وبالتحالف العربي – الإقليمي، وإعتبرت أنّ ما يجري في اليمن مجرد رسالة عنوانها السريع الدخول مباشرة في حوار مع الولايات المتحدة، وأيضاً مع الآخرين في مجموعة الـ 5+1، للتفاهم حول كيفيّة ترسيم حدود الأدوار والمصالح في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن… وإلاّ فإنّ الممانعة قد تؤدّي الى خيار من إثنين، لا تريدهما طهران، إما تمديد إضافي لفترة التفاوض، أو العودة الى نقطة الصفر؟!.

ولعلّ التطوّر الجدّي الذي نشأ عقب صدور القرار 2216، مسارعة بعض دول «عاصفة الحزم» الى فتح الملف السوري على مصراعيه، ففيما كان التصويب على اليمن «لإعادة الأمل»، توجّهت الأنظار الى سوريا «لإعادة الأمل» بالتغيير، و«فرض» التسوية القابلة للحياة. وزيارة ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة بدولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد الى الرئيس باراك أوباما قبل أيام أعقبها سقوط جسر الشغور، وبمعزل عن الحسابات والخلفيات، فإنّ المصادر المتابعة تؤكد على ما نقله الوزير كيري الى نظرائه الخليجيين في الرياض قبيل التوصل الى الإتفاق الإطار حول النووي، بأنّ واشنطن لا تمانع القيام بدور عربي – إقليمي يسهم في تسريع الحلول للأزمات المتفاقمة في الكثير من الدول العربيّة؟!…

وتعترف المصادر بأنّ «جسر الشغور»، ربما كان عنواناً لمرحلة تنطلق من حسابات جديدة، ومن تحالفات خليجيّة – إقليميّة تهدف الى رسم خريطة طريق أمنيّة – سياسيّة مختلفة في سوريا، قبل التوصل الى وقف لإطلاق النار في اليمن. والسؤال: هل ستحافظ إيران على «ضبط النفس» لتكسب الإتفاق النووي، أم ستنتفض على كلّ المواقع التي تشعر فيها بأنها مستهدَفة أيّاً تكن النتائج والتداعيات؟!.

بعض المواكبين لمسار التطوّرات يؤكد بأنّ ما يجري على أرض الواقع مغاير تماماً لما يجري وراء الكواليس. طهران، ترى والمجموعة 5+1 بأنّ الظرف أصبح مؤاتياً لمناقشة الملفات الساخنة، ورسم مخارج التسويات للأزمات المتفاقمة، وفتح الباب أمام دول التحالف العربي للمشاركة، بدلاً من المواجهة؟!.