IMLebanon

اطلاق سماحة وتسرع «حزب الله» مادة دسمة لتعزيز الخلافات؟!

احتل قرار محكمة التمييز العسكرية اطلاق سراح (الوزير السابق) ميشال سماحة بكفالة مالية مقدارها 150 مليون ليرة، موقع الصدارة، وتمدد على الارض وفي المواقف السياسية وطغى على كل ما عداه من قضايا وملفات وأزمات ضاقت بها صدور اللبنانيين ولم يجد الافرقاء – المفترض ان يكونوا الأولوياء على تشريع الحلول – سبيلاً للتوافق على ضبط الاوضاع وترحيل هذه الأزمات، كما توافقوا على »ترحيل النفايات…«.

يسلم كثيرون بـ»الأمر الواقع« ويقولون »هذا هو لبنان.. على مدى تاريخه..« وهو لا يملك حتى قرار ملء الشغور الرئاسي الذي قارب العشرين شهراً، والكرة في ملعب »التوافقات الخارجية الاقليمية والدولية« التي لم تستوِ بعد، ولم تتهيأ الظروف لها.. هذا في مقابل، ان الافرقاء السياسيين المعنيين، وتحديداً »النافذين« منهم لا يتركون شاردة او واردة لتعزيز الانقسامات والتباعد في المواقف وإضاعة الوقت وشحن النفوس سلبياً، إلا ويستحضرونها ليبنوا عليها مواقف وتحركات و»ربط نزاعات..«؟!

هناك أكثر من تساؤل حول اطلاق سماحة، في المضمون، كما في التوقيت، وهل جاء هذا القرار محرراً من أي خلفية سياسية ووفق معايير قضائية بحتة، أم ان »وراء الأكمة ما وراءها« من خلفيات واستهدافات تتقاطع مع الوضع الداخلي كما الاقليمي، المأزوم والذي يتمترس وراء عصبيات مذهبية غير مسبوقة يقر الجميع بخطورتها من دون الاقدام على أي خطوة لتنقيس هذه الاحتقانات.. خصوصاً وان سجل القضاء في لبنان عموماً، بات يشكل قلقاً حقيقياً لدى العاملين في هذا القطاع، بالنظر الى ما يشهده من ضغوطات وتدخلات سياسية تحرمه »واجب النزاهة والموضوعية الكافيتين لتوفير الحصانة والاستقلالية«..

الجريمة هي في حد ذاتها »سياسية – أمنية«، وقد ثبتت ذلك بالاعتراضات وبالأدلة والبراهين والشهود، على رغم بعض العيوب.. لكن التوقيت جاء لافتاً وردود الفعل التي حصلت لم تكن مبرأة كفاية عن الافادة السياسية، خصوصاً وان »تسرع«، »حزب الله« في اعلان المواقف لا يصب في خدمة أهدافه، بل يوفر لاخصامه فرصة كافية للافادة منها والبناء عليها.. وذلك على رغم جلسات الحوار الجماعية والثنائية التي تجمعه و»المستقبل«؟!

لم يكن »مبلوعاً«، ولا تحت أي سبب كان، او  غاية او هدف او شعار ان يبادر رئيس كتلة »الوفاء للمقاومة« النائب محمد رعد، الى اصدار بيان خطي (يعني مدروس بدقة وغير مرتجل) يبرر فيه اطلاق سراح سماحة، وهو يعرف، قبل غيره، ان موقفه هذا سيشكل غطاءً كافيا لتحريك كل الساحات غير الموالية لـ»حزب الله«، وإعادة ضخ العصبيات السياسية والمذهبية بما لا يخدم مصلحة لبنان واللبنانيين والقضايا الوطنية المركزية.. ويكفي استعراض ردات الفعل على أرض الواقع والمواقف التي واكبت قرار اطلاق سماحة وأعقبت تصريح النائب رعد، ليعيد الحزب النظر بهذه السياسة التي يعتمدها و»بتكتيكاته« التي تضر به ولا تخدمه..

ليس من شك في ان »حزب الله«، في وضع داخلي واقليمي غير مريح لكثيرين وقد توزعت وتعددت أنشطته العابرة للحدود.. والجانبان السياسي والاعلامي ساعدا في انضاج هذه الطبخة المناوئة للحزب، وفي تسريع ردود الفعل، بما لا يخدم الوصول الى خواتيم سعيدة للأزمات المتراكمة.. ومسارعة النائب رعد لاطلاق موقفه قدم مادة دسمة لكل الذين وقفوا ضد قرار اطلاق سماحة وفي توقيت تشهد الساحة الداخلية صعوبات وعوائق غير محدودة تحول دون انجاز أبسط الملفات بل وأكثرها أهمية، من مثل الاستحقاق الرئاسي.

عديدون ربطوا بين اطلاق سماحة، وما أعقب ذلك من مواقف وبين الازمة الرئاسية التي باتت تراوح بين خياري ما يحكى عن مبادرات سواء تلك المتعلقة بترشيح النائب سليمان فرنجية ولم تلقَ قبولاً لدى رئيس »القوات« سمير جعجع، الذي يهيء الرد على تلك »المبادرة« بتبني ترشيح العماد ميشال عون المدعوم من »حزب الله«، أم العودة عن ذلك باتجاه اعادة الحياة لشرايين ترشيح جعجع، مادام الرهان على عامل الوقت هو السائد بانتظار »القرار الاقليمي الدولي« الذي بيده هذا القرار، على ما يقول وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق؟!.

في مطلق الأحوال، هناك مبالغات في اعطاء دور سياسي لقرار المحكمة العسكرية باطلاق سماحة، الذي وإن كان له في السابق دور ما، فإن الواقع الراهن لا يوفر (للوزير السابق) مساحة أكثر من دارته التي يقطن فيها في حي الاشرفية.. هذا اذا تجاوزنا ما يمكن ان يحصل من تداعيات أمنية، كثر الحديث عنها في الآونة الأخيرة وفق معطيات متوافرة لدى الأجهزة المختصة وعملت على تنبيه المعنيين الى وجوب أخذ الحيطة بأقصى ما يمكن.. ومع ذلك فإن لقاء رئيس الحكومة تمام سلام، مع القاضي سمير حمود، قد يشكل بداية تصحيح لوضع قرار العسكرية في موضعه الصح..؟!