IMLebanon

مفاوضات لوزان… راوِح مكانك!

لا تختلف ردة الفعل في لوزان بين صحافيٍّ وآخر. إنهاك تام أصاب غالبية «المرابضين» في فندق «بوريفاج» لتغطية محادثات ملف إيران النووي العسيرة، التي شهدت أمس لقاءاتٍ مكوكية على مستوى وزراء خارجية إيران والمجموعة الدولية ما أعاد الى طاولة المفاوضات كلّ البنود المتعلِّقة بالبرنامج النووي، حيث نوقِشت بنداً بنداً.

على رصيف البحيرة الممتدّ أسفلَ الفندق عشرات من باصات النقل والخِيَم البيض المخصَّصة للنقل التلفزيوني المباشر، ومشاة بكاميرات وبطاقات تعريف، وسيارات شرطة، مشهدٌ قلما يتكرّر في هذه المدينة المشهورة بحركة نشطة وهادئة عند رصيف «أوشي» الشهير سياحياً وملاحياً في هذه النقطة التي تفصل سويسرا عن جبال الالب الفرنسية التي تفصلنا عنها بحيرة ليمان. شاعرية الرصيف والبحيرة شكلت ملاذاً لفكّ خناق الإرهاق عن بعض الصحافيين، ولبعض السياسيين الذين نال منهم الإرهاق ايضاً.

المفاوضات خلف الابواب الموصدة راوحت مكانها، وساد انطباعٌ بين الصحافيين مفاده أنّ احتمال التوصل الى اتفاق مع نهاية المهلة مساءَ اليوم الثلثاء سيكون إنجازاً استثنائياً، لأنّ الاشارات حتى الآن تدلّ على أنّ عقباتٍ أساسية لم يتمّ تجاوزها بعد، أبرزها مسألة العقوبات التي فرضها مجلس الامن الدولي على إيران، إضافة الى مصير المنشآت النووية الايرانية بعد التوقيع،

وفي حين بات مؤكداً أنّ الدول الكبرى وافقت على تشغيل منشأة فوردو، إلّا أنّ طريقة تشغيلها وفي أيّ ظروف بقيت غامضة، ناهيك عن طريقة تنفيذ عمليات المراقبة على هذه المنشأة وسواها، خصوصاً أنّ إيران ترفض قطعاً الاقتراح الفرنسي القائل بضرورة توقيعها البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر الاسلحة النووية الذي يفرض توسيع رقعة الرقابة لتشمل منشآت عسكرية يعتبر الغرب انها استُخدمت لتنفيذ تجارب نووية.

وتفيد مصادر قريبة من الوفد الفرنسي أنّ الاقتراح الفرنسي ذهب أيضاً الى طلب مهلة 25 سنة لمراقبة هذه المنشآت تنقسم الى جزءين، الاول مدته 15 سنة تكون فيه الرقابة مشدَّدة، والثاني مدته عشر سنوات وتكون الرقابة فيه دورية ويحقّ للمراقبين أن يحضروا بنحوٍ مفاجئ لاتمام عملهم.

ويضيف المصدر أنّ الفرنسيين يحاولون رفع السقف «لكي يُقال في حال التوصل الى اتفاق انهم قدّموا تنازلاتٍ كبيرة لمصلحة تحقيق الصفقة»، ومشيراً الى أنّ «الغريب هو خضوع الموقف الديبلوماسي الفرنسي في هذه المسألة، كما في سواها، لضغوط وإغراءات خارجية، ولا سيما منها الاسرائيلية والخليجية».

والجدير ذكره أنّ المفاوضات أمس شهدت لقاء قمة وزارية حضره وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ونظراؤه الستة، انتهى بسفر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اضطرارياً، واعداً بالعودة في حال استدعى الامر وجوده.

وأفادت معلومات أنّ هؤلاء الوزراء اعتبروا الاولوية القصوى لديهم في هذه الفترة هي التوصّل الى اتفاق إطار شفوي يشكل نواة اتفاق مفصّل ومكتوب يُفترض أن يتمّ إنجازه نهاية حزيران المقبل.

وقال مصدرٌ أميركي في لوزان إنّ وزير الخارجية الاميركي جون كيري «المقيم في سويسرا بنحوٍ شبه دائم منذ فترة بسبب المفاوضات، لن يرضى بالخروج منها بلا اتفاق، خصوصاً أنّ جلسة الكونغرس الاميركي ستعقد منتصف الشهر المقبل ويجب تحقيق شيء ملموس قبل هذا الموعد».

ورأى أنّ الكلفة المادّية المرتفعة للعمل الديبلوماسي خلال الفترة الماضية «لا تساوي ثمن حفنة من الصواريخ الحديثة، كلفة الحرب أعلى بكثير من كلفة الديبلوماسية، لذا على الدول الكبرى الانفاق في الاتجاه الصحيح».

وتمحورت المفاوضات أمس حول مراجعة البنود الرئيسة لعملية التفاوض، أبرزها نسبة تخصيب اليورانيوم ومسألة الابحاث النووية الايرانية وتطوير المواقع، وهي من أهم النقاط التي أُثيرت خلال هذا الاسبوع لانها ستحدِّد مصير مستقبل هذه الابحاث وسبل تطوير أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران وتنتمي الى الجيلين الاول والثاني، ومصير المنشآت النووية الايرانية وآلية مراقبتها، إضافة الى آلية رفع العقوبات الدولية عن إيران.