ينعقد اليوم في لوزان السويسرية اجتماع رفيع المستوى بين كلّ من روسيا وأميركا والسعودية وتركيا وإيران لبحث الأزمة السورية، وهو الى حدّ بعيد يشبه اجتماع لوزان اللبناني الذي انعقد عام ٨٤، بعد تعقيدات الاجتياح الإسرائيلي وانسحاب البوارج الأميركية عن الشاطىء اللبناني واحتدام النزاع الداخلي. وقد حضر الاجتماع أطراف النزاع اللبناني بالاضافة الى السعودية وسوريا. وكانت من نتائج اجتماعات لوزان ٨٤ دخول لبنان في مرحلة انتقالية امتدّت حتى نهاية عهد الرئيس أمين الجميل عام ٨٨.
يأتي اجتماع لوزان السوري بعد أسبوع شديد التوتر على المستويين الإقليمي والدولي، وذلك بعد فشل التصويت على مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن بخصوص سوريا بسبب الفيتو الروسي، مما دفع الفرنسيّين الى التصعيد مع روسيا وإلغاء بوتين زيارته المقرّرة الى فرنسا. وكذلك الأمر بالنسبة الى بريطانيا التي دعت حكومتها البريطانيين الى التظاهر أمام السفارة الروسية واتهامها بالنازية الجديدة، بالاضافة الى مواقف إيطاليا وألمانيا والاتحاد الاوروبي، مع تلويح بعض الدول بالتدخل العسكري بما فيها الولايات المتحدة الأميركية.
الخميس الماضي عقد اجتماع استثنائي بين وزراء مجلس التعاون الخليجي ووزير الخارجية التركي في إطار التحضير لاجتماعات لوزان. وكان البيان الختامي واضحاً لترابط الأزمات السورية والعراقية واليمنية، بالاضافة الى عملية السلام في المنطقة. وقد جرى الحديث عن إحتمال وساطة تركية بين دول الخليج وايران. يأتي هذا التّطوّر بعد إنحسار الرهانات إثر تراجع حظوظ المرشح الجمهوري ترامب، مما قد يسقط المراهنات على سياسة شراء الوقت لدى بعض القوى الاقليمية والدولية الى ما بعد الانتخابات الأميركية.
عقد الرئيس الأميركي في الأمس إجتماعات مع مساعديه لبحث الوضع في سوريا، وذلك عشية اجتماعات لوزان لطرح كل الخيارات، بما فيها العسكرية. وهذا يعيدنا الى ما يشبه عشية التطوّرات الدولية والإقليمية بعد استخدام السلاح الكيماوي في النزاع السوري، بعد أن كان قد جعله الرئيس اوباما خطاً أحمر، والذي انتهى بالقبول بالمبادرة الروسية في نزع السلاح الكيماوي تفادياً للضربة العسكرية آنذاك، مما أعطى روسيا دوراً محوريّاً في الأزمة السورية بموافقة دولية. وقد أصبحت حلب هي الخطوط الحمراء بعد الكيماوي والذي يُتَّهَم الروسي الآن بتجاوزها.
سيعقد يوم غد الأحد اجتماع لدول التحالف في لندن لدراسة نتائج اجتماعات لوزان واتخاذ التدابير اللازمة، مما يضع اجتماعات لوزان أمام توقيت محكم غير قابل للمماطلة والمهارات الدبلوماسية، فإما أن يكون هناك اتفاق على أفق للتسوية على أسس ترضي جميع أطراف النزاع أو أن الأمور ستذهب نحو الأسوأ في سوريا والعراق وغير مكان، وستتغيّر أطراف النزاع وأدواته.
فهل تكون اجتماعات لوزان سورية واحد بمثابة لوزان لبنان اثنين، أي أن يدخل السوريّون في مرحلة انتقالية يوقف فيها القتل والدمار ويفرج عن الاستحقاق الرئاسي في لبنان.