على رغم من أنّ ملفَّ عودة النازحين السوريين هو العنوان الأبرز لزيارة المبعوث الخاص للرئيس الروسي الكسندر لافرينتيف الى بيروت، إلّا أنّ محادثاته مع الرؤساء الثلاثة قد تُمهّد لفتح ملفاتٍ أُخرى لا تقل أهمية عن ملف النزوح السوري.
يصل لافرينتيف الى بيروت غداً الثلثاء على رأس وفد رفيع المستوى لتحريك الجمود الحاصل على خط التسوية السياسية للأزمة السورية، ووفق المعلومات فإنّ الرجل سيوجّه دعوةً رسمية للبنان الى المشاركة في جولة مفاوضات «أستانا» الـ 13 التي ستجرى في تموز المقبل، بعدما أدركت موسكو أهمية إشراك عواصم الجوار السوري، في اعتبار أنّ جولة أستانا المقبلة ستضع إطاراً محدّداً للبدء بإعادة النازحين السوريين الى المناطق الآمنة، وهنا تكمن أهمية حضور لبنان لطرح هواجسه حول طرق معالجة هذا الملفّ، زد على ذلك، فإنّ الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية بات في مرحلة متقدمة على طاولة المشاركين في أستانا، وهو أمر يعني لبنان مباشرة خصوصاً أنّ الاتفاق يحدّد صورة الدولة السورية ما بعد الحل.
وبالنسبة الى موسكو فإنها لا تضع خطوطاً حمراً حول أيِّ ملفٍّ من شأنه أن يرتقي بالعلاقة الى أعلى المستويات مع لبنان، وفق ما يؤكد الديبلوماسييون الروس، لذلك فإنّ بيروت مدعوَّةٌ الى استثمار هذه الزيارة الى أقصى حدّ، خصوصاً في ظلّ التحديات التي تنتظرها في الاسابيع القليلة المقبلة وخصوصاً ما بتعلق بورشة «المنامة» التي ستُعقد في 25 و26 حزيران الجاري لرسم الخطوط العريضة لما يُعرف بصفقة القرن، التي تحاول من خلالها إدارةُ ترامب أن تحقق إنجازاً في الشرق الأوسط على حساب حق العودة للفلسطينيين، وهنا تبرز أهمية هذه القضية لأنها تُشكل تهديداً مباشراً لنسيج لبنان الإجتماعي والسياسي.
نقطةٌ أُخرى قد تكون أكثرَ حساسية من سابقاتها وهي دخول الولايات المتحدة الأميركية منفردةً الى مسار ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وإسرائيل، فإذا ما نجح ديفيد ساترفيلد في إجلاس الطرفين على طاولة التفاوض في شأن الحدود بين البلدين فإنّ بلاده ستلعب دورَ المشرف الفاعل على سير عمليات الترسيم، وبالطبع فإنّ أمنَ تل أبيب ومصالحها تبقى على رأس أولويات حراكها في المنطقة، من هنا فإنّ ثمّة فرصة أمام لبنان لحضّ المبعوث الرئاسي الروسي على التحرّك بفعالية من خلال الأمم المتحدة لضمان التوازن في ترسيم الحدود والحفاظ على حقوق لبنان كاملة.