Site icon IMLebanon

لافروف يقترح وكيري يرفض «5+1» للبنان

لم يُصب اليأس من إمكان إحداث اختراق في الملف الرئاسي قوى محلية سَعت وما زالت تسعى الى خرق الجدار المسدود، وإنما أصاب أيضاً دولاً كبرى تحاول هي الأخرى فك المسار اللبناني عن المسار السوري وقوس الأزمات في المنطقة، من دون جدوى حتى الآن.

وإذا كانت فرنسا «الأم الحنون»، ولما لها من علاقات تاريخية مع لبنان، تواصلت مع إيران أكثر من مرة منذ عام ونيف من أجل إقناعها بتحرير الملف الرئاسي اللبناني ولم يؤتِ هذا التواصل ثماره، فإن روسيا الساعية الى دور في المنطقة منذ الانكفاء الاميركي عنها، لم تستطع هي الأخرى إحداث اي تقدّم في هذا الملف رغم وضعها الملف اللبناني بنداً دائماً في حراكها الديبلوماسي مع إيران.

وفي التقارير الديبلوماسية الواردة الى بيروت كثير من «خيبة الأمل» لدى الكرملين من عجزه عن الوصول الى بصيص ضوء في النفق الرئاسي المسدود. ذلك أن محاولته تكررت وعلى أكثر من مستوى من دون جدوى: فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين فاتح نظيره الإيراني حسن روحاني أكثر من مرة في هذا الموضوع، وكذلك وزير خارجيته سيرغي لافروف أدرج بند الاستحقاق الرئاسي في أكثر من لقاء مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، تماماً كما فعل مساعده ميخائيل بوغدانوف مع نظيره السابق حسين أمير عبداللهيان، وباءت كل هذه المحاولات بالفشل.

والسبب، كما تفيد التقارير، أن طهران ليست في وارد الإفراج عن الملف الرئاسي حتى اليوم، متذرعة إما بترك هذا الملف للبنانيين، بما في ذلك لـ»حزب الله»، أو «النصح» بالعمل على «توافق لبناني» لهذا الغرض، وهو ما يفعل «حزب الله» عكسه.

وفي تقدير الديبلوماسية الروسية أن إيران تتجنّب الوصول الى حلّ في هذا الملف لسبب من اثنين: إما لأنها تريد مقايضة هذه «الورقة» مع إدارة أميركية جديدة، خصوصاً أن الإدارة الحالية دخلت في مرحلة الأفول. وإما لأنها تريد الردّ على المواجهة السعودية معها في المنطقة، من خلال تأزيم الملف اللبناني.

ولأن القيادة الروسية أدركت أن الملف اللبناني أصبح إقليمياً، سعت الى إحداث خرق فيه عن طريق آلية اعتمدت للملف النووي حيث شاركت فيها مجموعة سُمّيت «الخمسة زائد واحد»، وهي الآلية التي نجحت في الوصول الى اتفاق بين الغرب وإيران باعتبار أنها شملت كل الأطراف الدوليين المعنيين.

وكشفت التقارير الديبلوماسية أن الوزير الروسي لافروف اقترح في لقائه قبل الأخير على نظيره الأميركي جون كيري تشكيل لجنة دولية لمعالجة الملف الرئاسي اللبناني على طريقة «الخمسة زائد واحد»، أي إشراك الدول المعنية بالوضع اللبناني في هذه اللجنة وإطلاق دينامية ديبلوماسية يمكن أن تقود الى اختراق ملموس. لكن الوزير الأميركي اكتفى بالقول «لدينا أولويات أخرى».

معنى ذلك أن واشنطن لا ترى في المنطقة أولوية تتقدم على الملف السوري الذي يغرق هو الآخر في تعقيدات لا تُعدّ ولا تُحصى، أهمها الخلاف مع موسكو حول «المرحلة الانتقالية» السورية ودور بشار الأسد فيها. فيما تعتبر الديبلوماسية الروسية أن بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية يفتح الباب أمام انتخابات رئاسية «ديموقراطية» في سوريا ينجم عنها رئيس جديد. ذلك ان ما تطرحه موسكو يتضمن بقاء الأسد على رأس السلطة خلال المرحلة الانتقالية وتعيين خمسة نواب له، اثنان مواليان واثنان معارضان وخامس مستقل، يمهّدون لانتخابات رئاسية تشمل الناخبين السوريين في الداخل ولاجئي الجوار، وبذلك يكون مضموناً خروج الأسد من السلطة بصورة طبيعية وديموقراطية باعتبار أن غالبية الشعب السوري لن تصوّت له.

وفي تقدير الديبلوماسية الروسية أن هذه الآلية تضمن بقاء مؤسسات النظام التي إذا ما أطيح بها تصبح سوريا «ليبيا ثانية»، وهي لذلك تسعى الى الحفاظ على التوازن الميداني في حلب وغيرها من أجل الدفع قدماً الى حلّ سياسي يقوم على هذه الآلية التي لا ترى موسكو بديلاً منها.

إلا أن الولايات المتحدة الأميركية ما زالت بعيدة عن هذا المسار، كما تضيف التقارير، من دون أن يعرف ما إذا كان هذا الموقف يعني حرصاً أميركياً فعلياً على خروج الأسد من السلطة منذ الآن، أم بقائه على رأسها أطول فترة ممكنة.