IMLebanon

القانون أو زعران البلد المنتحلو صفة

 

أود التطرّق الى منظومة العدالة، وهي نظام قانوني من الأنظمة الحكومية التي تهدف الى رقابة المجتمعات بكل مندرجاتها، كما من مهامها الاساسية ردع وضبط الجرائم ومعاقبة المنتهكين للنظام، مع انواع من عقوبات مختلفة تتناسب مع كل نوع من الجرائم المرتكبة. وتلحظ العدالة لكل مشتبه فيه في ارتكاب جريمة ما، الحق له المطالبة بالحماية، ضدّ ما يُعرف اساءة استعمال سلطات التحقيق والملاحقة القانونية.

 

ولأني باحث في الشؤون السياسية وما ينتج منها من افعال، اطالب وبكل غيرية وبمعية خبراء دوليين، بإصلاح نظام العدالة الجنائية في لبنان، وذلك من خلال إعادة تكوين سلطة قضائية مستقلة، غير خاضعة لسيطرة السلطات السياسية، عملاً بما ورد في مقدمة الدستور وتحديداً الفقرة /ج/، والتي تنصّ: «لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحرّيات العامة وفي طليعتها حرّية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية، والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمييز او تفضيل»، كما أستند ايضاً الى الفقرة /ه/ من مقدمة الدستور، والتي تنصّ على انّ النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها.

 

انّ الأحداث التي تُفتعل على الساحة الداخلية ليست مقبولة. وقانونياً يجب ان تُثير لدى قوى النخبة ردود فعل شديدة، وخصوصاً انّهم يمثلون الصوت الصارخ في تلك الحالة التي تفترض إعادة خلط الاوراق على الساحة الداخلية وإيجاد المخارج السياسية – الدستورية – القانونية، لتلك الاحداث المفتعلة، من قِبل تلك المرجعيات التي اغتصبت الديموقراطية وافرزت حالة سياسية انتهكت حرمة السلطات التشريعية – التنفيذية – الإجرائية، وحوّلتها الى مغارة علي بابا والاربعين حرامي…
ونلاحظ كباحثين مدعومين بفريق عمل دولي يشاركنا وضع سبل وآليات لمعالجة الاوضاع العامة، انّ الافعال التي تبذلها بعض المراجع لإعادة الحزازيات في ما بين اللبنانيين، ترتكز عملياً وفعلياً على إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، كالتي حصلت ليل 6 حزيران المشؤوم، وهذا امر من المفترض إحالته الى اعلى المراجع الدولية لحقوق الانسان ليُبنى على الشيء مقتضاه. إننا كباحثين وكناشطين سياسيين، ندرس مشروع قانون جديد يتضمن معاقبة تجريم التحريض الطائفي والعنصري وخطاب الكراهية، بهدف حفظ وحدة وسلامة الشعب اللبناني والتعايش بين جميع مكوناته، عملاً بالنصوص الدستورية وما تنصّ عليه الصيغة. انّ تشريع مثل هذا القانون من قبلنا بات امراً ملحاً، ذلك انّ مثل هذه الظاهرة اشتدت واستفحلت وازدادت، بحيث تجاوزت مداها وتحوّلت الى مرحلة السباب وحمل السلاح والاهانة والطعن والتجريح بالأديان والعقيدة التي تربينا عليها، مما سيؤدي الى حرب داخلية لا تُحمد عقباها، حيث سيستسهل بعضهم طرح صيغة معينة لمّح لها منذ فترة وجيزة، عبر احد أئمة المساجد. انّ ما يُخطّط له من قِبل هؤلاء السياسيين من الفعل المباح الى الفعل المجرم، ويتحول تلقائياً الى العنف ويتدرج الى نوع من الجرائم، أضحى جرماً موصوفاً، نعمل على ضبطه ضمن القانون الذي نخطّط له ونعمل على إقراره.

 

إنني، وانطلاقاً من غيرتي على وطني وعلى صيغة العيش المشترك وحرصي على سيادة القانون، أسعى وجميع رفاقي المناضلين، الى البحث جدّياً عن مجموعة من النواب الحاليين لاستصدار ما نعمل لأجله قانونياً، لأنّ لدى خطورة جرائم الفتن الطائفية في إثارة الفرقة والشقاق بين ابناء الشعب اللبناني وزعزعة ركائز النظام اللبناني وتهديد وحدته الوطنية، لا سيما وانّ استهداف هذه الجريمة يحصل بتسليح المواطنين او حملهم على التسلّح بعضهم ضد البعض الآخر، وهذا الأمر لاحظناه بالامس في شوارع العاصمة، حيث يتواجد السلاح المتفلّت واللاشرعي، بات علينا فرض عقوبة السجن المؤبّد او عقوبة الاعدام ان توافرت حالياً في لبنان، في حالة تحقق النتيجة على مثل هذه الجرائم تماشياً مع خصوصيتها واعترافاً بخطورتها.

 

إنّ ما يحصل في لبنان تزامناً مع ظاهرة السلاح اللاشرعي وما يترافق من تصاريح تطالب بنزع هذا السلاح، سيؤدي حتماً الى حرب اهلية يخطط لها من هم في سدّة المسؤولية، تداركاً لإبقاء هذا السلاح مسلّطاً على جبين الشعب اللبناني. وفي حالة بقاء هذا السلاح وغطرسته، مترافقاً مع زعران منتحلي صفة سياسية، سيُسبّب الكثير من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، في ظلّ ظرف سياسي خطير، ربما سيشكّل حالة من الحرب الاهلية. وبالتالي، اصبح لزاماً علينا الاتكال على انفسنا وطلب مساعدة المجتمع الدولي على حلّ هذه المعضلة بالطرق القانونية الرسمية، لإيجاد المخرج من حكم الزعران المتفلتين من القوانين والمنتحلي صفة سياسيين.