خليل الخوري –
ساعات حاسمة امام المناورين الذين لم يبقَ امامهم كبير وقت قبل ان يباشروا تنفيذ مخططاتهم في تشكيل اللوائح ليسجّلوها في وزارة الداخلية قبل ان يدهمهم الوقت ويقفل باب التسجيل القانوني. وقد نظلم البعض ولا نكون صادقين مع الذات اذا زعمنا ان وراء كلّ تأخير مؤامرة او مناورة. فثمة تهيّب للموقف على قاعدة «اللهم أجِزْ عني هذه الكأس»! ويقيناً لو كان الجميع (وفي طليعتهم الثنائي الشيعي) يدركون، سلفاً، «اي منزلق سينزلقون» لما كانوا أقروا قانون الانتخاب الحالي، ولما كانوا قد تباهوا بهذا «الانجاز».
وبالرغم من المآخذ كلها التي تُسجل على القانون فإنّ فيه على الأقل ما يعكر صفو القيادات وسائر المرشحين أيضاً.
إنّ الاقوام تتوجه إلى صندوقة الاقتراع وليس في مقدور الاكثرية الساحقة من رؤساء اللوائح واعضائها ان تجزم بأمرٍ قاطع.
انه القانون الذي اصابهم بالحيرة بل وبالقلق الشديد…
وتلك آيته الأولى، أما آيته الثانية فهي في الصوت التفضيلي الذي قيل فيه (يميناً ويساراً) ما لم يقله مالك في الخمرة وفضيلته (اضافةً الى افضليته كونه «تفضيليا») انه لم يعد مسموحاً للناخب، في ما بعد انتهاء عملية الاقتراع واصدار النتائج، أن يواصل النق! فالصوت التفضيلي اعطى المواطن الناخب الحق المطلق في أن يختار من يراه الافضل، ولو ضمن اللائحة الواحدة وقبلا: اعطى مَن يرى نفسه الافضل القدرة على الترشّح وان يلاقي من هم على شاكلته في لائحة واحدة. وليقل الناخب كلمته.
وليس ذنب النّص أن تكون المصلحة الشخصية قد تقدمت على القناعات والمبادئ، فإذا باللوائح من «كل وادٍ عصى».
ومَن يستطيع ان ينكر ان القانون الحالي وفّر للناخب حريته المطلقة في ان يختار مَن يشاء بحرية ضمير كاملة. ولقد عاين الكثيرون الوزير نهاد المشنوق من على شاشة تلفزيون المرّ وهو يشرح، عملياً، كيفية اجراء العملية الانتخابية التي تبيّن منها أنّها في غاية السهولة على الناخب، وهي في الوقت ذاته تحمي وتصون حرية الناخب. صحيح ان القانون ليس كاملاً في هذه النقطة، اذ ينقصه من دون ادنى شك حق المواطن في البطاقة الانتخابية التي تمكّنه من الادلاء بصوته في مقرّ اقامته فلا يخضع لـ «عيون» بعض المرشحين و «غلاظة» قبضاياتهم، ولكن العملية الاقتراعية، بذاتها لا بأس بها.
أمّا اذا كان المواطن يفتقد المناعة الذاتية فهذا شأن آخر. ومن يكون كذلك ليس له اي حق في التذمر والشكوى وكما قلنا اعلاه وايضا في «النق».
وهكذا، فإن «الفضيلة» الاولى لــ «الصوت التفضيلي» أنها تثير قلق المرشحين ومرجعياتهم في الاحزاب والكتل، واذا كانت اللائحة مفروضة على الناخب فعلى الاقل هو من يفرض مرشحه «الافضل».
امّا الفضلية الثانية فهي «تفريق العشّاق»، فالقانون (وخصوصاً الصوت التفضيلي) يجعل المنافسة مزدوجة: بين اللوائح من جهة وبين اعضاء اللائحة الواحدة من جهة ثانية…
وليثبت الأكفأ كفاءته، وصاحب الشعبية شعبيته.
أما تعديل القانون بعد الانتخابات فتحصيل حاصل. ونكرر أننا نرى (بتواضع كامل) ان الحلّ في الدائرة الفردية… اي الناخب يقترع لمرشح واحد، للمساواة بين الناخبين: فلا يكون من حق مواطن ان ينتخب لثلاثة عشر مرشحاً وآخر لأحد عشر، وثالث لثمانية الخ…