ها هو قانون الانتخاب يطل مجددا بتداعياته على الساحة السياسية اللبنانية وتولد معه سلسلة من الانتقادات ومكامن الخوف لدى طوائف لبنانية لتعود المساومات على اسس مذهبية خصوصا مع تأكيد الاطراف كافة انها لا تريد اقصاء احد في لبنان، ومبدأ الاقصاء الذي مورس على اللبنانيين والمسيحيين خصوصا لعشرات السنين لم يلتفت اليهم احد بل سارت الدولة بمقوماتها المتبقية وفق مساعدة الوصي ومن سار على دربه ليعود هو نفسه ويطالب بالحماية الانتخابية مهددا بأن الكيان التابع له معرض للسقوط، ليس هكذا يمكن استيلاد قانون انتخابي كبقية الدول التي يمكن ان تتصارع على محاربة الفساد وتحقيق المشاريع انما وفق مصادر نيابية ونظرا لتنوع الموزاييك اللبناني مذاهب وطوائف كان لا بد من استعادة المقص ضمانا لعدم استئثار فئة دون اخرى بالحكم في البلاد، وتقول هذه المصادر ان مسألة وضع قانون الانتخاب على نار حامية لم يكن يوما موضوعا هناك بالرغم من مرور سنوات طوال دون الوصول الى قواسم مشتركة انما الاصح ان القانون تحت ادارة الرقيب الداخلي المتمثل بالقصقصة والاستعانة بألوان متعددة وبذلك كيف يمكن الوصول الى خاتمة سعيدة مع هكذا عراقيل؟
الاجابة لهذه المصادر تكمن في ادارة الحصص وفق الواقع السياسي الجديد الذي افرزته سلسلة من التحالفات المستجدة والتي لديها كل الحق في استعادة حقوقها وفقاً للمساواة في هذا البلد، ولا يمكن توجيه العتب الى التحالف العوني – القواتي الذي ذاق الامرين خلال العقود السابقة من التهميش، ولم يلتفت اليهما احد، فالرئيس ميشال عون كان في المنفى والدكتور سمير جعجع كان في السجن فكيف يمكن اسقاط مقولة المساواة والخوف على الكيان الآن ولا يمكن ملامستها في ذلك الوقت؟ لا شك تقول هذه المصادر في ان المسيحيين على وجه الخصوص يرون في لبنان صبياً لهم عاش في كنفهم وترعرع في احضانهم وبالرغم من ذلك تلاحظ هذه المصادر تأكيدات من كلا الحزبين ان لا اقصاء لاحد حتى ولو لنائب واحد من الاطراف الاخرى، فهل تعامل الاخرون معهم ابان الوصاية كما ينفتح المسيحيون على الجميع؟ لا يمكن مقاربة المشهد القديم واسقاطه على الواقع الحالي ليس بفعل القوة العسكرية التي يملكها كل من القوات والتيار الوطني الحر، انما حرصاً منهما على مسألة البقاء في تنفيذية الدولة كخرطوشة اخيرة في هذا الشرق الذي هجره مسيحيوه. ولكن ما الذي يرعب الاخرين من قانون قواتي – عوني يسلك دربه مع العديد من الاطراف الاخرى؟ لا شك في ان النائب وليد جنبلاط وهو اول المستغيثين جراء هذا التقارب المسيحي انما وفوق كل المعاناة التي ارتضاها المسيحيون يريدهم جنبلاط ان يتركوا له نواب الشوف وعاليه والمسيحيين منهم على وجه الخصوص كي يتم تعيينهم من قبله، فيما يعترض بقوة على امكانية تمرير نائب مسيحي لمصلحة هذين الحزبين، ان في الامر غرابة لا يمكن تبريرها، في رأي المصادر، ان يربح جنبلاط ويتلقى الهدايا ايام السلم والحرب وفي الوصاية وخلال غيابها مع العلم ان التيار والقوات هما رأس الحربة في انتفاضة 14 آذار ولحق بهما الآخرون، وعندما حان وقت القطاف يريد الزعيم الدرزي الحفاظ على مكتسبات قانون من صنع سوري وهو الداعي ان يبلع التنين بشار الاسد ويأخذه الحوت!!
وتضيف المصادر ان المسيحيين ورغم المعاناة التي كان جزء كبير منها من صنع ايديهم، الا انهم اتفقوا على عدم الخلاف مجدداً، ويبدو ان في هذه النقطة بالذات يقع بيت القصيد فالذي يطلق النار على القانون الذي ارتضاه التيار والقوات يريد اصابة التحالف وليس مجرد قانون انتخابي يتم توسيعه وشرذمته عند كل استحقاق، فالاجماع المسيحي وان كان ينقصه البعض ليكتمل المشهد برمته بات مزعجاً بحد ذاته للعديد من الاطراف السياسية التي كانت ترقص في فرح التباعد بين المسيحيين ثم تدعو الى تحقيقه، وعندما تحقق بات يشكل حسكة في زلعوم البعض!!
ومع تمسك رئيس الجهورية العماد ميشال عون مدعوماً من القوات اللبنانية وحزب الله برفض قانون الستين بات لخطاب القسم ولي عهد لن يتخلى عن والده مهما كانت الظروف، وبمعنى آخر ان لا قانون جديداً لا يراعي المكون المسيحي عن وجه حق مهما كلف الامر تؤكد المصادر، وهذا يعرفه الجميع كما يعرفون ثبات العماد عون طوال مسيرته السياسية، لذلك فان المراعاة مطلوبة، ولكن ليس على حساب مستقبل الوطن ومكوناته جمييعاً كرمى لعيون هذا او ذاك او زيادة نائب من هنا ومرشح من هناك ومخطئ من يعتقد ان المسيحيين سيتنازلون قيد انملة بعد توحدهم فاما قانون جديد او لا انتخابات نيابية وليتحمل كل طرف سياسي مسؤوليته.