هذا العلك المتمادي لمشاريع قوانين الانتخاب المتناسلة بلا حدود ولا نهاية بين المكونات السياسية اللبنانية، لن يستمر طويلا، وسيحسم في الوقت الملائم والتوقيت المحدّد. ومن المفهوم ان يحاول كل طرف شدّ اللحاف ناحيته، ولكن من المفهوم أيضا ان المسؤول عن سلامة اللحاف لن يسمح بتمزقه بين أيدي العابثين. واللحاف هو الدستور، ومن يحميه هو من أقسم على احترامه وحمايته، أي رئيس الجمهورية. والقانون لا يكون قانونا اذا لم يكن مغطى بالدستور، فكيف بقانون الانتخاب وهو أمّ القوانين وأبوها؟!
صحيح أن هذه الحالة من التأرجح والشدّ والجذب بين الأطراف السياسية تشيع جوا من الضبابية في أوساط الرأي العام، ونوعا من الاحباط في النفوس والقلق على المصير… ولكن الصحيح أيضا، ان لا ضبابية ولا احباط في قصر بعبدا. وما يجري اليوم، حدث ما هو أدهى وأكثر مرارة منه في مراحل سابقة، يوم كان سيد العهد لا يزال خارج قصر بعبدا، ومع ذلك لم يُصب بغشى الضباب، أو ينال منه الاحباط، فكيف وهو اليوم في موقع رئيس البلاد وبي الكل؟! واعطاء فترة سماح للسياسيين للنقاش والحوار حول قانون الانتخاب لعله كان لرفع العتب، حتى لا يقال لاحقا ان العهد لم يعط الفرصة للسياسيين للتوافق في ما بينهم…
القصد من أي حوار بين أطراف عديدة هو التوصل الى قواسم مشتركة، والى اتفاق. غير أن القوى السياسية أو بعضها على الأقل تعمد أن يكون التداول حول القانون المطلوب أشبه بحوار طرشان، وكل طرف لا يسمع إلاّ ما يقوله هو لنفسه، وليس للآخرين! ومن الطبيعي أن تعبّر الأطراف عن هواجسها بقصد الحصول على طمأنة أو ضمانات لاجراء انتخابات عادلة وغير كيدية… ولكن ليس من الطبيعي أن يكون القصد مطّ الوقت، وقضم الأيام والأسابيع والشهور، وصولا الى فرض أمر واقع جديد يحتّم تأجيل الانتخابات الى أجل غير مسمّى…
فترة السماح على وشك النفاد. وكل من إلتبست عليه وجهة السير في هذا العهد سيدرك لاحقا ان زمن العبث الى التلاشي. ومن مؤشرات الخفايا والخبايا انه سيكون قانون انتخاب للبنان قريب من الانصاف، قبل تاريخ الثامن عشر من آذار / مارس المقبل. والقانون الجديد سيحدّد مهلا جديدة لتشكيل الهيئة المشرفة على الانتخابات، والدعوة اليها، واجرائها في وقت مريح للبنان، في موعد ما من الخريف المقبل، أو بين أيلول / سبتمبر وتشرين الأول / أكتوبر. والغد لناظره قريب!