في الوقت الذي طغى فيه العنوان الأمني على انطلاقة العام الجديد وحضر في الجلسة الأولى للحكومة بعد نيله الثقة النيابية، شكّل العنوان الإنتخابي البند الأبرز في بيان مجلس المطارنة الموارنة الذي افتتح فيه العام 2017، حيث أطلق المطارنة الموارنة من بكركي نداءً لإقرار قانون إنتخابي جديد وعادل. وعلى الرغم من غياب البحث، على الأقلّ في المداولات الوزارية، بهذا القانون، فإن أوساطاً نيابية مطّلعة كشفت عن حراك مستمر في كواليس المراجع النيابية والحكومية والحزبية، ومن خلال اللجنة الخاصة التي تضم ممثّلين عن الكتل النيابية البارزة، والتي تبحث منذ مدة في صيغة القانون الإنتخابي المقبل.
وتوقّعت الأوساط النيابية نفسها، أن تنشط الإتصالات في الأيام المقبلة، في ضوء معلومات عن توصّل هذه اللجنة إلى ما يشبه التصوّر شبه النهائي للقانون الجديد، وبالتالي طي صفحة صيغة الـ 60 بشكل حاسم ونهائي في الإستحقاق الإنتخابي المقبل. وانطلاقاً من هذه المناخات، لفتت الأوساط إلى استمرار التواصل بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومسؤولين من «حزب الله»، وذلك في سياق إدراك زعيم المختارة أن الثنائي الشيعي هو الجهة التي تقدّم له الضمانات اللازمة على صعيد الإستحقاق الإنتخابي.
ولا يستند هذا الإدراك إلى المعطيات الحالية، بل يعود إلى استحقاقات وتجارب عدة على امتداد السنوات الماضية، وتحديداً في المحطات السياسية والإنتخابية الكبرى. ولاحظت الأوساط نفسها، أن الثنائي الشيعي الذي طمأن جنبلاط في أكثر من ملف داخلي وعنوان حزبي ومناطقي، سيكرّر هذا الأمر في الإنتخابات النيابية المقبلة، لا سيما وأن جنبلاط كان من أبرز العاملين والمشجّعين على إنجاز التسوية السياسية الشاملة التي أدّت إلى إنهاء الشغور الرئاسي وإجراء الإنتخابات النيابية وتسريع تشكيل الحكومة، بعيداً عن أية اعتراضات أو شروط أو عوائق كان في إمكانه المبادرة إلى زرعها أمام المعنيين.
وفي هذا الإطار، أكدت الاوساط أن كل القيادات والمرجعيات السياسية، وبشكل خاص رئيس الجمهورية و«حزب الله» كما رئيس الحكومة سعد الحريري، تعلم أن النائب جنبلاط يضع كل المعارك السياسية في كفة، وقانون الإنتخاب في كفة مقابلة.
وتزامناً مع الإعتراض الجنبلاطي على ملف النفط، فإن حراكه السياسي الهادف على محور قانون الإنتخاب ينطلق بقوة في الأسابيع المقبلة، حيث تحدّثت الأوساط المطلعة، عن تشكيل وفد يضم مقرّبين من المختارة للقيام باتصالات وزيارات تشمل كل القيادات السياسية والحزبية على الساحة الداخلية، لعرض وجهة نظر الحزب وزعيمه من قانون الإنتخاب الجديد. وألمحت الأوساط نفسها، إلى أن الحرص على توسيع مروحة التواصل، يأتي من كون النائب جنبلاط مستعداً للإحجام عن خوض الإنتخابات النيابية، وسيدفع بنجله تيمور إلى ترؤس اللائحة الإنتخابية الخاصة بالحزب، لكنه سيؤمن له الأرضية الصلبة التي ستضمن وصول كتلة نيابية وازنة، ولو تخلّل هذا الأمر التخلّي عن بعض المقاعد في عاليه والشوف وصولاً إلى البقاع الغربي. وتحدّثت الأوساط عن مطالبة «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بمقعد نيابي هو المقعد الأرثوذكسي في البقاع الغربي.
لكن كل هذه الخطوات لن ترتسم معالمها بشكل نهائي وحاسم إلا بعد إنجاز قانون الإنتخاب العتيد، إذ على ضوء القانون الذي سيعتمد لإجراء الإنتخابات النيابية المقبلة، سيباشر النائب جنبلاط درس كل التحالفات الإنتخابية من كل الجوانب والزوايا.