IMLebanon

اسرائيل: قوة احتلال بمنطوق قانون الحرب

 

 

 

الأمم المتحدة ومعها غالبية فقهاء القانون الدولي تعتبر اسرائيل قوة احتلال لغزة (انسحبت منها في العام 2005 واستلمتها لاحقا «حماس» في العام 2007)، ولو لم يكن لها قوات عسكرية بداخلها لأنها تسيطر على حدودها ومجالها الجوي وتزودها بمعظم حاجاتها من كهرباء ومياه وغاز وغيرها من الحاجات الإنسانية الضرورية للحياة.

هي قوة احتلال ايضا بمفهوم القانون الدولي المعاصر بسبب الحصار الشامل الذي تضربه حول غزة لأن مثل هذا الحصار صار يعتبر حربا بض النظر عن تورط الأطراف المتحاربة بأعمال عسكرية عدائية.

 

يتمثل هذا الحصار بمنع دخول المواد الغذائية والمياه والأدوية والكهرباء … ما سيؤدي حتما الى المجاعة ثم الى الموت. وهذا اسلوب حرب يحظره القانون الدولي الإنساني.

ان اندلاع الحرب بين حماس واسرائيل سواء كان اجتياحا مع ما يرافقه من تدمير وقتل او حصارا فانه يؤدي لزاما الى تفعيل قوانين الحرب التي هي احدى جوانب القانون الدولي العام فيما يتعلق بالمبرارات المقبولة لخوض الحرب وحدود السلوك المقبول في زمنها.

تتألف قوانين الحرب التي تعرف ايضا باسم القانون الإنساني الدولي من اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977 واتفاقيتي لاهاي لعامي 1899 و1907 اضافة الى اتفاقيات اخرى تتعلق بالأسلحة.

 

ترمي هذه الاتفاقيات الى تجنيب المدنيين اثار الحرب وحمايتهم من المعاناة التي ليس لها ما يبررها وكذلك حماية بعضا من حقوق الإنسان الأساسية خاصة حقوق الأشخاص الذين يقعون اسرى بيد العدو.

ان اسرائيل وعلى الرغم من انسحاب قواتها العسكرية من غزة في العام 2005 لا تزال تحتفظ بالسيطرة  على الحياة داخل القطاع. لذا ان النزاع المسلح بينها وبين اسرائيل لم يعد حربا اهلية لأن شروط مثل هذه الحرب ليست متوفرة وانما هو نزاع مسلح بين دولتين.

ان من اهم الشروط في جميع النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية هو انه يتوجب على المتحاربين التمييز دائما بين من يقاتل ومن لا يقاتل، وأن يلتزموا بعدم توجيه هجمات الا نحو اهداف عسكرية.

زد على ذلك ان على الطرف الذي يسيطر على السكان المدنيين عدم تعريضهم للخطر وعدم استخدامهم كما تفعل اسرائيل دروعا بشرية.

ان المدنيين في غزة لاسيما منهم الأطفال والنساء ليسوا اهدافا عسكرية لأنهم محميّون بموجب قوانين الحرب وفقا لقاعدة «التناسب» التي تحظر الهجوم على هدف عسكري يمكن ان يتسبب في ايقاع خسائر في صفوف المدنيين. اي ان العمل العسكري المسلح الذي يقوم به احد الأطراف يجب ان يكون متناسبا مع الغرض المقصود من وراء الحرب.

ولهذه الغاية حددت قوانين الحرب اهم ثلاثة مبادىء اساسية والزمت الأطراف المتحاربة احترامها.

المبدأ الأول: وهو انه اذا كانت غاية الحرب هي لتحقيق نتيجة سياسية كان من المتعذر الوصول اليها عن طريق المفاوضات، فانه يتوجب على الأطراف المتحاربة ان تقتصر حربهم على تحقيق هذا الهدف السياسي. لكن اسرائيل لم تكن تحارب لأهداف سياسية وانما لهدف طرد الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية وصار عملها بمفهوم القانون الدولي جريمة قتل مكتملة الشروط.

المبدأ الثاني: وهو انه من الواجب ان لا تتسبب الحرب بتدمير الممتلكات لأن في ذلك نجاوزاً لمبادىء الحرب وتؤدي الى طرد السكان المدنيين خارج ارضهم.

المبدأ الثالث: وهو لا يقل اهمية عما سبقه ينص على وجوب انتهاء الحرب بأقصى سرعة ممكنة.

ان ابشع مخالفة ترتكبها اسرائيل واكبر جريمة في حق الشعب الفلسطيني والشرعية الدولية ومبادىء القانون الدولي الإنساني هي ان الحرب التي شنتها على غزة صار عمرها عشرة اشهر وهي ما زالت مستعرة حتى اليوم وبدأت تمتد الى الضفة الغربية.

* مدعي عام التمييز سابقاً