IMLebanon

القانون كاسح الألغام  

 

قانون الإنتخاب يمكن وصفه بأنه «كاسح ألغام المحادل». إذ لم تكن لائحة من اللوائح الإنتخابية تخلو من لغم أو اثنين أو أكثر، بحسب كبر اللائحة. والألغام كانت أنواع:

 

أولاً- ألغام الوصاية. وهذه كناية عن مجموعة أسماء تفرضها عنجر على قادة البوسطات (زعماء اللوائح). وكان كل من هؤلاء يقبل (طائعاً أو مكرَهاً) أن يكون في عداد لائحته من لا دور له سوى أن يكون «عين» عنجر في الإجتماعات التي تعقدها الكتلة النيابية… أي أنهم نوع من كتبة التقارير الذين كان يتواجد أمثالهم في الحكومة أيضاً، خصوصاً أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي كان يعرفهم ولكن لم يكن في اليد حيلة، على قاعدة «العين بصيرة واليد قصيرة». ولما كان الشيء بالشيء يذكر فيحضرني ذلك الوزير الذي من سوء التقادير كنّا في وزارة واحدة، وقد كانت طبيعة عملي أنني كنت أتلقى إتصالات المندوبين من المناطق اللبنانية كافة ومن المواقع السياسية والإقتصادية والدينية كلها ليزوّدوني بآخر التطورات والمستجدات. وأحيانا كان المندوبون يتصلون بي ويصدف أنني أكون في إجتماع مع ذلك الوزير، فما أن ينتهي الإتصال حتى يبادرني «معاليه» طالباً «معلومة» عما دار في الإتصال. حتى إذا زوّدته بها (كونه رأس الوزارة) سرعان ما كان يبادر الى الإتصال بعنجر أو ببعض ضباط مخابراتها ويقدم «تقريره»، ولكن شفوياً هذه المرة… أي إنه بوقاحته وعمالته لم يكن يتورع (أو يخجل) من أن يتصل حتى في حضوري وسائر المشاركين في الإجتماع.

ثانياً- ألغام «المين ما كان». وينطبق هذا التوصيف على الذين كانوا يدخلونهم في اللوائح حتى من دون أن تكون لهم أي حيثية. فقط لأن رابطاً ما يربطهم برئيس اللائحة الذي كان النظام الأكثري يوفّر له النجاح مع أعضاء لائحته أو جلهم أو حتى بعضهم.

ثالثاً – ألغام الغمز. وتلك «الألغام» كانت تدخل في اللوائح ليس إكراماً لسواد عيونها، إنما إكراماً لسواد عيون آخرين: هنا زوجة الذي يطمح لأن يكون المرشح، أو قريبته هناك (؟!) (… ولا نزيد في هذه النقطة!).

ونحمد اللّه على أنّ القانون الجديد سيخفف من هذه الألغام وإن كان لا يلغيها كلياً. ولكنه بالضرورة يُلغي البوسطات والمحادل، وهذا في حد ذاته وضع إيجابي نسجله مهما كانت لنا من مآخذ على القانون وعلى صوته التفضيلي… وعلى تقييد حريتنا في أن نختار من نقترع لهم من غير لائحة، بعدما كان التشطيب أهم ما سقط في القانون. فالإلتزام باللائحة كاملة يَفترض وجود أحزاب «حقيقية» منظمة، فيُقبل الناخب على التصويت للحزب، وليس كما هي الحال عندنا إذ يختلط الحابل بالنابل، فإذا باللائحة الواحدة «صندوق فرجة» لما فيها من تناقضات (…) وفق ما تنبئنا به إتصالات تأليف اللوائح.