قبل أيام معدودات من الموعد المحدد للإنتخابات النيابية المقبلة، وبعد سلسلة من الترحيب العام بحصول هذا الإستحقاق المحدّد، رغم سلسلة من التوقعات السابقة واللاحقة بأن الإنتخابات الموعودة لن تحصل لما يمكن أن يواجهها من طواريء سياسية وأمنية وافتعالية، إلآ أن المطروح على الساحة العامة حاليا من أقوال واستعدادات ميدانية، يحتوي على تأكيدات شاملة مصحوبة بنشاطات إنتخابية عارمة، لم يحل دون حصولها «حتى الآن» أية عوائق ومستجدات سلبية ومن بينها، موقف تيار المستقبل ورئيسه المنسحب من حصولها والداعي إلى مقاطعتها آملا من موقفه بروز حالة ميثاقية تفرمل الأجواء الإيجابية القائمة، لجملة من الأسباب التي أفلح بعضها وغاب النجاح عن بعضها الآخر، كون السّاحة الإنتخابية السنّية لم تبادر إلى موقف موحد، ورأى البعض في حصولها سببا لسلبيات عديدة طاولت الوضع السني وفرّقته بما يترك المجال فسيحا إلى الثنائي الشيعي ومؤيديه لتحقيق اختراقات ملحوظة قد تساهم في مدّ يده وتقوية نفوذه بعدد من الهدايا الإنتخابية غير المتوقعة أساسا، وفي طليعتها حصول الشرذمة السنية على النحو الحاصل حاليا، مع سلسلة من اللواحق التي سترفع من نسبة الإمكانيات للغوص في مسالك جهنم.
وعليه… كنا حتى الآن أمام وضع عام مستجد، حافل بالإيجابيات على الصعيد العام مؤيد عموما لحصول الإنتخابات على خير وسلامة، حتى لو داخلتها بعض المواقف الهمروجية المعهودة في كل جوّ إنتخابي يسعى بكل الوسائل، الحقيقية والمختلقة، لتحقيق الفوز على خصومه الإنتخابيين كائنا من كانوا، وطالما حصل ذلك في أجواء مضبوطة أمنيا ومكتفية بالجهد الإنتخابي المسالم دونما عبث بالوضع الأمني كائنا ما كانت أسبابه وعواقبه، فإن ذلك يشكل تأكيدا على سلامة المسيرة الإنتخابية لما فيه خيرها، ولما يؤكد على فتح آفاق إيجابية أمام المرحلة العامة التي ستسود البلاد بعد الإنتهاء من تنفيذ الإنتخابات المقبلة وإطلالة عهد جديد مشفوعا بظروف إيجابية مستجدة نأمل تحققها بعيدا عن أية أحداث وحرتقات سلبية، بعيدة عن مبدأ «ما خلّونا»، ومقبلة على المعالجات الحادة في أواخر أيام العهد، مشيرين في مطلق الأحوال، إلى بروز وضع متعلق ببعض مناطق الثنائي الشيعي، حيث برزت تصرفات سلبية وأحداث عنيفة طاولت لائحة مواجهة ومجابهة لتوجهات الثنائي المذكور، الأمر الذي كان له صدى سلبي لدى مجمل اللوائح المعارضة التي تشكلت في مجمل الإمتداد اللبناني وتمثل ذلك في بيان لها أجمعت عليه وقد رافق هذا التطور المستجد، إجماع وطني عام على رفض هذا النهج السلبي كائنا ما كان مصدره، وقد سارعت أوساط الثنائي التي اتُهمت بالتحرك العنفي المذكور، وقد لمست خطورة ما حدث، إلى نفي علاقتها بالأمر الحاصل، وألقت مسؤوليته على مجمل أبناء المنطقة، دون أن يشكل ذلك تبريرا مقنعا لجموع المعترضين، لجملة من الأسباب ذات العلاقة بمناطق النفوذ وطرق مواجهتها ومجابهتها.
في مطلق الأحوال، الحادث الطاريء الذي حصل، لا يشكل تصرّفا محمودا ولا مشكورا أمام سلامة المسيرة الإنتخابية بعد أن تيسرت لها جملة من المواقف والمستجدات والتصرفات الإيجابية التي أوحت بأننا أمام معركة إنتخابية مهما قست ظروفها وتعددت مثالبها، فإن الوضع العام سيبتعد على الأرجح، عن السلبيات العنفيّة ومواجهاتها ومجابهاتها، وأن المبدأ الديمقراطي بكل أصوله وفصوله وممارساته، يُضرب في أساساته إذا ما تمَ التعرّض لأية فئة وأي توجه إنتخابي بالوسائل الردّعية والعنفية التي من شأنها في حال التكرار أن تنسف سلامة الوضع الإنتخابي، وأن تعيد البلاد والعباد إلى أحوال تبتعد بنا عن جملة من الإيجابيات بدأت بالدخول إلى الساحة اللبنانية، في إطار داعم لسلامة الوضع الإنتخابي المقبل، ولحصوله في أوضاع مقبولة ومعقولة. تبقى على القادة اللبنانيين مسؤولية إستثنائية في ضبط أي تفلّت في الأوضاع العامة خاصة في مواجهة الشأن الإنتخابي، ولن يصدّقهم أحد في حالة التملّص من المسؤوليات في إطار مناطقهم ونفوذهم فيها، خاصة بعد أن ظهرت في الآفاق معالم تطورات أمنية بالغة العنف والتطرف متمثلة بعمليات قتل فردية وجماعية، باتت تستدعي بحد ذاتها مواقف مسؤولة تتسم بتدارك رادع لكل المخاطر الأمنية التي باتت تطفو على ساحة الأحداث بكل تهديدها ووعيدها وتوقعاتها السلبية المخيفة.