IMLebanon

وضع اليد على التركة  والمورِّث حيّ يرزق!

فرحة اللبنانيين كانت عامة وكبيرة في عيد الاستقلال ال ٧٣، وكانت مزدوجة أيضا. أولا، لأن العيد يذكرهم بالانفصال عن عهد الانتداب الفرنسي. وثانيا لأن هذا العيد أتى بعد انتهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشهود له بمزايا رجل الدولة الصلب والنزيه، الذي رفع شعار الاصلاح والتغيير في تفكيره وسلوكه وخطابه السياسي طوال سنوات النضال من داخل المؤسسات وخارجها. توهّم اللبنانيون للوهلة الأولى، ان الرئيس عون عاد الى قصر بعبدا حاملا معه عصا سحرية، وكان يكفي أن يلوّح بها حتى تختفي الظواهر السلبية، وتزول العقد والرواسب من نفوس السياسيين، وينكبّ الجميع على التعاون لتشكيل حكومة العهد الأولى في أسرع وقت، فتنصرف الى العمل المجدي، وتعويض ما فات، وهو كثير… كثير!

***

صدم الرأي العام بالعراقيل المفاجئة التي اصطدم بها تشكيل حكومة العهد الأولى التي أريد لها ان تكون حكومة عيد الاستقلال، كبادرة ترمز الى ارادة التأسيس الثاني للدولة على قواعد جديدة ومعاصرة ومتقدمة في قيمها ورؤاها. ومن عادة القادة والمناضلين الشرفاء انهم يهدون أي انتصار يحققونه في السياسة أو الحرب، الى شعبهم دون تمييز بين مكوناته. والصدمة الأولى كانت هي أن بعض المكونات التي التحقت بمسيرة العماد عون النضالية في الهزيع الأخير من نضاله، سارعت الى المطالبة بتسديد الفواتير المستحقة لها في ذمته، وترجمت ذلك بالحصول على حصة منتفخة في التشكيل الحكومي الجديد، وكان ذلك أول الغيث!

***

عندما يتحوّل هذا الواقع الى قاعدة للتشكيل، يصبح من الطبيعي أن يبادر كل طرف الى نفخ مطالبه هو أيضا، وما في حدا أحسن من حدا! بدا وكأن بعض مكونات الوطن ترغب بأكثر من تسديد فاتورة تأييدها للعماد عون للرئاسة. بدت وكأنها مستعجلة على وضع اليد على التركة، والمورِّث لا يزال حيّا يرزق! وكل يوم يمضي ويضاف الى التأخير في انجاز تشكيل حكومة العهد الأولى، سيقضم قطعة من هيبة العهد الجديد، ويقود ذلك ببطء ولكن بثبات الى اهتزاز الثقة به! وهذه هي مأساة كل عريس لا يقدم على قطع رأس القط معنويا ليلة الدخلة!