IMLebanon

«لا تكنزوا كنوزاً في الأرض»

«لا تكنزوا كنوزاً في الأرض»

«السيّد المسيح»

لا اذكر متى جاء الكاردينال دومينيكو مومبرتي الى لبنان، لكنني اذكر انه امضى وقتا ليس بالقصير قبل ان يعود الى الفاتيكان ليتابع عمله «كمحافظ المحكمة العليا للختم الرسولي»، الذي يعتبر المنصب القضائي الاعلى في الفاتيكان، وان البابا فرنسيس يثق به ثقة مطلقة، وتسربت اخبار منذ فترة ان مومبرتي كلف بمهمة خاصة في لبنان، هي الاستقصاء عن وضع الكنيسة المارونية في لبنان بجميع وجوهه السياسية والروحية والمادية، وعن علاقة الكنيسة المارونية برعايها المنتشرين على كامل الارض اللبنانية تقريبا.

وسائل اعلامية عدة، ابرزها موقع «الشرق الاوسط» الذي يكتب باللغات الثلاث، الانكليزية والفرنسة والعربية، ووكالة الانباء المركزية التي تصدر في بيروت، نقلت مقاطع عن تقرير رفعه الكاردينال مومبرتي الى البابا فرنسيس عن نتائج زيارته لبنان، عرف باسم «التقرير الاسود» تضمن وفق وسائل الاعلام هذه صورة بشعة جدا عن وضع الكنيسة المارونية، حيث يكتفي بالكلام عن ضعفها وعجزها عن تحقيق اي خرق سياسي على مستوى انتخاب رئيس للجمهورية، وعن علاقة غير سوية مع القيادات المارونية السياسية، بل دخل الى عمق الخلل في الكنيسة المارونية منتقدا بشدة رجال الدين وخصوصا رؤساء الاديار والاساقفة، متهما اياهم باهمال الموارنة وخصوصا موارنة الجبل، والعيش برفاهية مفرطة، والتصرف باراضي البطريركية واتباع سياسة التمييز ضمن الكنيسة، وغيرها من الاتهامات الاخرى التي اصبحت معروفة من الجميع.

حتى الان، لم يصدر عن بكركي اي بيان او توضيح او نفي او تأكيد لكل ما كتب باستثناء اجواء مصادر كنسية نفت جميع هذه الاخبار جملة وتفصيلا، علما بان اتهامات بهذا الحجم وهذه الخطورة يلزمها توضيح من البطريرك بشارة الراعي، وليس مصادر من هنا او هناك، ونحن بالانتظار.

***

حتى يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود، ليبنى على الشيء مقتضاه، اريد ان اذكر القراء الاعزاء بمقالين كتبتهما في «الديار» الاول في 29/7/2015 اي منذ حوالى شهرين وعشرين يوما، وكان عنوانه كنيسة على مثال البابا فرنسيس، والثاني 11/9/2015 استكمالا للمقال الاول وحمل عنوان «لماذا تتخلى الكنيسة عن ابنائها».

اردت من هذين المقالين، كماروني غيور على طائفته، وكلبناني غيور على وطنه، ان ادق ابواب بكركي منبّها الى الفجوة التي تتسع بين الكنيسة وابنائها، والذنب ليس على الابناء، بل على الكنيسة التي لا تهتم الا بالمظاهر والاساقفة والعديد من رجال الدين الذين يعيشون برفاهية محرّمة على ابناء الكنيسة الذين يعانون من كل شيء، وخصوصا في المدرسة والجامعة والمسكن والمستشفى، ويهاجرون زرافات ووحدانا، ومن بقي منهم يعاني الامرين حتى لا يقع في نكبة المخدرات او خطيئة الجريمة، والكنيسة لاهية عنهم، بالنكايات والاحقاد من جهة، والبذخ والانفاق من جهة ثانية، وفات الكنيسة ان «الانسان والارض اثمن رأسمال في العالم».