لو أجّل وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان زيارته إلى لبنان لمدة أسبوع لا أكثر، لكان تسنّى له مشاهدة المقابلة المطوّلة التي أجراها الزميل ألبير كوستانيان (وكان موفقاً)، مع القائم مقام العهد النائب الفذ جبران باسيل، وفيها لم يدع المحاور باباً إلا وطرقه، كما لم يدع جبران نقطة مظلمة في السياسة الكهربائية والنفطية والإقتصادية والمالية والحكومية، والتحديثية والإصلاحية والإنمائية والمائية والبيئية والعمرانية، والإقليمية والدولية إلاّ وأضاء عليها بقوة.
لو تابع لودريان المقابلة مع جبران، لكوّن فكرة شاملة عن واقع لبنان القوي، الواقع تحت ولاية “حزب الله”، وإن أنكر “الحزب”، تواضعاً، دوره في نقل لبنان من عصر السياحة والخدمات إلى عصر العزة والإنتصارات.
كان من المهم أن يؤجل لودريان زيارته قليلاً، ليقرأ مقتطفات من أعمال البروفسور حسان دياب، وإنجازات حكومته، ولو فعل لما سمع أصداء تقريع دياب له بقوله “إن زيارة وزير الخارجية الفرنسي لم تحمل معها أي جديد ولديه نقص في المعلومات لناحية مسيرة الإصلاحات الحكومية”.
ولو علم دياب بجهل لودريان المريع لما أنجزته الحكومة في هذه الظروف المصيرية، لتصرف بشكل آخر.
إكتشف دياب أن لودريان، جايي إيد لورا وإيد لقدام، علبة شوكولا مش حامل بإيدو، وفهم منه أو بالأحرى استخلص من حديثه أن “ربطه أي مساعدة بتحقيق إصلاحات وضرورة المرور عبر صندوق النقد الدولي يؤكد أن القرار الدولي عدم مساعدة لبنان حتى الآن”.
ولو علم دياب أن لودريان آتٍ “ليتشرّط” و”ليحذّر” و”لينظّر” على سمانا، لأوكل إلى مساعده دميانوس الأول مهمة استقباله لدقائق وإبلاغه بلباقة “أن البروفسور مشغول جداً ويعتذر عن استقبالك. وانشالله بمناسبة تانية”. وتخيلوا أن يتناول دميانوس من جيب سترته الكحلية carte de visite ويتوجه لناظر الخارجية الفرنسية مسيو لودريان وهو يرتشف قهوته على عجل بالقول: “لأي مساعدة، لأي خدمة، لأي استشارة لا تتردد أخي جان إيف بالإتصال بي. وشكرا على مجيئك”.
صار عمر جان إيف 73 سنة وطالع بالـ74 ولم يسمع في حياته، لا من والده ولا من أساتذته ولا من مسؤوليه من يعيب عليه نقص معلوماته. تلقى في بيروت صفعةً لن ينساها، هذا من جهة، من جهة أخرى، بات على كل مسؤول خارجي أو أممي أن يطلع على مسيرة حكومة دياب، وعلى سيرة دياب، وعلى كتب دياب، وعلى مواقف دياب، وعلى رؤية دياب، وأن يدرس خطط حكومة دياب ويحفظها، كي لا يسمع فور خروجه دياباً يتمتم بلؤم: “هذا الرجل مش عارف شي من شي”.