كأنه لم يكفِ اللبنانيين هذا اللهيبُ الناجمُ عن الانهيار الشامل في مختلف نواحي حياتهم، حتى ضربهم لهيب الصيف الحارق الذي يطاول أصقاعاً عديدة في الإقليم وأنحاء كثيرة من العالم. إلّا أنه شديد الوطأة عندنا جرّاء أزمة التيار الكهربائي المزدوجة: من جهة كهرباء القطاع العام ومن جهة ثانية مافيا المولّدات التي تتحكم بالمشتركين، الى حدودٍ تطاول صحتهم أيضاً.
في هذه الأجواء الحارة يهلّ هلال الموفد الرئاسي الفرنسي على ربوعنا حاملاّ أفكاراً جديدة عن زيارته السابقة اذ ظهرت معطيات جديدة بين الزيارتين انبثقت من اجتماع الدوحة الذي عقدته «الخماسية»، الذي ثمة إجماعٌ على أنه فتح الباب أمام اتجاهات تتمايز عن المواقف السابقة، على ما بات معروفاً، ما يصح معه الزعم بأن موفَدَ إيمانويل ماكرون يحمل نسخة جديدة مُنَقّحة عمّا كان بحمله في زيارته السابقة التي وُصِفت، في حينه، بأنها كانت استطلاعية.
في هذا السياق بدا لافتاً العنصر الجديد الذي يتميز به الخطاب الرئاسي للثنائي الشيعي، لاسيما لجهة الإصرار على أنه «لو اجتمع العالم كلُّه لما استطاع أن يفرض علينا مرشحاً رئاسياً لا نريده». وهذه العبارة الجازمة وردت، بصيغة أو بأخرى، على ألسنة مسؤولين وقياديين في حزب الله، خلال الأيام القليلة الماضية، ما ترك انطباعاً بأن ثمة تبدُّلاً في المبادرة الفرنسية. وفي سياق موازٍ لوحظ أن إعلاميين، ليسوا بعيدين عن الحزب، وجّهوا الى فرنسا انتقاداً راوح بين الشدة واللين.
وفي تفديرنا أنه من المبكر الحكم سَلَفاً على مهمة لو دريان بالفشل، واستطراداً على المبادرة الفرنسية، لاسيما أن مراقبين لم يستبعدوا ان تُفتح كوّةٌ في جدار المأزق الرئاسي منطلقين من ترجيح دور «إيجابي» للعقوبات المفتَرَض رميُها على «معرقلي انتخاب رئيسٍ للجمهورية»، وأن كان فريقٌ وازنٌ يستبعد، في المقابل العقوبات جملة وتفصيلاً، ولا يرى في الكلام عليها والتلويح بها أكثر من كلام في الهواء.