استعداد خليجي لمراجعة البيانات التحذيرية إذا استقرت الأوضاع
يبقى كل الحراك الدائر بين المكونات السياسية في سياق تقطيع الوقت، بانتظار عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت، الشهر المقبل، تمهيداً لإطلاق «حوار أيلول» الذي وعد به، سعياً لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت، بالنظر إلى المخاطر التي تتهدد البلد في ظل استمرار الشغور الرئاسي. وبالتالي فإن عودة خطوط التواصل بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، لا تعني برأي أوساط متابعة، أن أياً منهما قد بدل في موقفه من الاستحقاق الرئاسي الذي لا يزال عالقاً تحت وطأة الشروط والشروط المضادة، في حين أن قوى المعارضة، لا تعتبر أن استئناف الحوار بين الحزب و«العوني» مفاجئة، باعتبار أن النائب جبران باسيل لا يمكنه الخروج من عباءة حليفه الشيعي لأسباب عديدة.
ولا تشير الأوساط إلى أن النائب باسيل قد يذهب في خياراته، إلى دعم مرشح الحزب سليمان فرنجية، مهما كان حجم الضغوطات عليه كبيراً، لأن الأمور برأيها ذاهبة نحو الخيار الثالث، وهو ما أصبح معلوماً لدى جميع الأطراف، وبمن فيها «حزب الله» و«العوني». ولذلك فإن رئيس «الوطني الحر» يحاول إعادة مد الجسور مع حليفه «الشيعي»، لأنه ليس باستطاعته الخروج من عباءته. وعلى هذا الأساس ليس من مصلحته أن يكسر الجرة نهائياً مع الحزب، ما دفعه إلى طي صفحة الخلافات، بانتظار تطورات المرحلة المقبلة، ومن أجل تبيت مكانته في المعادلة السياسية في العهد الجديد.
وعلى وقع تفاوت الآراء بالنسبة للاجتماع التشاوري الوزاري الذي عقد في الديمان، أكدت مصادر نيابية في تكتل «لبنان القوي» أن «خطوة الرئيس نجيب ميقاتي بجمع عدد من الوزراء في بكركي لن تغير في واقع الأمر شيئاً، لأنه ظهر بوضوح أن الرجل يحاول امتصاص غضب بكركي. وبالتالي فإن كل ما تقوم به حكومة تصريف الأعمال غير دستوري وغير قانوني».
وفي وقت لا زالت تداعيات البيانات التحذيرية الخليجية ترخي بثقلها على الساحة الداخلية، وإن لم تتأثر الحركة السياحية كثيراً بما صدر عن سفارات دول مجلس التعاون في بيروت، فإن ما رشح من معلومات بهذا الخصوص، يشير إلى أن الدول الخليجية تراقب عن كثب تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان الذي يعاني فراغاً مؤسساتياً مخيفاً، ينذر بمضاعفات لا تحمد عقباها، إذا بقي الوضع على ما هو عليه. وهذا ما يفرض على المسؤولين اللبنانيين أن يحزموا أمرهم، ويسهلوا مهمة المبعوث الفرنسي لودريان في أيلول المقبل، بما يؤدي إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت، لأنه ما عاد لبنان قادراً على تحمل المزيد من الانهيارات التي طالت كل شيء. ولم يعد هناك ما يطمئن في ظل تمدد الشغور إلى معظم المؤسسات. ما يستوجب التعامل مع هذا الوضع بأعلى درجات المسؤولية.
وكشفت معلومات «اللواء»، أنه قد تكون هناك مراجعة لبيانات السفارات الخليجية التحذيرية في مرحلة لاحقة، إذا ما نجحت المساعي في تهدئة الأوضاع بشكل كامل في مخيم عين الحلوة، باعتبار أن من مصلحة الدول الخليجية أن يستعيد لبنان عافيته، وألا تكون هناك مقاطعة خليجية للعودة إلى ربوعه. وهذا ما أكد عليه سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري الذي قال إن دعوة السعوديين لمغادرة لبنان، أتت على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة، وتشديده على ان بلاده كانت وستكون من أهم المشجعين للسياحة في لبنان. وقد جاء اتصال وزير السياحة السعودي بنظيره اللبناني، مهنئاً بنجاح الموسم السياحي في لبنان، ليؤكد على هذا الأمر، ما يفتح الأبواب أمام عودة الأمور إلى نصابها، وتراجع السفارات الخليجية عن القرارات التي اتخذتها.
وسط هذه الأجواء المقلقة على كافة الأصعدة، جاء خبر تصفية المسؤول في «القوات اللبنانية» إلياس الحصروني الملقّب بـ«الحنتوش»، في بلدة عين إبل الجنوبية، بعد عملية خطف تعرض لها من قبل مجهولين، ليخلق توتراً شديداً في البلدة والجوار، حيث أكد رئيس بلدية عين إبل، عماد للوس، أن «هناك عملية خطف منظّمة، ونحن بانتظار التحقيقات التي تقوم بها شعبة المعلومات»، مشيراً إلى أن ،«الخاطفين يظهرون بشكل شبه واضح في الفيديوهات حتى السيّارات وألوانها، ويُمكن إذا كانت شعبة المعلومات تملك تقنيات حديثة أن تتعرّف على أرقام السيّارات ووجوه الخاطفين بسرعة». وهذا ما أثار مناخات استياء لدى أهالي عين ابل والقرى المسيحية المجاورة التي طالبت بكشف الحقيقة، وتعقب الجناة لتوقيفهم ومحاسبتهم على جريمتهم.
وتعتبر أوساط سياسية أن جريمة عين إبل، الغاية منها واضحة، وهي إثارة الفتنة في هذه المنطقة الجنوبية، وإشاعة أجواء قلق وخوف لدى الناس، على غرار ما حصل ويحصل من ممارسات خارجة عن القانون، في ظل غياب مؤسسات الدولة وأجهزتها، وهذا ما يسمح بتفشي شريعة الغاب، بانعدام الأمن والأمان، ليس في الجنوب فقط، وإنما على مستوى جميع المناطق اللبنانية.