IMLebanon

زيارة لودريان… إنسحاب تحت النار 

 

 

بات محسوما ان الزيارة الثانية للمبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الى بيروت، لن تحقق اي خرق في جدار الازمة الرئاسية، كما هو مفترض بها، فطرح الحوار الوطني الذي كان لودريان يستعد لعرضه على المسؤولين اللبنانيين، سقط بالضربة القاضية خلال الاجتماع الاخير للجنة الخماسية الدولية التي انعقدت مؤخرا في الدوحة، والتي بدا واضحا انها سحبت البساط من تحت ارجل الفرنسيين، الذين كانوا متحمسين لممارسة نوع من الوصاية على اللبنانيين.

 

لكن ما قبل اجتماع الدوحة شيء وما بعده شيء آخر، من منطلق ان الغطاء الدولي الذي كان يبحث عنه الفرنسيون لتحركهم لم يجدوه، لا بل اكثر من ذلك، أُبلغوا بطريقة مباشرة ان لا مباركة وبالتحديد سعودية- اميركية لمبادرتهم، التي تقول بانتخاب سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية مقابل تعيين نواف سلام رئيسا للحكومة، كما لاي مبادرة اخرى سيطرحونها سواء قامت على الدعوة لحوار وطني او غيره، لانه بالمختصر فان حل الازمة اللبنانية لم يحن بعد.

 

وتقول مصادر مطلعة على الملف الرئاسي ان “زيارة لودريان الحالية هدفها تأمين الانسحاب الفرنسي من الازمة الرئاسية اللبنانية “تحت النار” وترتيب خروج مشرف لها، خاصة بعد كل الهزائم والخسائر التي حققتها في الملف اللبناني، منذ انفجار مرفأ بيروت عام 2020 حتى يومنا هذا، وان كان ذلك لا يعني تسليم الملف كليا للثلاثي اميركا- السعودية – قطر”، واشارت لـ”الديار” الى ان المبعوث الفرنسي “اعد خلاصة جولته الجديدة قبل انجازها، لجهة القول ان باريس بذلت المستطاع لاخراج الازمة الرئاسية من عنق الزجاجة دون نتيجة، ليُحمّل القيادات اللبنانية المسؤولية وتداعيات الارتطام المقبل، وهو ما كانت السفيرة الفرنسية في بيروت قد استبقته خلال الاحتفال الذي اقامته السفارة، ولاقى شكلا ومضمونا استياء عدد كبير من القوى اللبنانية”.

 

وتضيف المصادر: “ما يمكن حسمه ان البت بالملف اللبناني مؤجل، وهو ما يدركه الفرقاء اللبنانيين كافة، لذلك كان قد نقل ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري ابلغ عددا من نوابه انه يمكنهم “يصيفوا”، لان لا جلسات لانتخاب رئيس في المدى المنظور، طالما لا متغيرات كبيرة تؤدي لانجاز عملية الانتخاب”. وتعتبر المصادر انه “بعدما كان يُعول ان يكون شهر ايلول مفصليا في الازمة الرئاسية، بات الحديث عن مطلع العام المقبل ربطا بنهاية ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون، وما يعنيه ذلك سواء لجهة كون الاخير مرشحا اساسيا للرئاسة، او لجهة وجوب ان يكون هناك رئيس في بعبدا يكون له الكلمة الاساس بعملية تعيين قائد جديد للمؤسسة العسكرية”.

 

وكما بات واضحا ستبقى القوى اللبنانية ممسكة بأوراقها واسلحتها حتى انقضاء هذه المرحلة، متجنبة احراق المزيد من هذه الاوراق مع اقترابها من مرحلة النفاذ. لكن المصادر تنبه من ان “الاستقرار الهش الذي تشهده البلاد ويترك ترف الانتظار حتى نهاية الصيف، قد يتلاشى مع تفاقم ازمة حاكمية مصرف لبنان وتفاقم الخلاف حول السبيل الافضل لايجاد بديل للحاكم الحالي رياض سلامة”، معتبرة ان “نهاية الشهر الجاري ستكون مفصلية مع تفاقم الهواجس من تحليق سعر الصرف مع مغادرة سلامة “المركزي”، ما قد يؤدي لتفاقم الازمة الاقتصادية- الاجتماعية، يليه احداث امنية في الشارع لا يمكن الحسم اي مسار ستسلكه الامور من بعدها”.

 

بالمحصلة، الاسترخاء الدولي الحالي في مقاربة الازمة اللبنانية قد يصبح عرضة لاعادة النظر قريبا، في حال تقدم السيناريو السابق ذكره، ما سيحتم على الدول الـ٦ المعنية بالازمة اللبنانية (اميركا وفرنسا وقطر والسعودية ومصر وايران) تقديم لبنان على اولوياتها الاخرى… فهل يكون لبنان على موعد مع استفحال حرارة الصيف الحالي، يؤدي لحل في نهاية ايلول كحد اقصى؟ ام يتم سكب ماء بارد على الملفات الملتهبة، وابرزها ملف الحاكمية وسعر الصرف وقذف الازمات الى نهاية العام؟