Site icon IMLebanon

جعبة الموفد الرئاسي الفرنسي خالية من أي مبادرة تخرج الملف الرئاسي من عنق الأزمة

 

زيارة لودريان للاستطلاع وإسداء النصح للمسؤولين بأن استعجلوا في ترتيب بيتكم الداخلي

 

 

بعد يوم واحد يكون قد مضى على الشغور في سدة رئاسة الجمهورية عام وشهر، وعلى الرغم من المبادرات الداخلية والخارجية المتعددة لإخراج هذا الاستحقاق من عنق الأزمات العالق فيه، فإن هذا الملف لم يبارح مربعه الأول، وها هي فرنسا ومعها قطر كل على حدى يعيدان المحاولة علّهما يستطيعان احداث كوة في الجدار يمكن النفاذ منها باتجاه وضع حد للفراغ الرئاسي كونهما يريان ان ذلك أصبح حاجة ملحّة في هذه المرحلة الخطيرة.

اليوم ينطلق الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في زياراته وفق جدول مواعيد وضعته دوائر باريس يتضمن لقاءات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش وعدد من الكتل النيابية، حيث ووفق المعطيات المتوافرة فإن رأس الدبلوماسية الفرنسية السابق لا يحمل أية مبادرة بحد ذاتها يمكن أن يتلوها على مسامع من سيلتقيهم، وهو سينطلق في محادثاته من الافكار التي كوّنها من الأجوبة التي جاءته ردّاً على الأسئلة التي كان أودعها لدى المسؤولين في زيارته الأخيرة الى لبنان، وسيضيف على تدويناته بعض المفردات التي تحمل في طيّاتها تحذيراً شديد اللهجة من استمرار الوضع السياسي الراهن، حيث يؤدي تبعثر المؤسسات الى «كربجة» الوضع اللبناني بكل مستوياته، وهو سيؤكد أيضاً على اهمية انتخاب رئيس للجمهورية الذي في اعتقاده وفق ما نقل عنه اصبح مطلباً خارجياً أكثر منه داخلي، بعد اندلاع الحرب على غزة، لأن ذلك سيتيح للبنان لعب دوره في أية تسوية مقبلة.

 

ومما لا شك فيه أن كبار المسؤولين اللبنانيين فوجئوا بكلام لودريان الذي قاله في حديث مع إذاعة «فرانس انفو» الفرنسية، والذي أعلن فيه انه سيعود الى لبنان قريبا لافتاً الى انه ليس مطمئنا الى الوضع في لبنان نظرا للأحداث الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، والحرب تطرق أبوابه ولا يوجد رئيس للجمهورية والمجلس النيابي لا يجتمع، لذلك من الضروري التخلّي عن عقلية المنافسة وانتخاب رئيس للجمهورية.

هذا الكلام لرأس الدبلوماسية الفرنسية الأسبق شكّل مفاجأة للبنانيين المنشغلين بكل شيء إلّا بانتخاب رئيس للجمهورية، وقد انقسمت الآراء حول ما يمكن أن يحققه الموفد الرئاسي الفرنسي، فثمة من يعتقد أن كرسي الرئاسة ستبقى شاغرة في ما تبقّى من هذا العام، وهم يرون أن زيارة لودريان مجرّد تعبئة وقت، مع إمكانية أن تحمل في ثناياها ضغوطات فرنسية بضرورة تبريد جبهة الجنوب والحؤول دون توسعة إطار الحرب مع إسرائيل.

 

ويعتبر هؤلاء ان ظروف انتخاب الرئيس لم تنضج بعد لاعتبارات متعددة أولها أن المناخات السياسية الحالية لم تختلف عن المناخات التي كانت موجودة خلال زيارات لودريان السابقة، ولم يطرأ عليها أي تعديل يذكر من أي طرف، لا بل ان التطورات التي حصلت في الآونة الأخيرة يمكن أن تؤدي ببعض الأطراف ليصبحوا أكثر تشدّداً في مواقفهم، كما يوجد اعتبارات خارجية ليس أقلّها ان الإرادة الدولية ما تزال غير متوافرة بشكل جدّي لانتخاب رئيس، وإن كان هناك من يقول ان تحرك لودريان هو بدفع قوي من «اللقاء الخماسي» أي أميركا وفرنسا والسعودية وقطر ومصر.

وانطلاقا من هذا، فإن زيارة لودريان لن تتعدّى دائرة الاستطلاع وإسداء النصح للمسؤولين بأن استعجلوا في ترتيب بيتكم الداخلي انطلاقا من انتخاب رئيس، لكي لا تبقى أبوابكم مشرّعة وغير قادرة على تجنّب الرياح العاتية التي تعصف بالمنطقة، ولكي يكون في مقدوركم الالتحاق بركب أية تسوية محتملة بأقل ضرر ممكن ، وهو لن يحمل في جعبته أي مقترح فرنسي محدد حول الملف الرئاسي، ادراكاً منه ان ما لم تستطع باريس تحقيقه على مدى الأشهر الماضية لن تستطيع تحقيقه لوحدها الآن، فالدور الفرنسي في المنطقة لم يعد ذاك الدور المؤثر في احداث المنطقة، والدليل على ذلك غياب أي أثر لقصر الاليزيه تجاه ما يجري ان في غزة أو الجبهة الجنوبية.